من ميدان الجيزة يتفرع شارع الصناديلي الذي كنت اسكن فيه وانا طالب بالجامعة في حقبة الستينات ويتفرع منه شارع قزم لكن اسمه فخم (الليثي الحكيم) نسبة الي مسجد متهالك الجدران وكان خطيب الجمعة فيه يجمع الكلمات كي يرصها علي طريقة الممثل محمد رضا وفي النهاية كنا نفهم ما يقصد وكنت اقصد هذا المسجد عند الضرورة القصوي وبعد تخرجي كنت ازور الحاجة عيشة رحمها الله التي كنت اسكن عندها وذات مرة اخبرتني ان المسجد انهار علي المصلين في صلاة التراويح والوحيد الذي نجي هو الشيخ احمد خطيب المسجد
.....شارع الصناديلي سمي بهذا الاسم نسبة لرجل من اعيان الجيزة ولما توفاه الله جاءوا بالشيخ محمد رفعت ليقرأ القراَن في مأتمه وبلغ من حلاوة الصوت الكرواني للشيخ الكفيف ان الناس لم يجلسوا علي مقاعدهم بل ظلت واقفة امامها منفعلة ومسرورة حتي ان ابن المتوفي صاح في الشيخ رفعت (ميصحش كده يا شيخ رفعت) يعني باختصار عايزه يقرأ بصوت وحش (مثل صوتي) حتي يكتئب الناس ويجلسون مكتئبين حتي يعم الوقار ارجاء الجنازة
........وفي شارع الصناديلي كان يسكن معلم ومربي فاضل بلدياتي وهو الاستاذ عوض ابو العز وفي احدي ليالي رمضان زرته في بيته وتصادف ان دخلت علينا ابنته فاطمة مدررسة بمدرسة الصم والبكم ومعها زوجها وكانا مبتهجين فقد اتوا لتوهما من عزومة علي الفطار حيث عزمها زميل كفيف وزوجته الكفيفة في بيتهما وقاما برص الاطباق والمشروبات وكان يسيران من المطبخ الي ترابيزة السفرة في طريق معلوم لا يخطئانه ابدا ولم يقبلا اي مساعدة من فاطمة وزوجها .......واستاذنت بالانصراف مندهشا وتصادف وجود سلمة من السلالم متاَكلة وليست مكتملة اعرفها جيدا ولكن هذه المرة وجدتني اطير في الهواء لأجلس علي السلمة الاخيرة وحمدت الله انه لم يرني احد
........سألت زملائي في شقة الطلبة عن ترزي للقمصان فاستغربوا كيف لا اعرف محمد الترزي في شارع الصناديلي فذهبت ودققت الباب ودفعته باذا بمحمد الترزي يبتسم ويشير بيده لاجلس دون كلمة وهو رجل فخم طويل القامة عريض المنكبين وسيم ثم اعطيته قماش القميص فأحضر لي كراسة وقلما وبدأ يمارس قياس الاطوال علي صدري ثم يضع يده علي المقاس كي اسجله ثم اشار لي باصبعه فهمت منها ان اسجل اسمي ثم اخرج لي سبعة اصابع علي يديه استلم القميص بعدها وكنت مستغربا جدا منه وتبين لي انه ابكم واصم ....سبحان الله
..........شارع الصناديلي صديق ذكرياتي يفصله عن نهر النيل ما يزيد عن مائتين مترا تقريبا ذلك المكان الذي توقف علي شاطئه الصندوق الذي يحمل الطفل الرضيع موسي وتحنو عليه سيدة مصر الاولي زوجة حاكم مصر الفرعون وترجو زوجها الا يقتلوه لتربيه في بيتها وتقول له
(قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسي ان ينفعنا ) ٩ القصص
.........لما كبر موسي قام بفض مشاجرة بين واحد من قومه (بني اسرائيل) وبين مصري وتسبب في قتل المصري وبحثوا عنه ليقتصوا منه ويأتيه مصري قادم من اطراف المدينه ينصحه بالهروب
(وجاء رجل من اقصي المدينة يسعي قال يا موسي ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج ) ٢٠ القصص
......ايه حكاية المصريين ؟!
عندما عاد موسي من مدين متزوجا وناداه الله علي ارض مصر بجبل الطور بسيناء وكلفه الله بالرسالة كي يدعو فرعون والمصريين بعبادة الله الواحد واراد القوم ان يتخلصوا منه ويقتلوه وسبحان الله يهب واحد مصري من اقارب فرعون مؤمن بموسي ويجاهر بايمانه ويحذرهم من قتل موسي
(وقال رجل مؤمن من اَل فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله )٢٨ القصص
.......يعني مصر مليانه ناس عندها ضمير وايمان ؟
.....قبل موسي بمئات السنين احتل الهكسوس مصر ويرفض الشعب المصري الاحتلال ولم ينحت اي تمثال لأي ملك من الهكسوس وتجد مصريا يشتري غلاما من ارض الشام ويوصي زوجته عليه
(وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته اكرمي مثواه عسي ان ينفعنا او نتخذه ولدا )٢١ يوسف
ليصبح الغلام عزيز مصر ونبيا
.........وأي بلد محتلة يقل فيها الحياء وتتدهور الاخلاقيات ورأينا ذلك لما كبر يوسف في قصر عزيز مصر وحدث لزوجته هلوسة اخلاقية نحوه ووجدنا ان ستات مصر فضحوها علي السوشيال ميديا و (جرسوها) علي الملأ
(وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا)٣٠ يوسف
..........احبابي مصر بلدنا اصيلة باخلاقها فما الذي جري ؟!...حتي تصير اكتاف المذيعات عريانه ..والفنانات يستعرضن ملابسهن الداخلية في المهرجانات !!
..لم تعد الام تنصح بنتها حين تخرج للشارع ولا الأب يربي ولده كما يجب
.....عندما تتجه مراكبنا الي جنوب مصر في بلاد النوبه نجد ابا مصريا يربي ولده ويدعوه لعبادة الله الواحد وان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وينصحه بالصبر في حياته وبالتواضع وعدم الجعير الجعير الحماري انه لقمان الرجل الصالح
(واقصد في مشيك واغضض من صوتك ان انكر الاصوات لصوت الحمير )١٩ لقمان
اخوتي واحفادي ربنا يهيئ لنا عمرة كي نمشي سويا ونهرول سويا بين الصفا والمروة كمثل ملايين البشر من بقاع الارض بسبب الست المصرية المحترمة العفيفة الاصيلة التي حافظت علي نفسها وعلي ابنها في صحراء مكة
1
-1
