رسائل لن تصل أبداً
سأخبر أمي بكل شيء
عزيزي عمر خورشيد
مرت الأيام مجددا، مرت بشكل مثير للتعجب نوعا ما..!
مر أربعين يوما على وفاة أمي الحبيبة؟!
مرت بسرعة الريح وفي الوقت ذاته مرت ببطء قاتل..!
تبدوا أربعون عاماً..!
لست ادري كيف مرت هذه الأيام لكن ما أنا متأكدة منه، أنها مرت بفضل ولطف الله سبحانه.
زرت أمي من جديد لأول مرة منذ تركتها هناك وحدها.. ؟!
فكرت كثيرا ماذا أخبرها عندما أزورها..؟!
هل أخبرها أن العالم أصبح مظلما دونها، أم أخبرها أنني افتقد نبرة صوتها المعاتبة أحيانًا والرقيقة أحيانًا والعنيف أحيان أخري؟!
هل أخبرها أن وجودها كان كالصخر مهما ارتطمت به أعود كما كنت من جديد!
كموج البحر انكسر على الشاطئ ولا افني ..؟!
أم هل أخبرها أنني أتذكر مزاحها وكلماتها العفوية التي تقولها بغتة فنغرق في الضحك.
احترت كثيرًا ماذا أخبرها!
وحانت لحظة المواجهة..!
تقابلنا من جديد، يفصل بيننا هذا الباب المعدني الذي أغلق للأبد! والذي سيظل حائلا بيننا أبدًا ما حييت.
وجدتني أقف بإارتباك، نسيت كل ما رتبت له ..!
ثم انهمرت دموعي رغما عني، تماسكت،
جاهدت أن أبدو كذلك، أكثر ثباتًا..!
أوصتني صديقة ألا أشكو لها أي شيء وأن أطمئنها..!
أطمئنها فقط لأنهم يتألمون مثلنا!.
وجدتني أخبرها أني كتبت عنها منذ رحلت وبدأت اقرأ لها ما كتبت احبس دموعي تارة واتركها تنسال تارة أخرى..!
مكثت معها كثيرا لا أدري لكم من الوقت!
اخبرتها بعد أن انتهيت..
"أعلم انك قادرة على التأقلم وانك ستعتادين كل شيء، فأنت كنت طاغية الحضور دائماً، حتمًا ستكونين كذلك في مكانك، وستجدين طمأنينتك برفقة من تحبين هناك.!
مازحتها قائلة:
"افتخري بي في عالمك كما كنت تفعلين في عالمنا"
اجتمعنا كلنا إلا هي!!
ضحكنا ، تناقشنا، مازحنا بعضنا البعض و لعب الأحفاد واحدثوا ضوضاء كبيرة وجلبه اكبر..!
تساءلنا ماذا لو كانت هنا؟
لعنفتنا نحن دون أن توجه كلمة للأحفاد.؟!
لأول مرة نجتمع كعائلة بشكل خاص ،
كبيرنا وصغيرنا أحفادها جميعًا، لم ينقص منا احد ..
لم ينقصنا سواها؟!
أتأمل مكانها الفارغ..، صورها هي وأبي، أغراضها المختلفة، لا سيما الكوب الزجاجي الذي تفضل ..!
وأشعر بغصة في قلبي، مكانها ليس بفارغ فقط ،بل انه موحش،
حزين لفراقها.
لدي قناعة بأن الأشياء تتأثر بموت أصحابها. انقسم كوبها الزجاجي لنصفين، وحده دون أن يقربه أحد، وكأنه يخبرنا أن القصة انتهت
انه آن الأوان كي نلتفت للمستقبل..
ننظر للأمام.
نودع الأحزان ونبدأ طريقنا الجديد..
نحن أبطاله بالمعنى الحرفي للكلمة، فهل نستطيع أن نكون ذوي تأثير في الآخرين مثلما كان السابقين معنا. ؟!
سؤال نتركه للأيام...
عزيزي عمر خورشيد
نحتفل هذه الأيام بالمهرجان الثقافي للكتاب الورقي المهدد بالانقراض. بسبب طغيان التكنولوجيا وارتفاع أسعار الطباعة.
بدأ معرض القاهرة الدولي للكتاب فعالياته الثقافية.
أدعو الجميع لزيارته..!
أن يحرص على اقتناء أي نسخ ورقيه، فالناشرين يقدمون عروضًا كثيرة ومتنوعة..
كذلك أجهزة الدول ومؤسساتها الداعمة للثقافة تقدم المنتج الأدبي من ترجمات وأدب ومسرح وخلافه بأسعار رمزية.
أنقذوا الكتاب الورقي ولا تستجيبوا لدعوات الهدم التي تنادي بالمقاطعة.
ادعم ثقافة بلدك وكن إيجابي ولا تساعد في هدم أخر نافذة للحرية
نافذة القلم والتعبيروالحلم.
زوروا معرض الكتاب و أنقذوا سمعة و مستقبل مصرنا الحبيبة.
يراهن الجميع على فشل هذا المعرض هذا العام.
وأنا أثق في وعي وحكمة كل مثقف وقارئ،
مصري وعربي.
في المحن تظهر معادن الشعوب ونحن شعب يعشق الفن والتاريخ ويقدر قيمة القلم.
عزيزي عمر خورشيد
مللت من تكرار جملة ليتك لحنت العديد من الألحان على شاكلة لحن رصاصتك الذي اعشق.
هذا اللحن الذي يشهد معي ميلاد أدق لحظات حياتي، يشاركني انكساراتي وتعافي وسعادتي.
عزيزي عمر خورشيد
كن بخير لأكتب لك مجددا
وإلى لقاء