يا من جئت من أقصى الخلود!
يا آخر الآتين من عبق السماء ..
في زمن الغدر الخائن والرجال قلة .
حلّق بأجنحتك ، بكامل إقدامك ، بكل فخر ..
يامن كنت للمتعبين دواءً و عيناً سلسبيلا
من الشفاء تجري فيها أنهار من الحياة ..
يامن أراك أمام الجموع شعلةً ،
يهتدي الحيارى بك! وتستمر قضيتنا..
أنت كوكبٌ دري
يميط لثام الظلام والعتمة و الضياع .
هي حربٌ ، لا تشبه كل الحروب ..
هي حربٌ تستبيح الجميع
و تذر الافئدة مصلوبةً على جذوع المآسي
قميصك الأبيض عنفوان السلام
سيفٌ من نورٍ وضياء
أيها الطبيب المقاتل ريب المنون
ولست تبالي بالجمع السفاك
....................................
لا توصف تلك الحرب الماجنة
إنها حربٌ على البشر والحجر والشجر ..
حرب على الهوية والذاكرة والتاريخ
وبيوت الأحلام ومآذن المساجد
وترانيم الكنائس .
حرب ٌ على الصباح
والشمس والنهار وأقلام الأطفال
حربٌ على المدرسة والمعلم وأغنيتي المفضلة
وزهرتي البيضاء التى أحبها ،
وأرجوحتي المعلقة مع أنجم السماء
وضحكات الأباء و تراتيل الصغار
وكاميرات الصحفيين الأبطال ..
حربٌ على الرسامين
والشعراء والرواة إذ يقصون على الأجيال
ما يجري وما جرى
، إنها حرب ضد الكون كله ،
هي حرب على الحياة
..............................
ولكن ستمضي تلك الحرب العقيم
لأن أرض القدس لن تبور
ستنجب الشجعان باستمرار
وبني ص هي ون سيتساقطون سراعا .
ياحامل أسفار المأساة!
من مشفى كمال عدوان ..
يامن تطبب الجراح و الوجع
وتنجد الضحايا من الإبادة والطغيان..
وأسراب الحزن والأسى تتجمع من حولك
بفجيعة وطنك ورصاصات الغدر تحيطك
من كل جهةٍ وأنت ترتل صلواتك
على فلذة كبدك بكل خشوع وإباء
، وتفيض الدموع من نوافذ الفجيعة
. الآن أرى وجهك في شريط الأخبار العاجل
فيومض الشعر كما البروق في ذهني
يرتعش الضوء كما البصيص في النفق
يشدني إلى ساحات الفداء
فأخلدك في معلقة على جدارن تنزف عشقاً
في شوارع جباليا وبيسان ،
مكتوبة على أوراق الحنين
فيهز الصمت سواري المعنى
حين يبوح الإنتماء..
.................................
يا من لم يتخلّ عن الضّعاف حين أباح
الخائنون دماءهم تباعا..
فلم يرهب سوط العذاب ولم يقص عليهم
تنهيد الأرق ، حينما صرّت الريح
كنت للآخرين ملاذاً .
أنت معلقة على مشجب الانتظار
ولا سفينة تستوي لنجاتك من بين الأمواج الغاضبة.
لكن لن تظل أسيراً لإرادة القاسي .
ستحلق بأجنحة اليقين رغم كل قيد
وتصبح أغنية النهار وقصائد الشرفاء ،
سنزرع لك في كل سماء نجمة
إذ تحت عرش الله سيكتب اسمك..
ويكون لك بيتٌ هناك..
.............................
يامن كان للعقيدة نوراً مكتملا .
من نسل الأحرار كنت حياة.
يا إنسانا يسمو من أقصى الأقصى
لم تأبهْ بجموع الأشرار الذين سرقوا منكم الحياة
وباعوا القضية بكراسي الخيبة والخذلان ..
يا من ركبت سفينة الخطر المحدق
فكنت الربان المطمئن في رحلة الآلآم
بوطن مكبل بالقهر والمعاناة
تخيط من صبرك ثياب أماننا
وأنت تردد صوت الحق
أنا رغم جور الظالمين وبطشهم
وجعي الكبير يزيل كل جيوشهم
وسأرجع من خلف القضبان
إعصاراً يلتقف الظالم
وأعود فيالق أنوار ٍ تجتث الطاغية