ماذا يُراد بحياة الإنسان، ما الذي يُميِّزُ حياته عن حياة الكائنات الحية الأخرى؟؟
هل هو الأكل والشرب؟ لا، فكل الحيوانات تأكل وتشرب.
هل هو التنفس؟ لا، فكل الكائنات الحية من نباتات وحيوانات وحشرات تتنفس.
هل هي الحركة؟
لا، بدليل أن الرياح تتحرك والأمواج تتحرك والأوراق تطير في الهواء وتتحرك، والأرض تدور وتتحرك، والأجرام السماوية كلها تَسْبَحُ وتتحرك في أفلاكها، ومع ذلك ليست أشياء حية!!.
هل هو النمو؟
لا، بدليل أن الجبال تنمو وتزداد حجما بفعل العوامل الجوية، ومع ذلك ليست حية!!.
هل هي صفة الكلام؟
لا، بدليل أن الراديو يتكلم، والريح يُصفِّر والرعد له صوت، ومع ذلك ليست أشياء حية!!
هل هو الإحساس؟
لا، بدليل أنَّ المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة، وهذا نوع من الإحساس، ومع ذلك لا نقول عليها أشياء حية!!.
والحق أن هذه العوارض كلها لا تدل على الحياة؛ لأنها عوارض (آلية)، تحدث أوتوماتيكي، دون معنى أو إرادة أو وعي.
لكنَّ الذي يميز حياة الإنسان بمعناها ومبناها هي معاني عظيمة أخرى، أعظمها (الإرادة).
نعم، الإرادة، أن تكون الحركة إرادية، والنمو إرادي، والإحساس إرادي، والكلام إرادي، كل شيء يحدث بإرادة.
فأي شيء لا يملك هذه الإرادة لا يكون حيًّا، حتى وإن ظهرت منه أفعال حية.
الحديد يتأثر بالحرارة دون إرادة أو وعي، والرياح لها صوت دون إرادة أو تحكُّم، والمذياع يصدر الصوت دون إرادة ولكنه صوت الكائن الحي الذي يتكلم فيه.
لكنَّ الإنسان يستطيع أن يتكلم ويصمت وقتما شاء، بإرادته ووعيه. يستطيع أن يأكل ويصوم، يستطيع أن يستيقظ وينام، يستطيع أن يصدق ويكذب، يستطيع أن يتحرك ويسكُن، فالإرادة هي التي تجعل لحياة الإنسان قيمة ومعنى،
وبناءً على ذلك فالإنسان الذي ليس عنده إرادة في حياته، فهو ليس موجودًا حتى وإن كان موجودًا.
ومن الإرادة تتولد معاني الحياة الأخرى مثل:
2- الحرية: حرية الرأي والعقيدة والتفكير والكلام، لا أحد يستطيع أن يتحكم في عقلك وتفكيرك.
ولذلك في القرآن الكريم جعل الله دية المقتول خطئا تحرير رقبة، لماذا؟
لأن القتل أنهى حياة شخص، فتكون الدية هي إحياء شخص مكانه، وكأنَّ تحرير العبد من عبوديته حياة له، وكأن الرق والعبودية موت. (أ.د. محمد عمارة)
3- التمييز والاختيار: الإنسان يميز بين الخير والشر، بين السهل والصعب، بين الطيب والخبيث، بين الحلال والحرام، وله حرية الاختيار، وعلى اختياره يكون جزاءه عند الله.
كذلك من معاني حياة الإنسان:
4 - النظام. 5- مقاومة الفساد والمرض. 6- الاستفادة من الوسط الذي يعيش فيه. 7- التعاون. 8- الإبداع.
9- التفرد والاستقلال.
وهكذا نرى أنَّ الإنسانَ حيٌّ بعقله ... الإنسان حيٌّ بإرادته .... الإنسان حيٌّ بتفكره وتأمله وإبداعه.
الحياة معنى عظيم وليس قالب مصمت صلب.