القريب يحيى،
بالأمس، عدتُ للكتابة من جديد، وأقسمتُ أن لا أكتب عنك، وحدث أنِّي، في قلب السَّرد، رأيتُكَ ممدَّدًا على السطور، تنظر إليَّ وتبتسم...
أيا مُحتلًّا لأفكاري!
أنا الغريبةُ القريبةُ في حياةِ الغرباء، وأنتَ القريبُ الأوحدُ لهذا القلب...
أنهيتُ غربتي بسلامِ حضورِك...
بنيتَ لي وطنًا صغيرًا على حدودِ الحياة...
أتعرف؟ كتبتُ في الرواية كم تمنَّت البطلةُ قراءةَ الجريدة مع رفيق الطمأنينة، وعرفتُ أنَّه حلمي البسيطُ معك... أن نُطالِعَ جريدةً قديمةً معًا، ونشربَ الشاي، ثم نضعَ الجريدةَ جانبًا بتوقيتِ فيلمٍ قديم...
نحن لا نعرفُ القهقهة، لكنَّنا نضحكُ حتى تلمعَ الدُّموعُ بأعينِنا، وتضيعَ أنفاسُنا...
أحبُّك أكثر حينها؛ حين تأخذُ نفسًا عميقًا، ثم تزفرُهُ بقوةٍ، ضاغطًا على يدي:
"آه يا وَرْدُ، لو يتوقَّفُ العالمُ هنا... آه..."
قط كسُول أنت بحضرتِي يا يحيى، تترك العالم المكوم بتفاصيلٍ كثيرة برأسك، تتخفف من كلِ الثقيل على جناحي ....
يحيى...
أنا امرأةٌ من حزنٍ، وأنتَ رجلٌ من كآبة، أيُّ معجزةٍ جمعتْنا، فكنَّا معًا بكلِّ هذه السعادة؟!
لكنَّها، كالعادَةِ، معجزةٌ مبتورةُ النِّهاية، موؤودةٌ تحت عجلاتِ الحياةِ وعيونِ البشر...
ماذا لو تقابلْنا في الطريق، فضممتُكَ بقوَّةٍ إلى حناني؟!
وماذا لو شعرتُ بالاختناق، فتنفَّستُ بين أنفاسِك؟!
ليت الأمورَ عاديَّةٌ مثلي، دونَ سعي مضني للظهور، جنون هذا العالم لفت الانتباه يا يحيى...
و أنا أهربُ خلفَكَ الآن من العالمِ الذي لم يفهمْ كيفَ يعملُ قلبي...
ليت الحياةَ كنوايا قلبي، تحملُ للجميعِ الخيرَ، لا الكيد...
ليت السباقات كلها بطريقٍ آمن لا يسقط به أحد، ولا يحزن أحد، يَفوز به الجميعُ .. لا أعلم كيف..!
يحيى،
وَرْدُكَ امرأةٌ عاديَّةٌ، بائسةٌ لأحوالِ البشر، ترى، تسمع، تبتسمُ، وتبتلعُ السُّخريةَ من كلِّ هؤلاء الذين يدَّعون المثاليَّة...
آه، يحيى، كم اعترفْنا معًا بأنَّنا لسنا الأفضل، لكنَّك تراني وَرْدَكَ بكلِّ هذياني ونقصي، وأنا أراكَ يَحْيَايَ بكلِّ إحباطِكَ ومِراسِكَ الأصعب...
أتعرف؟ أجملُ ما فينا أنَّنا نُحبُّ، كيفما كان أمرُنا...
نُحبُّ دونَ تكلُّف...
نُحبُّ...
#ورد_يحيى