هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لا يجوز الجمع بين الصلاتين في السفر!
  • بالمختصر..
  • العرض في البطن و المرض في العين و إيقاف الدواء فيه العون!! 
  • أنت مهرجاني
  •  إلا منك أنت 
  • مكسورة في صمت
  • لست بريئة
  • أوجاع معلم على المعاش 
  • تغريد الكروان: ذاتك .. هدهدها
  • الندم لا يغير الماضي
  •  النقد علم وفن
  • الإنسانية والموت عنوان يرادف "الحياة" - ليندة كامل - دراسة نقدية 
  • شعر مستعار
  • الكاحول و صراع الحيتان
  • العاشق يرى لا يسمع
  • إحذر و تيقن
  • ستجبرون...٤
  • حسنًا.. إنها الجمعة..
  • لا تحزني يا عين..
  • حبل الذكريات
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة محمد الشافعي
  5. الاستقرار سنة كونية واجتماعية  

لماذا نتزوج؟ لماذا نسافر ونغترب بين البلاد بحثًا عن الرزق؟ لماذا نترك وظيفة لنلتحق بوظيفة أخرى؟ لماذا ينفصل الزوجان ليتزوج كل واحد منهما زيجة جديدة؟ 

لماذا يضطر الصديق أحيانا مفارقة صديقه والجار عن جاره؟ لماذا تهاجر الطيور؟ 

لماذا؟ لماذا؟ ولماذا؟

 

أسألة كثيرة تنطلق من صفحات الواقع في كل لحظة من حياتنا، وربما لا يفكر في فلسفتها وما وراءها من معانٍ إلا القليل، وإن كان في استقراءها والوقوف على مقاصدها إفادة جليلة.

 

إنها كلمة واحدة، ربما تجيب على كل تلك الأسألة جميعا وهي كلمة «الاستقرار».!

 

نعم، الكل يبحث عن الاستقرار، الكل يفر من الذُّعر والخوف والإرهاب إلى الأمن والسكنية والاطمئنان.

 

وليس ذلك في عالم البشر فحسب، بل هي سنة إلهية في الكون كله، إنسه وجنِّه، عاقله وجماده.

 

ففي عالم الاجتماع البشري جعل الله الاستقرار سنة إجتماعية منذ خلق الله المجتمع الأول بنزول أول أسرة للأرض، وهي أسرة أبونا آدم وأمنا حواء، قال تعالى: ﴿قَالَ ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ [الأعراف ٢٤]

 

ثم جعل الله الاستقرار هدفًا ورجاءً يأمل لتحقيقه كل قاصد ويرجو نعيمه كل شارد، فربطهُ بالغاية العظمى وهي الجنة وجعلها دار الاستقرار المطلق؛ كي تُثار همم الأبطال وتعمل، قال تعالى: ﴿أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ یَوۡمَىِٕذٍ خَیۡرࣱ مُّسۡتَقَرࣰّا وَأَحۡسَنُ مَقِیلࣰا﴾ [الفرقان ٢٤]

وقال جل ثناءه: ﴿خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ حَسُنَتۡ مُسۡتَقَرࣰّا وَمُقَامࣰا﴾ [الفرقان ٧٦]

 

وفي عالم الحيوانات نجد أن الاستقرار غاية الغايات لهم أيضًا، فما كان لملايين الطيور أن تهاجر موطنها وتقطع الأميال الشاسعة على كفوف المخاطر إلا للبحث عن الاستقرار.!

 

وما كان للنمل أن يظل طوال فصل الصيف مشغولا بتخزين الغذاء وبناء المستعمرات إلا لتوفير بيئة مستقرة له في فصل الشتاء تضمن له الرخاء والبقاء!

 

وما كان للطيور أن تتعب في تأسيس أوقارها، والنحلِ في بناء خلاياه، والدودِ في حفر أنفاقه ... إلا للتطلع إلى توفير البيئة المستقرة والحياة الهادئة.!

 

إنه فطرة ربانية في عالم الحيوانات يجري ورائها ويسعى لتحقيقها كل كائن.

 

 

أما في آفاق الكون المشهود فنرى الاستقرار سنة كونية في كل عناصر الكون من الذرة إلى المجرة.

 

فها هي الشمس تدور وتجري حول مركز المجرة بسرعة هائلة لا تتوقف؛ لِتُتيح وتوفر للخلائق حياة مستقرة، ولو توقفت الشمس لحظة ما استقرت على الأرض حياة، وذلك من تقدير الله ورحمته، قال تعالى: ﴿وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِی لِمُسۡتَقَرࣲّ لَّهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ﴾ [يس ٣٨]

 

وجعل الله الأرض للخلق قرارًا ومستقرًا للعيش والرزق، قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارࣰا وَٱلسَّمَاۤءَ بِنَاۤءࣰ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِۚ ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [غافر ٦٤]

 

وفي عالم المادة والذرة تتجلى معانى الاستقرار وأهمية الوصول إليه في أبهى صور الإعجاز والقدرة الإلهية.

 

فالذرة تتكون من نواة (تحوي بروتونات ونيوترونات) محاطة بإلكترونات تدور في مدارات محددة. البروتون يحمل شحنة موجبة، والإلكترون شحنة سالبة، مما يؤدي ذلك التوازن بين هذه الشحنات إلى جعل الذرة "مستقرة كهربائيًا".!

 

وفي داخل النواة، هناك قوة نووية قوية تمسك بالبروتونات (التي تتنافر طبيعيًا بسبب شحنتها الموجبة). لولا هذه القوة لانفجرت النواة، ولكن الله خلقها بدقة تحافظ على استقرار المادة.!

 

وتفقد الذرات من الإلكترونات وتكتسب للوصول إلى حالة الاستقرار وهو ما يسمى بتفاعلات الأكسدة والاختزال.!

 

ولا تهنأ للعناصر المشعة غير المستقرة في الكون إلا أن تفقد تلك الجسميات المشعة والتي سببًا في عدم استقرارها للوصول إلى حالة الاستقرار وهو ما يسمى في الكيمياء النووية «التحول الإشعاعي».!

 

إذن الاستقرار سنة كونية واجتماعية وفطرة ربانية، وهو ما يتطلب لذلك صيانة قداستها، فلا رُعب ولا تخويف ولا إرهاب ولا قتل ولا دمار؛ فإن كل ذلك اعتداء على السنة الإلهية والفطرة الربانية.

 

إنها رسالة من الكون ودعوة لتحقيق السلام ونشر الأمان وتوفير الاستقرار لكل الكائنات والمخلوقات.

 

والله أسأل أن يهيأ لها أسماعنا وعقولنا وقلوبنا وقوانيننا؛ لنُلبيَ دعوتها ونحقق غايتها ونصون قداستها، والله المستعان.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

420 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع