أعرف أن ما سيقوله سيجر علي ويلات وغضبات كبيرة ولكنها كلمة.. لوجه الله.
أعتقد أن المسألة أعمق بكثير من حفل لمصمم أزياء شهير وحول موعده تثور الشكوك، أعمق كثيرا من شخصيات بعينها لها أغراض بعضها مشروع وبعضها ينم عن حسد دفين.
المسألة أننا صدّرنا لأنفسنا أفكارا لم يجبرنا أحد على اعتناقها وقمنا بعملية خلط رهيبة بين الدين وقشور الدين وبين الآراء والاجتهادات والمغالاة وصحيح الدين، وفضلنا شيوخا بعينهم على شيوخنا الأجلاء وروجنا لذلك باستخدام "المال الخليجي"."
فأرجوكم كفاية "هرتلة" وخلط ابو قرش على ابو قرشين، فلم يجن علينا أحد، نحن جنينا على أنفسنا.
والفكرة أننا نسينا مصريتنا وأزياءنا الحلوة الفلكلورية خصوصا في الريف ونسينا قوتنا الناعمة أمام المد الآتي من الجزيرة العربية ككل.
بعض المصريين إذا ما ذهبوا لأوروبا مثلا عادوا محملين بأفكارها مبهورين بتحررها وتقدمها ووو، عادوا بفكر لا يتم الترويج له عبر الدرهم والدينار والريال ولا يمتلك البريق الذي تجلبه "الأجهزة الكهربائية والبطاطين الاسبانية"، لذا فإن العائدين من أوروبا لم يستطيعوا غزو عقولنا مثلما فعل الكثير من المصريين الذين شدّوا الرحال لدول عربية وعادوا محملين بأفكار مرعبة و زي مختلف.
ونجحت الغزوة للأسف لحد كبير، إذ يعود هؤلاء بالمال بجانب الأفكار مما يسهل اعتناقها.
كما أنها "تلك الأموال" احتضنت أفكارا فرّخت جماعات وتنظيمات لعبت على الشريحة الفقيرة قليلة العلم، تبهرهم بالتمويلات وشرائط الكاسيت التي تخوفك من الله وتحذرك من عذاب القبر وتكرهك في عيشتك السودة، فخلعت النساء الزي المصري المختلف والعصري أو الفلكلوري وارتدت الحجاب والنقاب والخمار وو.
واكتشفوا أن هذا الزي علاوة على ما تم الترويج له بأنه الزي "الشرعي" فإنه إضافة لذلك يخفي الفقر الشديد الذي يجبر الإنسان على الاختباء ولا سيما النساء، فلا تحتاج لفضح ثيابها الفقيرة ومقارنتها بالأخريات.
أخبرونا أن التصوير حرام والصور المعلقة في بيوتنا حرام والغناء حرام والسينما حرام والاختلاط حرام وحرمت علينا عيشتنا واستسلمنا نتيجة الضعف الذي أصاب المجتمع، ولم يفلت من "الخية" إلا قليلون مقارنة بالأغلبية العظمى.
وكأننا اكتشفنا الإسلام وزيه الشرعي وحلاله وحرامه فجأة في ثمانينات القرن الماضي، وكأننا نحن كنا كفارا قبل ظهور النفط ونحن الموحدون من آلاف السنين.
ما علينا، لم يجبرنا أحد على اعتناق ظلامية فكر أو تشدده، ولم يجبرنا أحد على العمل في بلاد بعينها والائتمار بأوامر ولاتها،
يجب أن نعترف أننا خدعنا أنفسنا وأن الضعيف عادة ما يقلد القوي ويعتنق أفكاره مهما كانت غرابتها.
ومن حق أي دولة أن تجدد وأن تغير مسارها وأن تتجه لما تراه صحيحا، وليس علبنا ان نقيم أو نقاوم أي تغيير في أي مكان فالناس أحرار.
حتى لو أقاموا الأفراح والليالي الملاح في نفس توقيت مهرجان القاهرة فإن الخطأ ليس عندهم بل عند من فضلهم - وهو حر ايضا -
كما أنهم يسيرون بسرعة الصاروخ نحو التجديد والتحديث وهو شيء أراه محمودا ولا ينبغي أن نخلط به ما خدعنا به أنفسنا ونتهم الناس بخديعتنا !
ولا ينبغي أن نهضم حق دولة سهلت المناسك الروحية وقامت عليها خير قيام منذ وضع الله الأرض وما عليها، واستطاعت الاعتناء بالأماكن المقدسة وبضيوف الله عاما بعد عام حتى صار ما تفعله في موسم الحج فخرا وتحديا نجحت فيه بشكل مهول.
كل هذا لا ينبغي أن نتجاهله لمجرد أننا غير راضين عن سياساتها الجديدة أو ما يحدث في بعض مدنها، في النهاية هي دولة حرة وشعبها حر، وليس لنا فيها إلا النسك والحرمين الشريفين ومكة والمدينة وهم على خير وسيظلون بخير ليوم يرث الله الأرض ومن عليها.
وأما ما دون ذلك فلا ينبغي لنا أن ندس أنوفنا فيه، وننزل تريقة على ما يقومون به، هم أحرار والله كما نحن أحرار، لذا
رأيي إننا لازم نختشي على دمنا ونتلهي على عينا ونبص في ورقتنا.