هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • الزوجة .. إختاري من تكونين
  • طش يا بابا
  • ايهاب نافع لم يكن طيار الرئيس !
  • مع الأيام نتعلم
  • بالحق أقول مرارة الحياة بسيناء وأزمّة الضمير 
  • درسي ترامب
  • ردود الأفعال!
  • اليوم العالمي للذين لمسهم السرطان
  • تدي حب
  • تغريد الكروان: الرحيل
  • رساله مفتوحه للشعب الفلسطيني
  • معرض الكتاب جميل هذا العام
  • أبو الأجيال
  • عيد ميلادي
  • البراقع
  • مُصوَّراتي الجِن 
  • تعال
  • بالحق أقول كارثة المياه المفلترة 
  • السرقة عيني عينك
  • جدارا مائلا للداخل
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة انجي مطاوع
  5. الغرف السبع

غطي الليل جبل باب البحر في سانت كاترين بظلامه العميق، بدت النجوم قناديل معلقة في السماء. اقترب مازن وسلمى من مدخل الكهف المنشود بعد رحلة عناء، تتملكهما الرهبة مما ينتظرهما.

تذكرا كيف فقدا الأمل بعد أن أُنهكت الأطباء محاولات علاج ابنهما آدم من مرض غامض أفقده الحركة والكلام، زارا المشايخ والدجالين، بلا طائل.

لذا قررا الذهاب للمدينة المباركة على هواءها العليل يساعد في شفاء الإبن، دلهم بدوي شاب عن الكهف وأن أبائه وأجداده يحكون أن روح راهب عاش زمن الاضطهاد الروماني تسكنه وتُشفي من يلجأ إليه.

 

دخلا إلى الكهف بصمت، وأشعل مازن مصباحًا يدويًا لينعكس الضوء ويكشف عن مدخل مزين بنقوش قديمة ورمز غريب فوقه: دائرة يتوسطها قلب صغير.

 

قال مازن بصوت متهدج: "هل تعتقدين أننا سنجد الحل هنا؟"

أجابته سلمى: "ليس لدينا شيء لنخسره. لا يمكننا التراجع آدم بحاجة إلينا"

 

بمجرد دخولها ظهرت بقعة ضوء تشبة الباب، بمجرد دخولهما تحولت إلى غرفة مظلمة إلا من شعلة صغيرة تتراقص على جدارها. نُقشت صورة لرجل يمشي وسط عاصفة ممسكًا بشعلة تكاد تنطفئ. أسفل النقش كُتب:

"حتى في الظلام، فإن شرارة الأمل تكفي لإضاءة الطريق."

 

في منتصف الغرفة وجدوا صندوقًا صغيرًا يحتوي على قطعة ورق مكتوب عليها:

"خطوتك الأولى هي الإيمان بأن النور موجود."

همست سلمى: "لم أفهم" 

أمسك مازن يدها قائلاً: "الشعلة هي آدم. علينا أن نُبقيها حية مهما كانت العاصفة."

 

وكأنما كانت الغرفة تنتظر فهمهما المكتوب لتختفي، ويظهر الضوء من جديد على هيئة غرفة ثانية، محفور على جدرانها صوراً لأشخاص يلقون بأشياء ثمينة في نهر ونقش مكتوب:

"التضحية ليست خسارة، بل دعوة لشيء أعظم."

 

وسط الغرفة صندوق ثان فتحته سلمى لتفاجئ أنه فارغًا، وعلى غطائه كُتب:

"قدموا شيئًا يعكس أغلى ما لديكم."

 

نظر مازن إلى خاتم زواجه ذكرى يوم وعد سلمى بحبها والحفاظ عليها. اخرجت سلمى من سلسلتها صورة صغيرة لـآدم مبتسمًا وأعطتها له. وضع الخاتم والصورة في الصندوق.

 

بمجرد إغلاق الصندوق، أضاءت الغرفة بشدة، وسمعا صوتًا يقول:

"التخلي عن المادي هو بداية الطريق للروحي."

 

تبدلت الغرفة في لمح البصر بغرفة أخرة، جدرانها مليئة بالظلال التي تتحرك بشكل مخيف. ونقش لنفق مظلم بنقطة ضوء خافتة في نهايته مكتوب عليه:

"الخوف ليس إلا ظلاً لحقيقة أعظم."

 

سارا وسط الظلال، ظهر آدم من بعيد شاحبًا ومنهكًا. صرخت سلمى: "لا أستطيع رؤية ابني هكذا!"

أمسك مازن بيدها مهدئاً: "إنها مجرد أوهام لا تستسلمي لها."

 

انتهى النفق وأختفت الظلال ليريَّ جسر معلق في منتصف الغرفة التالية يبدو على وشك الانهيار وعلى الجانب الآخر صورة لعائلة تحتضن طفلًا أسفلها نقش:

"الإيمان لا يضمن الطريق السهل، لكنه يضمن الوصول."

 

قالت سلمى بفزع: "هل نخطو؟ قد يسقط بنا الجسر!"

أجابها مازن: "إن لم نفعل، فلن نصل."

 

خطا معًا متشبثين ببعضهما. رغم الاهتزاز والخوف، حتى وصلا الجانب الآخر، أضاءت غرفة جديدة فصرخت سلمى:

"ما هذه الدوامة إنها لا تنتهي"

امتلئ قلب مازن بالخوف لكنه حاول مواساتها قائلا:

 

"في العجلة الندامة تجلدي"

 

الجدران كسابقاتها مزينة بصور لشجرة مقطوعة، تحمل براعم خضراء. والنقش:

"ما يُقطع اليوم، قد يُزهر غدًا."

 

صرخ مازن: "هل يعني هذا أن نفقد آدم؟"

عاجلته سلمى بصوت يملؤه الألم: "ربما يقصد تقبل الفقد كجزء من حياتنا. لكن الأمل لا يزال موجودًا أشعر به داخل قلبي."

 

 أحسا بالسلام الداخلي، وكأنهما يتأهلان لأي نتيجة، وإن كانت الفقد.

 

بكت سلمى لمجرد التخيل، احتضنها مازن مواسياً، ظهر الضوء من جديد ومن داخلة تكونت غرفة مزينه بقلوب متشابكة وزهرة متفتحة في المنتصف نقش داخلها:

"الحب هو البذرة التي تُحيي كل شيء ميت."

 

هتف مازن: "رغم كل شيء، حبنا هو ما أبقانا."

أجابته سلمى باسمة: "وحبنا هو ما سيُبقي آدم حيًا."

 

في لمحة عين وجد الزوجان نفسيهما في غرفة دائرية، يتوسطها تمثال للراهب ممسكًا بمخطوطة. فتحا المخطوطة ليقرءا كلماتها المحفورة:

"شفاء ابنكما لم يكن في الكهف، بل في قلوبكما. مرضه هو انعكاس لخوفكما وشكوككما. الحب، الإيمان، والتضحية هي ما يحرر الروح والجسد."

 

سمعا صوت عميق يحدثهما:

"الرحلة ليست لابنكما فقط، بل لكما. لقد أعدتما اكتشاف الحب الذي يجمعكما والإيمان الذي يُقويكما، عودا إلى ابنكما."

الخروج كان أيسر، ظهر مدخل الكهف بمجرد اختفاء الغرفة والدليل البدوي الشاب واقف ينتظرهما بعدما افتقدوا وجودهما داخل الكمب.

 

عاد مازن وسلمى، ليجدا آدم ينتظرهما أمام غرفتهم، همس بصوت ضعيف:

"حلمت بكما تبحثان عني في مكان مظلم. كنت أعرف أنكما ستنقذاني."

 

بكى مازن وسلمى، وشعرا بأن الرحلة لم تكن لإنقاذ جسد ابنهما فقط، بل لإعادة الروح لعائلتهم، للشفاء سواء لآدم أو لأنفسهم.

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1067 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع