أماااه! لا شعرَ يَرثيكِ، عَقِمَ الخيالُ، ونضَبَتِ الحروف .. لي في ذمِّة الشعرِ كلمات .. رصيدي من اللغة لا يكفي للتعبير عنك، أنا الواقفةُ على رُبَىٰ البَوح، أنتظر انهمارَ حروفي علىٰ ضفافِكِ المقدسة، فكيف أؤرِّخ لغيابِك؟! وما تيبَّسَ الشوقُ في جسدي العليل، وأنتِ تسكنين نياطَ قلبي في جلال القدِّيساتِ بملحمةِ حبٍّ أبدية ..
بعد رحيلِكِ بأربع سنواتٍ لم يُغيِّبِ الثرىٰ جسدَكِ؛ فأنتِ ضوءُ ذاكرتي كيف أفسر تفاصيلك التي سكبتيها بدمي .. موصومةٌ أنا بنميرِ غرامِكِ يضُمُّنا أزلُ التلاقي حين تظلِّين صبيةً مخلدةً تسكنين عُشَّكِ الرحيبَ فوق غصنِ قلبي الطري، تعيدين ترتيبي بضَمَّةِ صوتِكِ كآخرِ أنشودةِ حبٍّ أتَقوَّىٰ بها من بين فصولِ حياتي المنهَكة .. تعالَي بدندناتِ الصحوة، وعصافيرِ الشمس، وامتطي شهبَ السماء؛ كي تحلّقي في زوايا رُوحي كنجمةٍ عادت إلىٰ موطنِها السرمديِّ تشُعُّ بهالاتٍ من نور . ذاك النورُ الذي انسكبَ على خِصلاتي لأستقوي به من وحشةِ هذا الكونِ الذي سرقَ ضحكتَنا بجُرعةِ هلعٍ زائدةٍ أرهقَتْ خُطانا، بظلمة الأهل والأحباب الذين أفَلَتْ قلوبُهم وقسَتْ، وبات حائطُ حُلمي في مرمىٰ نيرانهم .. ما عاد لنا مكانٌ بين سَعيرِهم المشتعلِ حيث طيورُ الضوء بين سيقان الظلام .. عائلتُنا فتكَ بها وباءُ الحقدِ والأنانيةِ، وأنا أستظل بكِ من شُحِّ تلك الأيام بأسمالها البالية ..
تعالَي ! لا وجهَ إلاّك يسَع طوافي حوله غيرَ مُحيَّاكِ لحين قيامتي فأنا أنثىٰ من نقاءِ الغيم، بفِطرتي الأولىٰ أنهمر بعفويةِ المطر، ملعونةً بلغاتِ الحبِّ الأزلية. قُوتي قصائدُ وجعي كبُرَت وأنا أتجرَّع الألمَ جرعةً جرعةً فراشةً تخشىٰ الاحتراق ، بكتْ من خيانةِ الأيامِ وخُذلانِ الخِلَّان فلا مقَصَّاتٌ تشذِّب أكمامَ الوجعِ ولا إبَرُ تَخيط مفتوحَ الجراح ..
وصلتُم خاسرين بغصةٍ تلو غصة؛ لأنكم لم تزرعوا الحبَّ في مفاصلِ التكوين، ولم تبنوا بيوتَكم على أنها وطنُ اليقين .
أمااااه راقِصي أوتارَ حُزني علىٰ طيفِ الندىٰ، وداوي جُروحي بحنانكِ يا روضةَ الحُسن، وبشِّريني بمخاضٍ جديدٍ ليُزهرَ قلبي المتوحِّدُ فيكِ بالفرَح في ربيعِنا القادم ..موعدُنا القريبُ هناك أميرتي وسيدةَ رُوحي علىٰ صراطِ العشاق إلى جناتٍ وعيونٍ في ملَكوتِ السماء ..