المفتشون فصيل من مكونات المجتمع، يشاركوننا تفاصيل الحياة رغمًا عنا، شئنا أو أبينا، أثبتت الدراسات والتجارب السريرية أن ضحاياهم كثيرون وهناك البعض ممن يقول إن البعض قد استطاع النجاة منهم فلا يجب علينا أن نستبق الأحداث وعلينا أولًا التعرف عليهم ربما أقول ربما ولا أجزم بذلك، ربما نستطيع أن ننجو من بين مخالبهم.
المفتشون هم من يبحثون عن أخطاء الآخرين وربما من الأفضل لو قلنا أنهم يفتشون عن أخطاء جميع من حولهم بلا استثناء، مهما كبرت أو صغرت تلك الأخطاء بأعين الناس فهم يحبون إلقاء الضوء على عثرات وهفوات من حولهم لتضخيمها والتهويل والتحذير والتخويف منها.
هم يا صديقي فصيل لا يفنى ولا يستحدث من العدم، يسلمون الراية لبعضهم البعض جيل من بعد جيل.
لا صبر لديهم على كشف المستور، من أسوأ عيوبهم أنهم ورغم حرصهم الشديد على عدم كشف أمرهم ألا أنهم واضحون للعيان بل هم أقرب ما يكون لنمط المخبر السري بالأفلام المصرية القديمة الأبيض والأسود، لا ينقصهم سوى البالطو الطويل والصحيفة تحت الإبط.
كذلك عدم قدرتهم على تحمل جهل مالا يعلمونه، لذا فهم يبذلون الغالي والنفيس حتى ولو على حساب كرامتهم لهتك عرض خصوصية من حولهم.
ستجدهم بالعمل يحملون لقب العصفورة لمَ لا وهم يحلقون ويرفرفون بأجنحتهم من حولك في كل مكان وعلى وقع أقوالك وأفعالك تصدح حناجرهم بالزقزقة والغناء.
سوف تجدهم بالفصل والدرس والجامعة ينقلون عنك كل ما يؤذيك سواء لأصدقائك أو أساتذتك وببعض الأحيان لوالديك يفتشون عنك وينقلون سرك بنية حمايتك من سوء صنيعك بينما هدفهم الأساسي تلويثك وتحقير من حولهم .
ستجدهم بالمواصلات ودون سابق معرفة ولا إراديًا يتنصتون على أحاديثك الهامسة، يرهفون السمع لمشاعرك الدفينة ولا يتورعون مشاركتك محادثات الواتساب والماسنجر من خلال نظرة خاطفة أو التفاتة طويلة، حتى إنهم قد يشاركونك الحديث أو يقدمون لك النصح أو الإجابة لترد على من يشاركك الحديث بالطرف الآخر، يفعلون ذلك متطوعون وبلا سابق إنذار.
ولا يهم أبدًا رد فعلك فالأهم بالنسبة إليهم إرضاء غريزة التفتيش المهيمنة على عقولهم اليقظة والباطنة وببعض الأحيان بلا وعي منهم.
بعضهم يا صديقي لن يتورعوا عن تفتيش صفحتك على الفيس بوك حتى أنهم قد يعودون لمنشورات تعود لسنوات سابقة عساهم يجدون لك سقطة أو خطأ ما داخل متصفحك، هذا النوع بالذات من المفتشين يمتلكون كل الوقت فيفتشون بلا كلل أو ملل حتى تجدهم يقولون محدثين أنفسهم وقد لمعت أعينهم بتلك اللمعة الأيونية المضيئة والتي لا تدركها إلا عين خبيرة ومفتشة مثلهم وهم يقولون تلك العبارة الساحرة وجدتها وجدتها وهم بالطبع لا يقصدون قانون الجاذبية إنما يقصدون أنهم وجدوا هفوة أو خطأ ما من خلال بوست أو تعليق أو حتى صورة تمكنهم من فضح كاتب المنشور أمام زوجته أو كاتبة التعليق أمام زوجها وكشف ذلك أمام الجميع.
المفتشون يا سادة يمتلكون الحاسة السادسة والسابعة والتاسعة والسابعة عشر تحركهم غريزة التتبع، يتبنون نظرية المؤامرة، مهمتهم نزع رداء البراءة عن جميع من حولهم ليظلوا هم فقط الأبرياء.
بالنهاية عليك الحذر كل الحذر من هؤلاء المفتشين فهم مرضى نفسيون يشعرون بداخلهم بالنقص والدونية لا يستحقون منا إلا الشفقة، بنفس الوقت لا يستحقون شرف الصحبة أو المرافقة فكلما ابتعدنا عنهم ازدادت فرص النجاة ومحاولة العيش ما بقي من العمر في هدوء وسلام.