عندما كنتُ في السن الذي ربما تكون قد بلغته أنت الآن، كنت على الأرجح أظن أنني لن يكون لي طفل ، وما دبَّ في قلبي من حزن لم يكن لإحتمالية عدم إنجاب طفل ، وإنما فكرة حرمان والديّ من أحفادهما، وفكرة إصابتهما بخيبة الأمل ومعرفتي بأنني، في أعينهما، كما في أعين الآخرين، سأظل غير مكتملٍ.
ثم كبرت وترعرعت، وسعيت إلى أن أحوّل غيابك إلى قوة، حاولت أن أعتقد أنني بدونك أشعر بحرية أكبر، لا تقيدني مسؤوليات ولا روابط .
ومع ذلك سأكون كاذبًا إذا ادّعيت أنني لم أحسد قط أولئك الذين لديهم طفل ، أو إذا كنت أقول من وقت لآخر، إنني لا أشعر بوخزة أسى لأنني لم أعرفك.
والحق يقال، فإنني في الغالب لن أملك الكثير لأمنحك إياه، كما لا أملك أي حلٍ يتيح لك خوض الحياة دون أن تحترق، لا أملك ما من شأنه أن يحفظك من ولوج عالم النضج، ما يحميك من مواجهة الواقع المرير في هذا العالم، ما يمنع عنك الجدية والحزن، ما يبعد عنك خيبات الأمل في الصداقة والحب، كما ترى؛ كلما مر الوقت كلما تضاءلت الحقائق اليقينية لديّ، إنّ قناعاتي هشة، ولم أتعلم شيئًا.
لذا، نعم، أشعر أحيانًا بوخزة ندم، كما أشعر في هذه اللحظة، فلا مجال أن أشاركك بدايات فصل الربيع، وأريج شجر التفاح التي تفتحت أزهارها للتو، ودهشة العثور على ثعبان العشب الصغير خلف كومةٍ قديمة من الحطب، وكتاب قصص الأطفال الذي قمتُ بتأليفه مع العلم أنني لن أقرأه لك.
إن الخاطر الذي يواسيني هو أنه على الرغم من أنني بدونك لا شك تفوتني أشياء كثيرة، إلا أنك أنت، من ناحية أخرى، لن يفوتك شيء.
----
مترجم بتصرف عن مقالة ل( جان باتيست ديلامو )