منذ زمن كبير وأنا مبهور بذلك الشاعر العبقري الذي كتب ذلك النشيد الخالد الله أكبر فوق كيد المعتدي، ولم اكن أعرفه، كنت كلما سمعت النشيد أبهرتني الكلمات وأسبح في خيالي متأملا متسائلا لأقول أي عقل عبقري وأي مهوبة ملهمة صاغت مثل هذه الكلمات التي لها القدرة أن تحول أي إنسان خامل إلى بطل جسور، وتخلف فيه حماسة وهمة لا عهد له بها.
ولم أكن أتخيل أبدا أن يكون قائل هذه الكلمات شاعر مصري من محافظة المنوفية ومن مركز منوف وبيني وبين قريته خمس دقائق أو تزيد قليلا، وهي قرية الحامول مركز منوف.
حدثني بهذا مولانا محقق العصر فضيلة الدكتور النبوي شعلان أمد الله في عمره وعمله، وفاجأني بأن هناك قرابة تجمعه بالشاعر الكبير عبد الله شمس الدين مؤلف النشيد الوطني أو ديوان الله أكبر فوق كيد المعتدي فهو ابن خالة والدته، أي خاله، ولد وعاش بالقاهرة وكانت أسرته وأولاده وزوجته يأتون إلى الحامول بين الحين والحين وكانت أسرة الدكتور النبوي ووالدته تحتفي بهم كثيرا.
لا يعلم أحد أصول الشاعر العبقري ولا يذكر المترجمون له أنه منوفي الأصل، بل ومن قرية الحامول.
يعد شمس الدين كما قيل عنه: "من الشعراء الذين تركوا بصمات نافعة للوطن والإنسانية عبد الله شمس الدين حيث ولد بالقاهرة عام 1921وحفظ القرآن في صباه والتحق بالأزهر وعمل مستشاراً ثقافياً بالمجلس الأعلى للشبان المسلمين ولقب بشاعر التوحيد وشارك في الحياة الثقافية المصرية والعربية وكان له دور بارز في المشهد الادبى المصرى وكان رائد لندوة شعراء العروبة وشعراء الإسلام وغير ذلك من الأنشطة التي ساهمت في تشكيل الوعى الادبى على مدار الخمسينيات والستينيات.
كتب عبد الله شمس الدين العديد من القصائد ذات الطابع الإسلامي والعربي ولكن أشهر قصائده على الإطلاق هى النشيد الوطني (الله أكبر فوق كيد المعتدي) الذي كتبه سنة 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر ولحنه محمود الشريف ووزعه عطية شرارة وغنته المجموعة ونال المركز الأول في استفتاء شعبي جرى في مصر بعد انتهاء العدوان الثلاثي بينما نال نشيد (والله زمان يا سلاحي) الذي غنته أم كلثوم المركز الثاني ونال نشيد (إلى المعركة) المركز الثالث ولكن لأمر ما وقع الاختيار على النشيد الثاني ليكون هو النشيد القومي لمصر وقد أصبح نشيد (الله أكبر فوق كيد المعتدي) فيما بعد النشيد الوطني للجماهيرية الليبية إلى أن حل محله نشيد ليبيا ليبيا ليبيا بعد إسقاط نظام القذافي في أكتوبر 2011.
كما غنى له كبار المطربين والمطربات مثل كارم محمود ومحمد فوزي وفدوى عبيد وسمير الاسكندراني وعليا التونسية وأحمد السنباطي وسعاد محمد وشافية أحمد والشيخ سيد النقشبندي ونصر الدين طوبار ومحمد الطوخي وغيرهم."
أخذت فيه رسالة الماجستير في جامعة الأزهر الشريف وأصدر عنه أحد الصحفيين كتابا تحت عنوان (عبد الله شمس الدين قيثارة التوحيد) ومنحه عبد الناصر وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديرا لجهوده الثقافية ومكانته الشعرية والأدبية.
رحل عن عالمنا عام 1977 ولكن كلماته ونشيده الخالد ما زال يرن في الآذان بحماسه الفريد وكلماته البطولية.