آخر الموثقات

  • أصعب لحظات حياتي
  • ذكري رحيل الكاتب الكبير العقيد جلال عامر
  • المكاسب السياسية أهم!
  • قيل ظلمتهم الصواعق
  • طرقاتكم العامرة
  • لا تهاجموا الأردن
  • بالدم ....نفديها
  • كبد الحياة
  • مواعيد عرقوب
  • من الآخر كده
  • ذاكرة على جليد يحترق
  • عندما تفقد الدول العربية ريادتها الثقافية ومكانتها الأدبية
  • نظرية المؤامرة،، كبسولة
  • لِمَ لا
  • سلام اللَّهِ عَلَيْكَ يا مهموم
  • استمتع بحياتك
  • سأنتظركَ اليوم أو غدًا
  • 100 ساعة لا تكفي مستر بيست
  • معونات الإملاءات،، كبسولة
  • دواعي الشعور..
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة علي الفشني
  5. اينما تكونوا يدرككم الحب - الفصل الثالث

مرت أيام وليالي وعمرو يصارع نفسه ما بين مؤيد لحبه لسامية بكل ما تحمله من تبرج واسفاف وما بين رافض لهذا الحب الذي يعترض عليه بشده والديه واخوته وفي غضون هذه الفترة نسى عمرو نفسه تماما وأحاطه اليأس من كل جانب فأعفى لحيته ونذر الصوم عن الكلام قربانا بين يدي أزمته واعتكف بحجرته الصغيرة بداخل مسكنة زاهدا في كل شيئ لا يتجاوز عتبة مسكنه الا لاداء صلاة الجمعة وهذا الامر كان يطفئ نار الحيرة وقلق والديه على سبيل انه سوف يجد راحته حتما في الصلاة وربما يجد ضالته التي من اجلها أهمل نفسه وبالفعل صدق ظن أبيه فعقب صلاة الجمعة جلس عمرو مع امام المسجد وقص عليه قصته فتبسم امام المسجد ضاحكا وقال:

ـ الحب عاطفة تصرف في كل العلاقات الانسانية .. الحب كالماء خلق منه كل شيء حي ليس بعيب ولا حرام ولكن الحب اذا ولد يا ولدي لابد له من استخراج شهادة ميلاد حتى لا يظل لقيطا وشهادة ميلاد الحب هي الزواج 

ثم قدم له النصيحة قائلا:

ـ عليك بالزواج يا ولدي ممن أحببت ان استطعت الى ذلك سبيلا وان لم تستطع الباءة فعليك بالصوم فانه جنة

وتلقى عمرو هذه النصيحة كأنها تذكرة دواء صرفها الطبيب له وومض له الحل لمشكلته فأداره بمخيلته:

ـ الحل هو الزواج وبوسعي ان أجعلها كنز أفخر باقتناءه وبوسعي ان شاء الله أن اجعلها ملحق لأعمالي الصالحة  

ثم همس عمرو كأنه يحاور نفسه:

ـ طبعا أستطيع لاني احمل في صدري خيرا كما ان الحب يصنع المعجزات .. نعم الحب يصنع المعجزات

وانطلق عمرو الى أبيه ليخبره بما استقر في وجدانه حاملا براحتيه مشعل الحب عسى سناه ان يضيئ دربه ولما قدم الى البيت خلص الى أبيه نجيا وأخبره بكل ما يجول بخاطره فضمه أبوه اليه حتى بلغ منه الجهد وهمس في أذنه:

ـ ولتعلم يا بني اني لن افرض عليك رأيا ولكن لك علي النصيحة 

قال ذلك ثم أمسك برأس عمرو براحتيه وقال حانيا:

ـ الزوجة يا ولدي تربة لغرس عمرك في الحياتين الاولى والاخرة فانظر في أي أرض تغرس بذرتك .. لن أقول لك أكثر من ذلك وأسأل الله ان يهديك ويرضيك

وبهذه الرسالة الابوية سكن روع عمرو قليلا فأمسك بكف أبيه ثم أودع به قبلة حب واعتزاز ورمقه بنظرات حانيه ثم همس قائلا:

ـ أبتاه .. يقيني ان رضاك عني يقيني .. حسبي ان رضاك حجاب يحفظني من كل ذي شر .. ويقيني ان برك هو سفينة نوح وحبك لي هو عصى موسى 

ثم أردف قائلا:

ـ ولتعلم يا أبتي أنني سأظل لك ما دامت السموات والارض ابنا تفتخر به 

وبالفعل تم عقد القران على غير رغبة اخوته ولكنهم نزلوا على رأي أبيهم وساهموا جميعا في اتمام اجراءات الزواج وقد ابدوا اعتراضهم ضمنيا حيث امتلأت وجوههم بالكآبة واستوطنهم العبوس وأخذ عمرو يتردد على مسكن سامية بصفته عاقد قرانها وكثيرا ما اختلا بها واستمتع بها ما دون موضع الحرث .

وذات يوم خرجا معا بذراعين متعانقين فالتقيا بمحمد أخو عمرو الكبير وأسرته الصغيرة زوجه وابنه الصغير فمر بهما كأنه لم يراهما وقد لاحظت سامية محمد أخو عمرو وهو ينهر ابنه الصغير بشده عندما أومأ بسبابته الى عمه عمرو ونادى عليه وشفتاه منفرجة عن ابتسامة عريضة:

ـ عمي .. عمي .. عمى عمرو

ولكن محمد مر واسرته مرور السحاب يحركه الثأر للعادات والتقاليد يصارع قوتان عظيمتان قوة حبه لأخيه وبره بأبيه وقوة الحفاظ على التقاليد والعادات وسمعة العائلة وكان هذا السلوك بمثابة الجزوة التي أضرمت النار في قلب سامية فثارت ثم أدبرت تسعى نحومسكنها ولحق بها عمرو يهدأ من روعها ولكن بدون جدوى فقد تملكها الغضب واستحوذ عليها الشيطان وأثار الغبار الراقد في أعماقها فاستخرج أسوأ ما فيها فشاهدها عمرو بعين الحقيقة خالية من أي زيف وقد أنساه الحب فيما قبل ان السطح مرآة للقاع وان الارض البور لا تنبت شيئا وما زال عمرو يستغشي ثوب حبها ويستمر في وضع بصره في غمده وكأن هذه العاصفة من الانفعال الغير لائق مجرد نسمة عابرة هيجت بعض الغبار المتراكم وشرع عمرو يبوح لها بسر أسرته معللا ما بدر من أخيه:

ـ ان أسرتي لا تبغض أحدا لذاته ولكن تبغض سلوكه المنافي للتقاليد 

فالتفتت اليه سامية ورمقته بنظرات حداد:

ـ وما هو إذا سلوكي المنافي للاخلاق .. ثم أجبني أوانت كذلك تبغض سلوكي كسائر أسرتك .. ولماذا تزوجتني اذا .. أجبني اذا سمحت

فكان جوابه على الفور:

ـ والله الذي لا اله الا هو أني أحبك وأشهد الله وحملة عرشه وملائكته وجميع خلقه أني أحبك .. أحبك .. أحبك .. رغم تحفظي على بعض السلوكيات ولو لم أكن كذلك لما أقدمت على زواجك 

ثم أردف قائلا:

ـ أحبك يا سامية وسأجعل من حبي رسولا لهدايتك

ـ أنت اذا كسائر أسرتك أي ضلال أنا فيه حتى أهتدي

ـ على رسلك حبيبتي لم أقصد هذا المعنى ولكني أقصد أنني سأجعل من حبنا ومضة يضيئ سناها حياتنا 

وكان والد سامية قريب منهما فاسترق بعض السمع منهما وأقبل عليمها موليا وجهه شطر عمرو ثم تبسم قائلا:

ـ عمرو يا ابني .. المرء على دين خليله .. وانت رضيت بسامية ابنتي صاحبة لك فلابد ان تتطبع بطباعها ولابد لهواك ان يوافق هواءها

وكان حديث والد سامية بمثابة وخزة انتبه لها وجدان عمرو وأضاءت أركانه بحقيقة كان يغفلها عبر عنها قائلا:

ـ صدقت يا عمي .. لابد للروحي ان تماثل روحها فالارواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف 

ثم التفت عمرو الى سامية بعد ان نزع من على عينيه غشاوة الحب ثم تجلد قائلا:

ـ بالحب تتزاوج الارواح وتتماثل فرغم اني لا أشبهك وانت لا تضاهيني في شيء ولكني أحببتك من كل قلبي وأصبح فؤادي فارغا الا منك وتزوجتك بغير رضا من أهلي ولكني عاهدت ابي وعاهدت نفسي ان أعرج بك سلم العادات والتقاليد ونرتقي معا 

ثم تنفس الصعداء وأردف قائلا:

ـ أرجوك يا سامية ساعديني في تحقيق ذلك واجعلي حبنا يبرم هذا الرباط بيننا والذي سحله الاختلاف بيننا ذرينا نذوب في بعض ونصبح شيئا واحد 

 *** *** ***

واحتدم الخلاف بين عمرو وسامية وأصرت سامية على موقفها فكان الحب لديها مجرد وسيلة تبلغ بها مرادها وهو الزواج فلم تكن تحب عمرو لذاته ولكنها أحبته لكونه زوج مناسب تستكمل به وضعها الاجتماعي ونظرت اليه من علياء جمالها وأوضحت له على حد ظنها في حوار دار بينهما انها تنازلت وأثرت حبه على طموح والديها وحلمهما بزواجها من رجل ثري وطلبت منه ان يقدم هو الاخر بين يدي حبهما تنازلات تليق بهذا الحب ومن وسط الغبار الذي أثاره الخلاف بينهما بعد ان حمي وطيسه برزت سامية بحقيقتها التي توارت خلف حياءها المصطنع فقالت غير عابئة بما تقول:

ـ ولتعلم يا عمرو اني أثرتك على كثير ممن يفوقوك وصفا وكم صارع قلبي هواهم ولكن هواك غلب لانك تتمتع بشيء يفقدونه جميعا تتمتع بالطيبة ولأنك تشبه ابي في طيبته

فتعجب عمرو ووجم هنيهة ثم انفرجت شفتاه عن ابتسامة مفعمة بالدهشة وردد عدة مسائل كأنه يحادث نفسه:

ـ أما كان قلبك في هوايا بكرا .. أوأنا شبيه أباك في طيبته .. ويح قلبي من هوى أضله كثيرا 

قال ذلك ثم رمقها بنظرات حداد:

ـ لن أكون كأبيك عنكبوت ولن أسمح لنفسي ان تكون زوج لانثى العنكبوت 

ثم أخذ يردد بصوت مرتفع كأنه يريد ان يسمعه أحد:

ـ ان أوهن البيوت لبيت العنكبوت .. ان أوهن البيوت لبيت العنكبوت .. ان أوهن البيوت لبيت العنكبوت .. ان أوهن البيوت لبيت العنكبوت ..

وبالفعل تم الطلاق قبل ان يبني بها وتبدل الحب بينهما الى عداوة وتزامن مع حادثة الطلاق ان قام شخص مجهول ربما يكون أحد ضحايا جمال سامية أو مجنون هواها بالقاء مادة كاوية بسماء وجهها فتحولت صحوة ضحاها الى عتمة ليل لا يغادره المحاق وتشوه الوجه الحسن واصبح كمضغة لحم سقطت من فم جرو وتحول وجهها من بدر تزيل رؤيته الهم والحزن الى مسخ يملأ من يطلع عليه الرعب ويجعله يفر هاربا وانطفأ نورها التي كانت تعتقد أنه لا يخبو وانهارت تماما وتغشتها روح الانتقام ولم تمهل نفسها بضعا من الوقت تراجع فيها ضحاياها ومن منهم يجرؤ على فعل هذا وعلى الفور وجهت الاتهام بدون ادنى تفكير الى عمرو ليس يقينا منها بذلك ولكن انتقاما من عمرو واستشعارها بالضياع فقد فقدت جمالها الذي يعد رأس مالها وكذلك فقدت زواجها التي كانت تحلم به ولم يلبث عمرو يسمع بخبر سامية وما الت اليه حتى تم القاء القبض غليه وايداعه في السجن على ذمة التحقيقات في القضية ولبث عمرو اسبوعا كاملا في غيابت السجن يحتسي ظلم الانتقام الى ان تم اخلاء سبيله بكفالة مادية على ذمة القضية ولم يمهله ابيه ان يكتوي بعقوبة جريمة لم يرتكبها فقرر ان يسافر الى المملكة العربية السعودية لاداء العمرة بمكة المكرمة ثم يمكث بها عند أحد أصدقاءه الذي سيساعده في توفيق أوضاعه والالتحاق بوظيفة مناسبة له لحين الانتهاء من القضية التي اتهم فيه ظلما وعدوانا.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

580 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع