تحليل سياق مكالمة هاتفية بين الاتحادية والپاستور
١- تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، زعيم قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة، اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيراني الدكتور مسعود پزشكيان زعيم قصر الپاستور الرئاسي في طهران، في أول أيام عيد الفطر الذي تزامن ـ للمفارقة ـ في كل من البلدين للمرة الأولى من سنوات.
٢- وفي تلك المكالمة غير التقليدية شدد الرئيس السيسي لنظيره الإيراني على حرص مصر على خفض التصعيد الإقليمى ومنع توسع رقعة الصراع، لاسيما مع تواتر الأنباء عن تأهب أمريكي وإسرائيلي لشن عملية عسكرية على إيران.
٣- لكن اللافت هنا أن المكالمة جاءت في سياقين أحدهما ثنائي والآخر دولي، فعلى صعيد المستوى الثنائي تدل المكالمة على حرص طهران المتزايد على توطيد العلاقات مع القاهرة وإعادة العلاقات المقطوعة منذ ٤٦ عاما تقريبا، واستثمار اتساع الأفق في الرؤية الإستراتيجية للقيادة المصرية حول حل مشاكل المنطقة والعالم، إذ تعرف إيران أن أهمية مصر هي أصل بنيوي في السياسات الإقليمية وليست علاقة سلوكية.
٤- وبالنسبة للسياق الدولي فإن هذه المكالمة تعني أن هناك رغبة إيرانية في الاستماع إلى وجهة النظر المصرية حول تصاعد التوتر مع الإدارة الأمريكية التي صرحت بإمكانية الذهاب إلى عمل عسكري ضد إيران من شأنه إعادة البنى التحية النووية الإيرانية إلى حقبة الستينيات.
٥- المؤكد في هذين السياقين أن حربا إقليمية تكون إيران طرفا مركزيا فيها سوف تتوسع لتصبح حربا عالمية بالمعنى الحرفي للكلمة نظرا لتعقد تحالفات إيران وقوتها على المستويين العسكري والجيوإستراتيجي، وهو ما يرفضه أي نظام سياسي عقلاني يستهدف خفض التصعيد الإقليمى.
٦- ويمكن قراءة ذلك مصريا من خلال المناورات العسكرية البحرية بين إيران والصين وروسيا قبالة خليج عمان في الأسابيع الأخيرة، وتأكيد موسكو وبكين على رفض أي عمل عسكري أمريكي ضد إيران، جنبا إلى جنب مع صيغة المباحاثات الثلاثية في بكين حول البرنامج النووي الإيراني والتسوية السياسية العادلة والشاملة لهذه المعضلة التي نتجت عن خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام ٢٠١٨.
٧- مجمل ما أعلاه أن المتابع الحصيف لسيرورة العلاقات المصرية ــ الإيرانية ينظر إلى المكالمة الهاتفية بين السيسي وپزشکیان بعينين مفتوحتين على أقصى مدى ممكن، تنظر إحداهما إلى التطبيع المحتمل بين البلدين الكبيرين، وتنظر الأخرى إلى الصراع المحتدم بين كل من أمريكا وإيران.