لحظة إعلان هروب مهرج الشرَّق الدّموي سارع الشّارع السّوري إلى تبنّي فلسفة الضحك.. بديلاً عن أي فعلٍ نفسي آخر.. ليقول للديكتاتور كم أنت مجّاني!!
قال لي أحد الأصدقاء الدّمشقيين مرة: أيعقل أن يكون حاكم أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ
( كركوزاتي).. تلك العبارة أخذت الأسف في قلوبنا إلى أقصاه.. لم يكن أمامنا إلَّا أن ننظر إلى السّماء في مناجاة خفيّة أن ينقذ الإله تلك البلاد.
أشدُّ ما كان يؤلمنا أن يمثل بلادنا
( مهرج دموي) كما كان يراه الجميع.. رغم وجوده غير الشّرعي كرئيس في دستور كل سوري حر..
وجوده اللا شرعي واللا إنساني في بلادنا مكّن فينا طيلة حكمه المستبد ومن قبله والده (الذي سلب السٌّلطة من أهلها بالخداع والخيانة).. شعور التَّشتُّت والضّياع .. كيف للإنسان أن يحيا بلا وطن حقيقي؟ بلا انتماء؟! ..
فقدنا -نحن السوريون- شعورنا بالانتماء إلى تلك البقعة الجغرافية التي شوَّه المهرّج ملامحها وأزال عنها سمة الوقار.. ليظلَّ ضاحكاً
أوشك أهل تلك البلاد الجميلة الوادعة الذين تشرّبوا حب الحياة وحسّ الفكاهة
أن ينسوا آلية الضَّحك.. إذ لم يكتفِ مهرجها الدموي من سرقة قمحها وملحها وشمسها.. تطاول حتّى على فتاتها من الضحكات.. وكدّسها في مخازنه الخفيّة.. ليمسي صاحب أكبر مخزون فائض من السَّعادة يوم ضرب الزّلزال الدَّامي البلاد ، ضاحكاً سعيداً أمام الشاشات!!
مهرّج الشَّرق الدَّموي ظهر أمام الكاميرا وهو يقف على أوجاع شعبه ضاحكاً.. واستمرّت ضحكاته التي لا تخلو من البلاهة.. إلى أن أتت الليلة التي ضحك فيها السُّوريون كثيراً
(هروب بشار الأسد)
إثر ذاك الخبر
فعّل الشَّارع السُّوري فلسفة الفكاهة كأحد أبرز أشكال السُّخرية سلمية.. وأكثر ردات الفعل النَّفسي عُمقاً.. إذ يرى هيجل أن الضَّحك يعكس نقيضه الدَّفين.. فترجم السُّوريون اشمئزازهم من الطاغية .. كما ترجموا سخريتهم القصوى منه بالضَّحك.. بالضَّحك العظيم فقط.
تناقلت وسائل الإعلام خبر هروب بشار الأسد كما تتناقل نكتة عابرة للشعوب..
حيث جاء ذاك الحدث التَّاريخي كخبرٍ عاجل على إحدى القنوات ( فرار بشار الأسد إلى جهة مجهولة تحت جنح الظلام) ككل اللصوص والجبناء
وضحك السُّوريون..
ضحكاً كثيراً على هروب (الأبد) .. إلى الأبد