ثم رقت قلوبهم لي؛ فوضعوني ها هنا خلف تلك الجدران الفولاذية، كانوا يبغون حمايتي من قسوة هذا العالَم المتحجر، فيالطيبتهم..!! ثم وضعوا لي هذا المقعد الوثير خشية أن تؤلمني تلك الأرضية الحجرية الجافة، فيالأحاسيسهم المرهفة..!! ثم نادى منادٍ فيهم أن أنفذوا إليها شعاعًا من نور الشمس كي لا تحيا في دياجير الظلام؛ فشرعوا -أثابهم الله عني خيرًا- ينحتون الصخر بأيديهم؛ كي أحظى أنا بضوء النهار، فيالرقتهم...! ثم انتبه كبيرهم لأمرٍ جلل فنادى فيهم -لا فُض فوه- أن احذروا..! ولا تنسوا وضع قضبانٍ حديديةٍ على تلك الفتحة التي اصطنعتموها، لا نريد لها أن تتعرض لأية أخطار قد تحيق بها من جراء ما تصنعون، فامتثلوا له بغية حمايتي.
ثم تركوني ها هنا أحيا خلف تلك الجدران حياةً رغدةً كما ترون: أعيش، أتنفس، أمارس حقوقي الإنسانية التي استنوها لي، أراقب شعاع الشمس يصنع لي وجوهًا عدةً على أرضية حجرتي الفسيحة، فلا أدري كيف أعبر لهم عن عظيم امتناني لصنيعهم..
فهلَّا يخبرني أحدكم كيف أفعل؟
أستحلفكم بالله أن تخبروني، فأنا عندما أمتن لأحدهم أعجز عن الكلام، غير أني أفعل.. وأنفذ فقط، وصدقوني حين أخبركم بأنكم وقتها لن تتمنوا رؤيتي أنفذ ما أبتغيه.
معذرةً فلم أخبركم في بادئ الأمر أني جئت ها هنا جراء أني كنت أعبر عن مدى امتناني لبعضهم، لذا.. فلتحذروا امتناني هذا.