آخر الموثقات

  • صوته
  • يوم خرجت من دمشق
  • المظهرة بالملابس
  • صورتي و خواطر
  • نعمة الإحساس 
  • المعادله لازم تكون واضحه في الأذهان
  • هل قلة الأدب من حسن الخلق ؟
  • وماذا لو جاء معتذرًا؟
  • رواية الهودو - الفصل العاشر
  • رواية الهودو - الفصل التاسع
  • هياكل النجوم -1
  • ما أنا إلا جزء من الكون يسبح
  • مقايضة لا مرئية - قصة قصيرة 
  • يا آسري
  • شخص من عالمي 
  • المخ ... هو المطبخ
  • ثروة المعلم الحقيقية
  • خليليات: رحم الله الاستاذ الدكتور محمود أبو الفتوح
  • الوزيرة والحجاب و العالم الجليل
  • تغريد الكروان: اعرف نفسك أولًا
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة مريم توركان
  5. ولا زالَ حيًّا

ظلامٌ دامسٌ خيَّمَ على مُحيطي حتّى أنَّني إذا أخرجتُ يدي لم أكد أراها!

رائحةُ التراب تملأ أرجاء المكان، أظنُّها عاصفة تُرابيّة، لكنْ ما هذا الضيق، كِدتُ أختنق؛ فبالكادِ أسلبُ بعض الأكسجين رغمًا عن الحياة.

أشعُرُ بإرهاقٍ شديد ويكأنَّني مِتُ قبلَ ذلك!

لأنهضَ وأُشعل الضوء، لحظاتٍ ودوتْ صرخاتُها في المكان، صرخاتٌ مُفزِعة من شأنها أنْ تشقَّ القلب لنصفين.. ما الذي يَحدُثُ يا تُرى؟؟

قد وجدتْ ليلى نفسها مقبورةٌ بإحدى المقابر، لا تدري متى وكيفَ حَدَثَ هذا، لكنَّ جزمًا تعرفُ الفاعل.

حاولتْ تحريك أطرافها لكنَّها وللأسفِ الشديد مُقيّدة، صرختْ وصرختْ حتّى كادتْ صرخاتها تقضي على ما تبّقى من طاقتها الهزيلة.

مُحِيَتْ ذاكرتها في تلكَ اللحظة الصعيبة، لحظة الواقعيّة اللا معقولة، فهي الآن في عِدادِ الموتى رغم بقائها على قيدِ الحياة!

أويحدثُ أنْ يموتَ الشخص وهو لا زالَ حيًّا؟!

عصفتْ ذهنها لكنَّها لم تتذكر شيئًا، كادَ نبضها الضعيف أنْ يستسلِمَ للقهرِ غصبًا دونَ إرادة، كادَ قلبها أنْ يتوقفَ رأفةً بحالها، كادَ عقلها أنْ يَجمدَ كي لا تُميّزَ ما هي فيه، جاءتها لحظاتُ الإستسلام النفسي كَلحظاتِ مخاض امرأةٍ ولادتُها مُتعسّرة؛ فهي المُتفائلة، الطموحة، الباعثة للأملِ في نفوسِ الآخرين، يَحدُثُ وتُقبر رغم حياتها!

هُناكَ لحظاتٌ إجباريّة تمرّ على الفرد ولا دخلَ لهُ بِها، كأنْ تنهارَ قُواه، ويُكسر بداخلهِ أشياء لا يُمكن إصلاحها.

أغمضتْ عيناها مُتمّنيةً أنْ يكونَ ما فيهِ كابوسًا لا أكثر، لكنَّ التمنّي شيءٌ مُستحيل الحدوث، خاصّةً وإنْ كانَ الواقع قد أطبقَ فكّيهِ على مُناكَ كَحفصٍ جامحٍ وقعَ على فريسته!

أتاها صوتٌ لا تدري مصدره، سمعتْ هتافًا باسمها أنْ اقرأي ما كُنتِ تقرأينَ من آي الذكر الحكيم.

إختلطَ عليها الأمر، أهي حيّةٌ أو ميّتة؟

فناداها الصوت أنْ اقرأي لتُفَكّ عُقدك، إنصاعتْ ليلى لأمرِ المُنادي وأخذتْ تقرأ آية الكُرسي، ثُمَّ فتحَ اللَّهُ عليها فقرأتْ سورة الدخان، لحظاتٍ وفتحتْ عيناها لتَرى نفسها بغُرفتها وعلى سريرها.. إذًا ما الذي رأتهُ بل وعايشتهُ لحظةً بلحظة؟

تبادرَ إلى ذهنها قول جدّتها بأنَّ أحدهم قد قامَ بسحرها سحرًا أسودًا ودفنهُ بالمقابر؛ كي لا يُشَكَّ بأمره.

وهُنا كانتْ الصدمة لها!!!

حاولتْ أنْ تنهض فلم تستطع، حاولت وحاولت وحاولت، لكنَّ شيئًا ما يُقيّدها، نظرتْ حولها فإذ بها لا زالتْ مقبورة بكفنٍ ليسَ لها!

صرختْ وكبّرتْ وهللتْ فليسَ لها إلَّا اللَّه، وحدهُ يقدرُ على نجاتها ممّا هي فيه، قالتها بصوتٍ مذبوحٍ ونبضٍ ضعيف: رَبّي إنْ لم أَكُن أهلًا لبلوغِ رحمتك، فرحمتكَ أهلًا لبلوغي؛ لأنَّها وسعتْ كُلّ شيء وإنّي شويءٌ من خلقكَ رَبّي.

ما أنْ أنهتْ مُناجاتها حتّى سمعت صوتًا يُكبّرُ من الخارج ويستعيذ باللَّهِ من الشَّيطان الرجيم.

ثُمَّ فتحَ باب المقبرة وفكَّ وثاقها، لتُخرِجَ يدها مُشيرةً بالسبّابةِ للأعلى، ورغم ما حولها من رُفاتٍ إلَّا أنَّها استجمعتْ آخرَ ما تبّقى منها ونهضتْ بمعاونة حارس المقابر.

خرجتْ لتجد أنَّهُ لا زالَ الوقت مُبّكرًا، بكتْ حتّى فقدتْ الوعي، حملها الحارس وحاولَ إفاقتها وقد نجحتْ مُحاولته، فعادَ إليها وعيها، نظرت حولها فإذ بها لا زالتْ على قيدِ الحياة، ثُمَّ نظرتْ إلى الحارس فوجدتهُ هو هو الذي رأتهُ يُناديها ويأمرها بقراءةِ آيٍ من الذكرِ الحكيم.

سألتهُ إنْ كانَ قد فعلها حقَّا ففوجئتْ بإجابته: أجل، كُنتُ أُناديكِ وأطلب منكِ أنْ تقرأي القرآن الكريم ليُخفف اللَّهُ بهِ عليكِ ما أنتِ فيه، فقد رأيتُ امرأتانِ ورجل قد أتوا بكِ وقاموا بدفنكِ، فُزعِتُ حينَ سمعتهم يُحدّثونَ بفعلتهم ودفنهم لكِ رُغم حياتك!

إختبأتُ حتّى تأكدتُ من مُغادرتهم وجئتُكِ، لكنَّني لم أَكُن أملكُ ما أحتاجهُ لفتحِ باب المقبرة، فعدتُ إلى البيتِ وجئتُ وأخرجتك، وللعِلمِ أنا لستُ حارسًا للمقابر، أنا فقط جئتُ لأزورَ قبر جدّي فقد رأيتهُ في المنامِ طيلة الأسبوع الماضي ويكأنَّهُ يحثّني على فعلِ شيءٍ ما.. ثُمَّ نظرَ إليها وتبسمَ قبلَ أنْ يُضيف: قد عَلِمتُ الآن ما هو.

حاولتْ أنْ تنهض لكنَّ قواها قد خارتْ، فهوتْ أرضًا مغشيًّا عليها.

حملها الحارس وأسرعَ بها إلى المستشفى، قامَ الأطباء بعملِ اللازم لها، ثُمَّ أدخلوها العناية الفائقة؛ لصعوبة حالتها.

ظلَّ الحارس يبكي عليها، رأفةً بحالها حتّى أخبرهُ الطبيب أنَّ حالتها قد إستقرّتْ وتمَّ نقلها لغرفةٍ عاديّة.

ظلّتْ هكذا أسبوع ثُمَّ أخبرتْ الحارس أنْ يُخرجها من المستشفى، فعلَ مُرادها وذهبَ بها إلى أُمّه؛ كي ترعاها، وأعدَّ غُرفتهُ الموجودة بالحقلِ ليبيتَ بها.

مرّت الأيَّام وتعافتْ ليلى تمامًا وأزهرتْ من جديد، وكأنَّ شيئًا لم يَكُن؛ حينَ وُضِعتْ ببئيةٍ مُناسبة أكسبتها حُبّها لنفسها والحياة.

قابلتْ المُستشار القانوني الخاصّ بمجموعة شركات أبيها الراحل مُنذُ أشهُرٍ هو وأُمّها في حادثٍ مروّع، وأخبرتهُ بما حَدَث، وطالبتهُ بإقامة دعوى قضائيّة على عمتيها وعمّها لتزويرهم في أوراق رسميّة وحصولهم على ما لا يحقّ لهم.

ثُمَّ أقامتْ بإحدى شُقق أبيها والتي أهداها لصاحبِ عُمره ومستشاره القانوني، وأخذتْ منهُ مالًا يكفي لبناء برج سكني وأهدتهُ للحارسِ وأُمّه، رفضا في بدايةِ الأمر لكنَّها ألّحتْ عليهما حتّى أخذاهُ منها.

وبعد بضعة أشهُرٍ كانَ حارس قد ترأس مجلس إدارة شركة ليلى والحارس للصناعة والتجارة، وردَّ لها مالها في صورةِ مزرعةٍ كبيرة صدقة جاريّة على روحِ والديها.

ثُمَّ تزوجا بعدَ أنْ تمَّ القبض على عمتيها وعمّها، ورجوع الحقّ لها، طلبت من المستشار القانوني أنْ يقومَ بتوزيعِ الميراث طِبقًا لِما أنزلَ اللَّه، فعلَ وقامتْ هي بالعفو عن ذوي قُربتها.. لكنَّها ما سامحتهم، فشتّان بينَ العفو والسماح.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

454 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع