هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • الأذى النفسي صعب.. ولا يسقط بالتقادم.. 
  • سألت الليالي
  • بيني وقلبي عَهدٌ ومِيثاق
  • عايشت ُ وجهك..
  • علوم الطب التجديدي
  • حوار مع زعفرانة ٨
  • لن نسمح للتاريخ بتكرار نفسه
  • تجربة النشر الأولى
  • صبر الأنتظار..
  • ميل هواك ِ ..
  • حوار مع زعفرانة "7"
  • تجاعيد على حجر من ذهب
  • رسالتك الأخيرة 
  • قريه السعداء 
  •  عايزه أقولكم سر
  • ستجبرون -2
  • اللا عشق
  • و مشت تتغنج
  • طفلة 
  • خيال
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة أمل زيادة
  5. الكابوس

انتهى اليوم الدراسي كالمعتاد، في تمام الثانية والنصف بعد الظهر، توسطت السماء كبد السماء، ترسل وابلًا من لهيبها المحرق، تلفح به وجه المعمورة الغاضب ،الناقم من هذا الجو الخانق..

سار محسن كبقية أترابه موليًا وجهه شطر قريته، حيث يستقر منزله هناك. مخلفاً وراءه المدينة العامرة بمبانيها الشاهقة، بحدائقها الجميلة بشوارعها النظيفة المصفوفة الجانبين بأشجار غاية في الإبداع..

قابله الطريق بوجه عابس، ناقم على تحدي الشمس واستقلالها الصارم .. في هذا الجو، ووسط قوافل السيارات الرائحة والغادية، وسط غبارها المتناثر من حوله. سار في طريقة يتصبب العرق من جبينه وسالت خيوطه اللزجة مبللًة وجهه الملوث بغبار السيارات العالق بالهواء حوله.

عرج محسن عن الطريق الزراعي، إلى مدخل قريته متثاقل الخطى،سار في طريق طالما احتضنته قدماه زمنًا ..واصل سيره إلى أن وصل منزله الكائن بإحدى الحواري الضيقة المتداعية البنيان.

 طرق الباب وما إن دخل حتى نزع ملابسه المبللة بالعرق المشبع بالأتربة. وتوجه من توه إلى السرير. ملقياً بجسده المجهد في استرخاء بغية الراحة بعض الوقت .. ولكن النوم لم يداعب جفنية، رغم تعبه الشديد، شرد بعيدًا.

 رأي مستقبلًا باهرًا، طالما انتظره وتمناه. رأي السعادة تلفه بردائها الفضفاض. رأي ما لم يحلم به يومًا من الأيام. ها هو كابوس الثانوية العامة شارف على الانتهاء، غدًا سيصبح في الكلية ويعيش في المدينة، بالقرب من جامعته، لن تُدمى قدماه بعد الآن من السير على الطريق الزراعي الطويل من المدينة للقرية ومن القرية للمدينة زهاء ثمانية أشهر أو يزيد. لن.. لن... لن ...!!

هكذا مضى في أحلامه حتى غلبه النوم فراح في سبات عميق.

أخذت بشائر الليل تقبل من بعيد، بدأت الشمس في الانزواء ، توارت الطيور، وبدأت تقصد مخدعها والرجال يتركون أعمالهم. ويتوجهون لمنازلهم فمنهم الفلاح جارًا جاموسة وبقرة. والعمال وآخرين، و آخرين ...ومع كل هؤلاء بدأت جيوش من البراغيث تزحف كالحية تجاه القرية باحثة عن رزقها من هنا وهناك..، 

فزع محسن اثر لدغة برغوث آلمه، فأزبد وأرغى ألمعت عيناه متوعد شرًا بذلك البرغوث، وباقي أخوته إن هم حاولوا مضايقته مرة أخرى. 

بحث عنه بين طيات ثيابه دون جدوى .!!

اختفى تمامًا، هم بالقيام وهو لازال غاضباً، فإذا به يرى البرغوث وقد انتصب على مؤخرته، رافعًا رأسه لأعلى باستعلاء وكبر وتحد واضح. وكأنه يقول في سخرية لقد سمعت توعدك وسننتقم منك لن تستطيع المساس بنا..!!

 نحن معشر البراغيث أكثر منك براعة أيها العملاق الإنساني..!

مد صاحبنا أصبعيه بحذر، ليلتقط بهما ذلك البرغوث اللعين ليزهق روحه فلا يبق له أي أثرًا، وليكن عبرة لغيره..

و.. مضى إلى مكتبه الصغير. الذي لم يكن إلا طبلية خشبية مستديرة الشكل، يضع عليها أدواته ورفًا من الكتب. وعلى جانبها الأخر مصباح الغاز، نمرة 10 .

 ونشر أمامه إحدى كتب الرياضيات وهم بالمذاكرة، ولكن .. إذا به يحس بلدغة ثانية آلمته، وكأنها إنذاربانتقام جيوش البراغيث منه والثأر لصديقهم، الذي أزهق روحه منذ قليل دون اكتراث أو شفقة..

وما هي إلا لحظات، أو تكاد حتى كان محاطًا بجيش غفير من البراغيث من أين أتت لا يدري..!! 

كل ما يدريه أن هذه الجيوش انقضت عليه تنهش جسده وتعض لحمه ،

ولسان حاله يقول: ألم تكفهم الحيطان والأخشاب؟؟

كان محقًا فهم يستمتعون بامتصاص دمه ..!!

أمطرت الغرفة بالمزيد من وابل البراغيث، ولا يقو محسن على المقاومة، فهذا يقرصه في يده، وأخر في قدمه، وثالث ،ورابع، وأخر يقفز مسرورًا سعيدًا وكأنه يلهو.

دون اكتراث، لوجوده أو لتعقبه بعينيه وهي تتابع قفزاته المرحة بلا مبالاة..!!

 قاوم أوجاعه وكتم آهاته وألمه داخل صدره..

وقرر الهروب، من هذه الوحوش الضارية، التي لا تجد الرحمة طريقًا لقلوبها، ولو بثغرة صغيرة، و ترك ما بيده.

  انتصرت جيوش البراغيث وجسده يشهد على ذلك..

ما من جزء فيه، إلا وقد نقشته البراغيث بلطع حمراء. وكأنها من صنع ريشة فنان، يحمل روح طفل، لم يهتم بما يرسمه، فترك العنان لفرشاته تعبث بالألوان، وتنطلق مخلفة لوحة فنية باهرة..

تعقبته البراغيث حيث اتجه .. يا للهول..!!

  أين السرير..؟؟

لقد كان هنا ..، لا .. هناك،... أين ..؟؟

 لقد اختفى ..!!

فر، سابق الريح، تعقبته البراغيث، شلت قدماه، اعتلته مرة أخرى، غطت جسده بالكامل.!!

 تسخر منه مرة أخرى ..!!

لابد أن أواصل الهرب .. لابد أن أقاوم....

ما هذا ما الذي يحدث لي ..؟؟!!

شعر بيد، تربت على كتفه، تهزه عدة مرات، ففتح عينيه بفزع 

انتفض جالسًا في سريره، متطلعًا لوالدته بريبه، وهو يسمعها تقول له بصوتها المحبب: استيقظ ننتظرك لتناول العشاء. 

تنهد بعمق، ومسح جبينه بظهر يده متمتًا :

يا إلهي كان كابوسًا..!! 

تثاءب بكسل وهو يتفقد ذراعيه، ثم انفجر ضاحكًا عندما تذكر حلمه المرعب ... ثم تلاشت ابتسامته وهو يرى ذلك البرغوث وهو ينتصب على قائمتيه الخلفيتين قبل أن يقفز ويختفي في طياته ثيابه..

هتف بذعر: اللعنة..!

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2758 زائر، و1 أعضاء داخل الموقع