عندما كان والدي يعمل طبيبا في ليبيا، تحديدا في "سوق الخميس" التابعة لمدينة الخمس .. التي تقع في غرب ليبيا ... ، كنا نقطن عمارة يقطنها مصريون بالكامل عدا شقة واحدة تسكنها عائلة الاستاذ الفلسطيني سليمان الأسطل ..و أبناؤه .. سائد و سها و ثائر .. ربما لا أتذكر باق اسماء اولاده السبعة او الثمانية .. لا أذكر ايضا عدد أولاده .. لكنهم كانوا عائلة جميلة ومحترمة ...
نعود للمصريين من قاطني عمارة سوق الخميس ، تصادف أن كلهم اسكندرانيه .. أي كلهم من مدينة الاسكندرية .. عدا شقة واحدة من المنصورة .. و هي شقتنا نحن ..
يتميز شعب الأسكندرية - قديما 😉 - بالطيبه و الأريحية في التعامل .. الإنسيابية .. دفء المشاعر .. و طبعا الصوت العالي و تسجيلهم للرقم القياسي في التحدث بسرعة 37 كلمة في الثانية .. ، هم شعب إجتماعي بطبعه ..
و رغم ان الدقهلية محافظة ساحلية ايضا .. ، لكن طابع الدلتا هو الغالب ... ، طيبون ، محافظون ، .. الخ من هذه الصفات النبيلة عبيد 😎
المهم كانت الشقة التي تحتنا مباشرة ، كانت لعمي الغالي الدكتور الصيدلي اسامة زكي ... ، و زوجته طنط هدى زكي ..و اولاده الثلاثة .. ميدو ( محمد) و كريم و مصطفى ...
كانت أحب و أقرب شقة الي قلبي ، فكنت دائما أمكث في مقر عمل د اسامة ..و هي صيدلية الهلال الاحمر او التأمين .. لا اذكر ايضا... المهم ان الدكتور اسامة كان يسمح لي بتناول دواء الحلق المعروف باسم "الباستيليا" و الموجود حتى الآن .. و كنت أحسب أن الادوية مجانية فكنت اتناول الباستيليا بأريحية 🙂 .. و مؤخرا علمت أن ثمن الباستيليا هذه كان يدفعها الدكتور اسامه من جيبه ..
لكن طنط هدى .. كانت حكاية أخرى ..
كانت تحبني ... ، كانت تنادي علي بصوتها الجميل علي سلم العمارة .. يا "حمام" ... ، و كانت تعرف عني شيئين .. :
اني لا اخاف في قول الحق لومة لائم
و اني ابيع نفسي مقابل قطعة جاتوه او 😎طبق باشاميل 😀
فكانت كلما طبخت أكله جديدة او صنعت كعكة او صنف من أصناف الحلويات .. كانت تناديني لأتذوق ...
و عندما كان سكان العمارة يتجمعون في المناسبات الاجتماعية مثل اعياد ميلاد السكان او عيدي الفطر و الاضحي او في ولائم رمضان .. ، كانت الفقرة الثابته ، محمد عبد الوهاب... المتذوق الرسمي للعمارة ليعلن من هي احسن طباخه .. و أحسن أكله .. ، و طبعا ... كانت طنط هدى تفوز بكل الجوائز .. 🙂
كانت سيدة طيبة و جميلة ...
اليوم علمت من صفحة ابنها الاستاذ المحامى مصطفى زكي .. أن اليوم يوافق ذكرى ميلادها ... ، و لأن طنط هدى قد غادرت دنيانا ... فألف رحمة و نور عليها ، ... اللهم امين