قال لها : "لماذا أصبحت أشعر أنني غريب في بيتي وبين أولادي ، أصبحت أشعر أنكي غريبة عني"
قالت باستغراب :"أنا لا أدري من أين أتتك تلك المشاعر ، بالرغم من أني أرى كل الأمور عادية "،ثم هزت رأسها وقالت " أنت الذي تشعر بذلك لأنك بعيد عنا لك حياتك ولنا حياتنا ولا نتقابل سوى شهر كل عام ولهذا تشعر بالغربة وأنت معنا"
قال مندهشا : "ومالك تتحدثين في لامبالاة وكأن الأمر عادي" .. قالت على الفور : "لأنه بالفعل عادي ... لقد أصبح كل شيء بالنسبة لنا أنا وأولادك عادي ... تعودنا أن نتألم بمفردنا أن نفرح بمفردنا أن نحزن بمفردنا أن نواجه كل تكاليف الحياة بمفردنا ... بدونك ... اعتدت ألا أجد من أشكو إليه اعتدت أن أعيش الوحدة بمفردي بدون ونيس اعتدت برد الليل القارص اعتدت مواجهة الحياة بمفردي اعتدت تحمل مسئولية بيت وأولاد بمفردي كما تعودنا أولادي على عدم وجود كلمة يا أبي في حياتهم .... بمعنى أن الحكاية ببساطة أنك طوال العام خارج حياتنا ومع ذلك نبذل مجهودا كي نجعلك داخل حياتنا لمدة شهر تعاود السفر بعده ... فلقد أصبح لك حياتك ولنا حياتنا هذا هو كل الموضوع وببساطة شديدة"
قال : "أشعر في كلامك باللوم"
قالت : "أنا لا ألومك ولا ألوم نفسي بل ألوم الظروف وربما ألومنا معا "
قال : "وما البديل .. هذا ما سمحت به الظروف"
قالت في نفاذ صبر : "ولهذا أقول لك الظروف هي الملومة ، وماعلينا إلا أن نتحمل ونصبر .. أتحمل أنا المسئولية الملقاة على عاتقي وتتحمل أنت الغربة خارج بلدك وفي بلدك أيضا ،" ثم نظرت إليه وقالت :"والأهم أن يتحمل أولادك أن يعيشوا يتامى وأبوهم حي يرزق ... أرأيت على كل منا أن يتحمل غربته ولا يتذمر ولا يكلف غيره فوق ما يطيق"