حقٌ لهذه الكاتبة الكورية التي حصلت على جائزة نوبل هذا العام في الأدب، أن يتم تعديل المسمى لتكون الحاصلة على جائزة نوبل في الإنسانية.
نعم.. فهل تتخيل أن هذه الكاتبة التي لم تولد في بلاد الإسلام، ولم تدرس مبادئه ولم تصل يومًا لخالق الكون سبحانه، ولا تعرف أي شيء عن قيم هذا الدين، كانت أسمى وأروع وأنبل من كثير ممن ينتسبون إليه ثم نراهم يتراقصون على جثث الشهداء ويقيمون الحفلات والسهرات التي تضج بالعهر والعري والفجور؟
استطاعت هذه الكورية العظيمة أن تلطم العالم الذي يعج بالظلم والطغيان وتحكمه شريعة الغاب لتفيقه على واقعه الخسيس الوضيع.
بل استحقت هذه المرأة الخمسينية العظيمة أن يقام لها تمثال يخلد به قيم الإحساس والشعور ومعنى أن يعيش الإنسان محنة المتألمين من إخوانه في الإنسانية.
ماذا فعلت الكاتبة لكل ما ننعتها به من هذا التعظيم والتمجيد؟
ماذا فعلت يا تُرى حتى نصُف عنها هذه السطور وكأننا نتحدث عن بطل أسطوري أعيا العالم ببطولته؟
نعم.. لهي بطلة في زمن تحجرت فيه القلوب وعميت فيه الأبصار، بطلة حينما كانت دماء الأبرياء في كل مكان تعصر قلبها، حتى إذا جاءتها البشرى بالفوز العظيم، لم تجد إلا قلبًا يئن ويكتوي بآهات المعذبين.
ماذا حدث؟
طالعتنا الأنباء بأن الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ، الحاصلة على جائزة نوبل للأدب لعام 2024، رفضت إقامة أي احتفالات أو عقد أية مؤتمرات صحفية بمناسبة حصولها على الجائزة، مشيرة إلى الأوضاع المأساوية التي يشهدها العالم حاليًا، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وبحسب صحيفة "Korea Times"، فإن هان كانغ، البالغة من العمر 53 عامًا، تلقت خبر فوزها بجائزة نوبل للأدب، بوصفها أول كورية جنوبية تحصل على هذا التكريم، لكنها -وفقًا لتصريح والدها هان سونغ-وون- طلبت عدم إقامة أي احتفالات في الوقت الحالي.
وفي مؤتمر صحفي أعلن والدها هان سونغ-وون (85 عامًا) أن ابنته لا ترغب في عقد مؤتمر صحفي خاص بها، مضيفًا بأنه كان يخطط لإقامة احتفال لها، لكنها طلبت منه التراجع عن ذلك.
وقال: "قالت لي: من فضلك، لا تحتفل في ظل هذه الأحداث المأساوية التي نشهدها، الأكاديمية السويدية لم تمنحني هذه الجائزة لنفرح، بل لنبقى أكثر وعيًا".
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هان كانغ ستسافر إلى ستوكهولم للمشاركة في احتفالات نوبل المقررة في ديسمبر أم لا؟
وتشتهر هان كانغ بأعمالها الأدبية التي تتناول شهادات حول الأحداث المأساوية والعنيفة في تاريخ كوريا الجنوبية.
ويقول والدها إنها تحولت تدريجيًّا من كونها كاتبة كورية إلى كاتبة ذات وعي عالمي.
ألست معي أنها نبيلة في زمن عز فيه النبل؟
بل ألست معي أنها أجدر بنوبل الإنسانية أكثر منها في نوبل الأدبية؟