آخر الموثقات

  • صوته
  • يوم خرجت من دمشق
  • المظهرة بالملابس
  • صورتي و خواطر
  • نعمة الإحساس 
  • المعادله لازم تكون واضحه في الأذهان
  • هل قلة الأدب من حسن الخلق ؟
  • وماذا لو جاء معتذرًا؟
  • رواية الهودو - الفصل العاشر
  • رواية الهودو - الفصل التاسع
  • هياكل النجوم -1
  • ما أنا إلا جزء من الكون يسبح
  • مقايضة لا مرئية - قصة قصيرة 
  • يا آسري
  • شخص من عالمي 
  • المخ ... هو المطبخ
  • ثروة المعلم الحقيقية
  • خليليات: رحم الله الاستاذ الدكتور محمود أبو الفتوح
  • الوزيرة والحجاب و العالم الجليل
  • تغريد الكروان: اعرف نفسك أولًا
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة نجلاء لطفي
  5. نعمة النسيان - الجزء الثاني

تزوجت من جاسر وانتقلت للحیاة معھ في شقتھ بالقاھرة فلم أكن أقدر على العیش معھ في شقة بھاء التيصارت ملكا لآسر، ولم یكن قادرا على ترك عملھ بالقاھرة والعیش معي بالإسكندریة، فارقت مدینتي وأميالتي رفضت أن تعیش معي لأنھا لا ترغب أن تكون عبئا على أحد ولا تستطیع التخلي عن عملھا، وفارقتبیتي وأصدقائي فقط من أجل مصلحة آسر الذي كان یحب جاسر كثیرا وكان متعلقا بھ لأن جاسر كان یحسنمعاملتھ وكان ذلك فقط ما یخفف عني جفاء جاسر ومشاعره المتبلدة. لم أكن زوجتھ بالفعل إنما مجرد زوجةعلى الورق حیث قضیت أكثر من شھرین أنام مع آسر في غرفتھ فجاسر كثیر الإنشغال في عملھ وسفرهللمنصورة أحیانا لمتابعة شئون الأرض، ولا أعلم ھل ھو منشغل حقا أم أنھا وسیلة للھرب مني لأنھ مایزالیراني زوجة بھاء؟ أم أنھ مازال یحب طلیقتھ التي طلبت الطلاق رغم شدة حبھ لھا – كما عرفت من أم بھاء-ویخشى إن صرت زوجتھ أن یكون خائنا لقلبھ ولبھاء؟ لم تكن لدي إجابة ولكني كنت أكن لھ كل تقدیر لحسن.معاملتھ لابني ولمراعاتھ لمصالحنا

اعتدت على الحیاة بالقاھرة رغم شدة اشتیاقي للإسكندریة ولأمي ولرائحة البحر ولأم بھاء ولمیاء، وطلبت منجاسر أن یسمح لي بالعمل لأني أشعر بالملل وخاصة وأن آسر سیذھب للمدرسة خلال فترة جیزة فترك ليالحریة لأفعل ما أرید فأدركت أنھ لایبالي بي ولا بما أفعلھ. بحثت عن عمل حتى وجدت في مدرسة أسر فرصةعمل فسعدت بذلك كثیرا حتى أكون بجوار آسر فیشعر بالإطمئنان وتكون مواعیدنا واحدة تقریبا. شغلنيعملي عن التفكیر بحیاتي الشخصیة وكان الوقت بعد العمل بالكاد یكفي لأداء مھام البیت فم أعد أفكر في جاسرولا علاقتي بھ، حتى سافرنا لأول مرة للإسكندریة لزیارة أمي وأم بھاء فسعدت أنا وآسر جدا بتلك الزیارة كماشكرت أم بھاء جاسر على تلك الزیارة وطلبت منھ ألا یقطع آسر عن زیارتھا فوعدھا بذلك. انتھت الزیارةبمبیتنا عند أمي التي فرحت جدا بوجودنا معھا وأصرت على أن یبیت آسر معھا فكان على جاسر أن یبیتمعي في حجرتي على سریري الذي بالكاد یتسع لشخصین ، بمجرد أن دخلنا غرفتي شعرت بالحرج فلأول:مرة سنبیت معا في غرفة واحدة وعلى سریر واحد فقلت لھ بارتباك

أنا أسفة بس ما ینفعش أنام في أوضة تانیة ماما ھتقول علینا إیھ؟ وكمان ماعندیش كنبة في الأوضة بس ممكن-أفرش وأنام في الأرض

وانتي فاكرة إني ھاقبل بكده ؟ لا طبعا نامي على السریر بس عاوز أخد دش-

حاضر ھاشوفلك الحمام-

انتھزت فرصة غیابھ في الحمام وبدلت ملابسي ببیجاما كنت تركتھا في بیت أمي قبل زواجي من بھاء وتدثرتجیدا ونمت على طرف السریر، فدخل بعد عدة دقائق فادعیت النوم فتمدد بجواري على الفراش وحاول النوملكنھ لم یستطع فظل یتحرك في الفراش ثم اقترب مني واحتضنني وقبلني ومارس حقھ كزوج بصمت وآلیةكأنھ یؤدي واجب بلا مشاعر ولا كلمات غزل وبعد أن انتھى نام وكأنھ لم یفعل شيء بل وأعطاني ظھرة مبتعداعني، كم آلمني ذلك لیس أنھ جعلني زوجتھ الفعلیة بل أنھ قام بھا بلا مشاعروكأنھ یرید أن یتخلص من عبءرغبتھ لیس أكثر. استیقظ في الصباح ولم یقل شئ وكأن شیئا لم یحدث واغتسل وتناولنا إفطارنا وعدنا لبیتنا:بعد أن ظل صامتا طوال الطریق وعند دخولنا للبیت قال وھو متجھم

عودي آسر إنك ھتنامي في أوضتك وسیبیھ ینام لوحده عشان یتعود وجھزي لكي أوضة الضیوف تنامي فیھا-

حاضر-

صارت غرفة الضیوف ھي غرفتي وكان جاسر قد بقي على حالھ متجھما قلیل الكلام مشغول دائما بعملھوكلما شعر برغبة تجاھي انتظر حتى ینام آسر ثم یدخل غرفتي ویمارس حقوقھ في صمت وبعد أن ینتھيیتركني بلا أیة كلمة، كم كنت أبكي بعد انصرافھ فلم أكن أتوقع أن یبادلني الحب والغرام لكن كنت أتمنى أنتكون علاقتنا أقل برودة وبھا احترام لمشاعري. قررت أن أتكلم معھ وأشرح لھ احتیاجاتي كأنثى وزوجة فقال:ببرود

دي حیاتي وطریقتي واتعودي علیھا-

لم أتحدث عن احتیاجاتي كامرأة مرة أخرى إنما تلقیت ما یتفضل علي بھ في صمت وألم نفسي. كانت حیاتيكئیبة تخلو من البھجة سوى ذلك الوقت الذي أمضیھ مع آسر فألعب معھ وأضحك وأنسى العالم بأسره، حتىفوجئت بحملي وظننت أن ذلك سیبدل حالھ وخاصة أنھ لم ینجب من زوجتھ الأولى ولكني كنت واھمة فقد ظلعلى جموده وتجھمھ حتى أنھ لم یُظھر فرحتھ أو غضبھ بخبر الحمل، لكنھ كان یؤدي كل واجباتھ المادیة بلاشكوى أو تقصیر وعندما رزقني ﷲ بالتوأم أحمد ومحمد كان آسر قد بلغ الخامسة من عمره فتركت عمليلأتفرغ لرعایة ( عصابة الصبیان) كما كنت أطلق علیھم، فقد كانوا بالفعل عصابة متحالفة ضدي. بقیت أميمعي شھرین بعد ولادتي حتى نظمت حیاتي مما اضطرني لأن أنقل أشیائي لغرفة جاسر من قبل الولادة حتىلا تظن أمي بنا الظنون من جھة ومن جھة أخرى لیكون للتوأمین غرفة خاصة بھما لأن غرفة آسر صغیرة ولا.تسعھم جمیعا

تركتني أمي مع تلك العصابة أقاسي وحدي، فكانت المسئولیة ثقیلة علي لكني كنت سعیدة بھا حیث أدخلا علىحیاتي بھجة وسعادة ، كما أن آسر سعد أن صار لھ أخوه كزملاؤه في المدرسة، فكانوا یلعبون معا ویتشاجرونویملأون البیت ضجیجا وصخبا وسعادة وحیاة كانت مفقودة، ورغم ذلك لم یتغیر طبع جاسر إنما ظل علىجموده وجفاء مشاعره فأدركت أن تلك طبیعة شخصیتھ ولا سبیل لتغییرھا، بینما كان مع الأولاد كثیر الاھتمام.والرعایة لكنھ ظل متجھما مكتفیا بدور المرشد لھم ومن یخافونھ عند الخطأ

كبر الولدان ودخلا المدرسة وانشغلت في مذاكرتھما مع مذاكرة آسر فلم یعد لدي وقت للعمل فكرست حیاتيلتلك العصابة التي صارت كل حیاتي ومصدر سعادتي وجنوني في آن واحد، واقتصر دور جاسر على التمویلالمادي وتوجیھ التعلیمات وتقویم سلوكیات العصابة التي كانت تحتاج فعلا لحزم الأب وشدتھ. حرصت علىممارستھم للریاضة لتفریغ طاقتھم الجسدیة حتى لا یفرغونھا في وفي أثاث المنزل ، كما أصر جاسر على أن.یحفظوا القرآن لأن تعلم الدین من الصغر لھ تأثیر كبیر على سلوكھم

نسیت نفسي ومشاعري في خضم الحیاة الصاخبة التي أعیشھا والمسئولیة الكبیرة وماتت أمي وتركتني وحیدةفي ھذا العالم الجاف الخالي من الحب وبعد عامین ماتت أم بھاء أخر من یحبني في ھذا العالم فازداد عالميقسوة وجفاء، وعاشت منى مع زوجھا في السعودیة بینما تزوجت لمیاء أحد جیرانھا وبقیت في الإسكندریةوحرصت على ألا تنقطع صلتي بھما فھما كل من بقي لي في ھذا العالم ، كما أنھما عمات أولادي وأنا حریصة.على صلة الرحم

مرت الأعوام وكبر الأولاد وأصبح آسر نسخة مُصغرة من بھاء ولكنھ كان أقل مرحا وصخبا منھ ربما یرجعذلك لتأثره بجاسر، كما أصر أن یعتمد على نفسھ منذ المرحلة الإعدادیة فأصبح یذاكر ویذھب لتدریباتھ بمفردهولا یلجأ لي إلا في الضرورة، وكان كثیرا ما یساعدني في بعض أعمال البیت مما شجع إخوتھ على تقلیده فقدكان لھما الأخ والصدیق والقدوة وأسعدني ذلك كثیرا. كبر الصغارشیئا فشیئا واعتمدوا على أنفسھم وصرتأعاني الفراغ ونظرا لكبر سني لم تقبل أي مدرسة بعملي لدیھا فھم یفضلون الشابات الصغار ففكرت أن أفتحدار حضانة ولكني أجلت تلك الفكرة حتى ینتھي آسر من امتحان الثانویة العامة وخاصة أنھ في الشعبة العلمیةویسعى للحصول على منحة من جامعة أوربیة لاستكمال تعلیمھ بھا ، ورغم اعتراضي لأني لا أحتمل بُعده:-فھو النور الذي یُضئ عتمة حیاتي- فقد تركت الباب مفتوحا أمامھ وقلت لھ

لو جبت مجموع كبیر ھاوافق على السفر-

:قبل بدء العام الدراسي فاجئني جاسر بأنھ طلب مني الحدیث بمفردنا فقلت لھ

خیر-

:فظل مرتبكا للحظات ثم نظر في عیناي وقال

العلاقة بیننا قایمة على الاحترام والصراحة عشان كده عاوزك تسمعیني للأخر وبعدین تقرري ، أبویا وأمي-اتجوزوا جواز تقلیدي وأبویا عرف بعد الجواز إن أھلھا غصبوھا على الجواز منھ -رغم إنھا بتحب ابن خالتھا– لأنھ الأغنى حاولوا یعیشوا مع بعض عشاني لكنھم فشلوا فقرروا الطلاق وأنا عمري 7 سنین وأمي سابتنيواتجوزت اللي بتحبھ وماعرفتش عنھا حاجھ بعدھا ربتني جدتي أم أبویا وكانت حنینة علیھ جدا في حین أبویاكان شدید جدا ، مات أبویا في حادثة وسابني وأنا عمري 11 سنة في رعایة جدتي وبقى عمي مجدي أبو بھاءﷲ یرحمھم ھو اللي مسئول عني وھو اللي بیراعي مصالحي، عشت حیاة صعبة نفسیا كنت حاسس بالیتم دایماقلبي مكسور عشان كده ما كنتش زي باقي الأطفال وكنت حاطط كل ھمي في المذاكرة والقراءة وكان عميدایما یقولي إنت راجل ماتخلیش حد یكسرك ویاخدني معاه ویعرفني أملاكي وأملاكھ وأحاسب معاه المزارعینویقولھم لو أنا مش موجود جاسر موجود مكاني، شیلت المسئولیة وكبرت فجأة ومات عمي ولقیتني مش بسمسئول عن نفسي لأ وعن أولاد عمي، كانت جدتي معایا بتراعیني وشایلة معایا المسئولیة وبتساعدني ولماجیت أدخل الكلیة شجعتني أدخل فنون تطبیقیة القاھرة مش المنصورة عشان اعتمد على نفسي واتعرف علىناس جدیدة وعلى رأیھا اتدردح شویة، رحت عشت في المدینة الجامعیة واتعرفت على زملاء جدد وفي الكلیةشفت أنماط من الطلبة ما شفتھاش في دنیتي المقفولة، وكنت في الأجازات مرة أرجع لجدتي ومرة أزور أولادعمي وبعد أول سنھ اتعرفت علیھا فرح كان اسمھا على مسمى كانت فرح وھي بتشیع الفرح في أي مكانبتروحھ ، بنت جمیلة ومرحة وكلھا حیویة ، بتطلع كل الرحلات وبتحضر الحفلات وبتشارك في الریاضةورغم كده شاطرة ، كانت حیاة كلھا انطلاق وشباب، عجبتني واتعلقت بیھا وبقیت أنجح بتفوق عشانھا ، وبقیناأصحاب وبعدین اتطورت حكایتنا لقصة حب، كانت من ناحیتي مش بس حب ده عشق مالوش حدود وبعدالتخرج اتقدمت لھا وأھلھا وافقوا على الخطوبة وأجلوا الجواز بعد تخرجھا كنت وقتھا فتحت مكتبي للدیكورولما اتخرجت اشتغلت معایا واختارت الشقة اللي ھي عاوزاھا وھي اللي اختارت دیكوراتھا واتجوزنا وكنتأسعد واحد في الكون أخیرا الدنیا ضحكت لي ، لكن لما الدنیا تضحك بزیادة لازم نعرف إنھا ھتغدر وفعلا دهاللي حصل، حمل فرح إتأخر ولما رحنا للدكاترة طلع العیب من عندي لكن لھ علاج بس بیاخد وقت ،افتكرتھاھتستحمل عادي لأني لو في مكانھا وھي مخلفتش أصلا ھاستحملھا لأخر العمر، استحملت أول سنة وبعد كدهبدأت تعمل خناقات من مافیش وبقیت أصالحھا وأراضیھا لكن بعد عید جوازنا التالت عملت خناقة كبیرةوعایرتني إني مش قادر أمتعھا بأمومتھا وأن رجولتي ناقصة ما حسیتش بنفسي غیر وأنا باضربھا بالقلموساعتھا مشیت وراحت بیت أبوھا وأصرت على الطلاق ورغم شدة حبي لھا لكن ماقدرتش أسامحھا لأناجرحت كرامتي ولأن حبي لھا ما شفعش لیھ عندھا، حتى جدتي قالت لي مھما تعمل ھتفضل مش راضیةوھتعایرك، ساعتھا قررت أستجیب لرغبتھا وطلقتھا وادیتھا كل حقوقھا وقفلت قلبي من بعدھا ونسیت معنىالضحك والفرحة، كل مشاعري ماتت بعدھا خاصة لما عرفت إنھا اتجوزت وخلفت، ماتت جدتي وبعدھا بكامسنة مات بھاء أخویا الصغیر اللي كان جزء من نفسي ولقیت مسئولیتي ناحیتھ إني أحافظ على مراتھ وابنھ،اتجوزتك بالعقل واعتقد إني قمت بواجبي ناحیتك وناحیة آسر كامل، كنت معاھد نفسي ما ألمسش ست بعدفرح وخاصة وإنك مرات بھاء، لكن أنا بشر ولیھ احتیاجات وماقدرتش أقاوم وجود ست جمیلة زیك معایا منغیر ما ألمسھا وطبعا كنت وقفت العلاج من یوم ما طلقت فرح لكن ربنا أراد إنھ یعوضني ورزقني بتوأمصبیان بدل طفل واحد وكأنھ بیطبطب على قلبي، رضیت بقسمتھ وحیاتي كلھا كانت لكم لكن عارف إن قلبيومشاعري ما كانوش ملكي كانوا موشومین بوشم فرح ومختومین بختم ملكیتھا، لكن حاولت على أد ما أقدر.أقوم بواجبي ناحیتكم على أكمل وجھ

:سكت للحظات فقلت

كمل بتحكي لي الحكایة دي كلھا لیھ بعد 13 سنة جواز؟-

لأن فرح رجعت لي بعد جوزھا ما مات وسابھا لوحدھا مع بنتین وأبوھا اتوفى واخواتھا كل واحد مشغول في-حالھ، رجعت لي لأنھا ماقدرتش تنسى حبي ، صحیح اتجوزت غیري لكن عمرھا ما حبتھ ولا لقیت الحبعنده زي ماحبیتھا، رجعت لي لأنھا متأكدة إن حبي لھا ماماتش وإني الوحید اللي ھاقدر أصونھا ھي وبناتھا،لحظة ما رجعت حسیت إن روحي رجعت لي وإن قلبي رجع یدق تاني وإن البسمة عرفت طریقي، ابتسامة منالقلب مش من على الشفایف بس، عشان كدة قررت أتجوزھا وأنا باصارحك قبل ما أخد أي خطوة لأنيباحترمك وباحترم نفسي مش أنا الراجل اللي یتجوز في السر زي الحرامیة، وده مش معناه إني ھاقصر في أي.حق من حقوقكم بالعكس حیاتكم ھتفضل ماشیة زي ماھي وھاقسم الأیام بینكم بالعدل

:سكت قلیلا ثم قلت

أنا طول عمري یا جاسر باحترمك وباقدرك والنھاردة كبرت في نظري إنك صارحتني قبل أي حاجھ، طبعا-انت عارف إننا اتجوزنا عشان مصلحة آسر ولكن لما حولت جوازنا لحقیقة صممت إني أنجح الجواز ده لكنكان فیھ جدار عالي بینك وبیني حاولت أخطیھ بس انت ما سمحتش فاحترمت رغبتك وعشت على الاحتراموالمودة اللي بیننا ، لكن النھاردة انت لقیت سعادتك وحب حیاتك أنا ما أقدرش أمنعك إنك تعیش سعید وخاصةوإنك عشت معایا مجبور وعاملت ابني أحسن معاملة وربیتھ وكبرتھ وصُنت مالھ ، أنا طبعا مع حقك فيالسعادة لكن زي ما ھتمارس حقك في تعدد الزوجات أنا كمان ھامارس حقي اللي الشرع إدھولي وھاطلبالطلاق لأني مش ھاقبل إنك تعیش معایا مجبور مرة تانیة ، الأولاد كبروا وھیقدروا یفھموا وھیفضل البیتمفتوحلك تزورھم في أي وقت وھم یزوروك لو فرح تحب ، لكن أنا متشكرة جدا على كل السنین اللي عشتھا.معاك ومن فضلك خلینا ننفصل بھدوء واحترام ویفضل شكلنا حلو قدام الأولاد

إنتي زعلتي؟-

الست بتزعل لما بیكون بینھا وبین جوزھا حب، لكن احنا كنا متشاركین الحیاة من غیر رضانا وكملنا عشان-الأولاد لكن مافیش بیننا حاجة مشتركة حتى العلاقة اللي بین أي زوجین مقطوعة من سنتین وأكتر یبقىھنعیش لیھ ؟ عشان شكل اجتماعي؟ ولا عشان الأولاد؟ لأ أنا مش ھاكرر التجربة دي تاني من حقك تعیشبطریقتك ومن حقي أعیش بطریقتي لكن المھم ماتنساش أولادك

أنا عارف إن الخبر مؤلم وصادم عشان كده ھادیكي فرصة یومین تفكري فیھم، أنا مسافر المنصورة وراجع-بعد بكرة تكوني فكرتي براحتك ومھما تكون رغبتك ھانفذھا

تركني وغادر وحقا لم أكن حزینة أو حتى غاضبة فھو لم یكن لي زوج بالمعنى المعنوي فلم یمنحني الحبوالمشاعر، كنا شریكي سكن، أو بمعنى أدق شریكي حیاة فكلانا مضطرین أن نعیش نفس الحیاة بأجسادنا ولكنبلا قلب ولا روح، فوجوده في حیاتي كغیابھ لا یفرق كثیرا، حقا غیابھ سیؤثر في حیاة أولادي لكني متأكدة أنھمسرعان ما سیتجاوزوا ذلك الألم ، فإن أجبرتھ على البقاء معنا لن یكون سعیدا بالعكس سیكون حانقا كما أنھا لنتسمح لھ أن یعیش معنا فھى لابد وأنھا ترید تعویض مافاتھا معھ. اتصلت بلمیاء ومنى واخبرتھما بما حدث:فقالت مني افعلي ما ترینھ في مصلحتك ومصلحة أولادك، بینما قالت لمیاء

إنتي خایبة بقى ھي اللي فرطت فیھ ورمتھ تیجي في الأخر تاخده على الجاھز وكمان یربي لھا بناتھا، وانتي-اللي أم أولاده الصبیان وعشرة 13 سنة مستحملة سخافتھ وجفاف مشاعره تسیبیھ لھا كده على الجاھز وھيھتقش حقك وحق أولادك، ماتبقیش ھبلة ، ھي اللي تخاف منك وتعمل حسابك یا عبیطة

مش عاوزة منھ أي حاجة یا لمیا كفایة إنھ ربى لي ابني وصان مالھ، وأنا عندي ورث من أمي وأبویا وھارجع-معاشھم ، بس ما بقیتش قادرة استحمل العیشة كده وكمان ھیتجوز علیھ یعني مشاكل ونكد ومناكفة، ھو العمرفیھ أد إیھ تاني عشان أضیعھ، أنا عاوزه أعیش سنیني اللي باقیة براحتي

یبقى على الأقل تأمني حق أولادك بدل ما تیجي الغریبة تلھفھ یا عبیطة-

:عاد جاسر من المنصورة وبعد أن اغتسل وتناول طعامھ ودخل غرفتنا وناداني فلما ذھبت إلیھ قال

فكرتي؟-

أه لیھ عندك طلبین ، الأول الطلاق بھدوء ومن غیر مشاكل وتفضل علاقتنا محترمة حتى بعد طلاقنا لأن بیننا-أولاد

والتاني؟-

واضح إن حبك لفرح جارف وممكن تعمل أي حاجة عشانھا وده مخوفني على الأولاد وحقھم فكل اللي-عاوزاه منك إنك تكتب الشقة دي بإسمھم وتحط لكل واحد فیھم ودیعة في البنك ما تتفكش غیر لما یكملوا 21سنة وأكون أنا الوصیة علیھم

:ظھر الغضب على وجھھ وقال بحدة

لیھ شایفاني عیل بریالة وأي واحدة ھتضحك علیھ وتاخد فلوسي؟ ولا مش راجل أقدر أحافظ على حق-أولادي؟

لأ شایفاك عاشق والعاشق بیمشي ورا قلبھ مش عقلھ وممكن تعمل أي حاجھ عشانھا، أنا مش طالبة منك حاجھ-لیھ ده ضمان لمستقبل أولادك وافتكر إن دي كانت فكرتك من سنتین لكن ظروفك المالیة وقتھا خلتك تأجلھایعني مش طالبة منك حاجة فظیعة ولا فوق طاقتك

:سكت للحظات وقال

فرح مش مادیة زي ما انتي فاھمة ھي یھمھا حبي مش فلوسي-

یبقى اتفقنا ھي عاوزه الحب وأنا عاوزة أأمن مستقبل أولادي وأعتقد ده حقي ومش عیب أنا مش طالبة فلوس-عشاني

ولو عاوزة أي فلوس خودیھا-

شكرا عندي ورثي من أھلي ومن بھاء ﷲ یرحمھ-

:شحب وجھھ فتلك أول مرة أذكر بھاء منذ زواجنا حیث كنت أحرص على مشاعره، ثم قال

خلاص ھاعملك كل اللي انتي عاوزاه-

یبقى اتفضل قول لأولادك على اللي ھیحصل-

كانت مواجھة الأولاد أصعب بكثیر من مواجھتي لكنھ فعلھا ووعدھم أنھ لن یقصر في حقھم وسیكون معھم.باستمرار ، كنت أعرف أنھ لن یستطیع أن یفي بوعده لكني لم أقل أیة كلمة

جلس مع الأولاد وتحدث معھم والوجوم سید الموقف كانوا حقا یعلمون أن الحب مفقود بیننا ولكنھم لم یتخیلواأن یصل الحال بنا للطلاق ، وعدھم جاسر أن تظل الحیاة كما ھي وألا یؤثر غیابھ على حیاتھم ولكن ھیھاتفتلك تخیلاتھ وأوھامھ فكان لغیابھ أثر كبیر علیھم وخاصة وأنھم في طور المراھقة، فزاد آسر إنطواءا وزادجموح محمد أما أحمد فحاول أن یحافظ على توازنھ النفسي بقدر المستطاع. مرت بنا أیاما صعبة وقاسیةحاولت فیھا أن أحافظ علیھم بقدر استطاعتي وابتعد كلا من آسر ومحمد عن جاسر وصارت معاملتھما لھ جافة.،لكن أحمد ظلت صلتھ بھ جیدة إلى حد ما

وضع آسر كل ھمھ وطاقتھ في المذاكرة لیحقق حلمھ بالسفر والدراسة في الخارج، وحاولت مع أحمد ومحمدأن یلتزما بدروسھما وأن ینتظما في تدریباتھما وأفلحت حینا وواجھت تمرد محمد كثیرا مما أرھقني نفسیا فھویحتاج أب ولكن جاسر غارق في بحور العشق ونسینا. بعد نجاح آسر في الثانویة بتفوق أوفیت بوعدي لھ وكانقد راسل العدید من الجامعات التي تعطي منحا للطلبة ولاقى القبول في عدة جامعات لكنھ كان ینتظر النتیجةوكان علیھ أن یختار من بینھم فاختار جامعة في النرویج لأن الدراسة بھا مجانیة بشرط أن یتقن اللغةالنرویجیة وقبلتھ الجامعة وسافر وأخذ جزء من قلبي وروحي معھ لأنھ لم یكن ابني فقط بل كان صدیقيومستشاري وكان علي أن أكمل حیاتي وأنا أفتقد آسر لكن مصلحتھ كانت أھم من كل شئ فكما ضحیت من

.أجلھ في البدایة كان یجب أن أضحي الیوم وحتى أخر لحظة من عمري لو تطلب ذلك

صارت حیاتي خاویة وخاصة وأن محمد وأحمد لم یكونا مثل آسر في قربھما مني بل كان كل واحد منھماجزیرة منعزلة لا أعرف عنھ شیئا فالبیت بالنسبة لھما مجرد مكان للطعام والنوم أما حیاتھما فكانا یعیشانھاعلى النت أو في خارج البیت مع الأصدقاء. بقیت وحدي مع جدران البیت وذكریات الماضي تنھش روحيفتأملت حیاتي فوجدتھا خاویة من الحب ففقداني لأبي وشدة أمي جعلاني ظمأى للحب، وبھاء كان یحب حبيوإخلاصي لھ، أما جاسر فذلك الذي جمد مشاعري سنوات طویلة ثم تركني لما وجد من أحب، وھا أنذا وحديبلا حب ولا مشاعر ولا أصدقاء ولاحتى ھوایات أمارسھا، أحیا حیاة كئیبة باردة جافة ولولا محادثات آسر.الیومیة لمُت كمدا

نصحني آسر بأن أعمل أو أمارس ھوایة أحبھا أو حتى أحقق حلم دفنتھ حتى یكبر أولادي وتذكرت حبيللأطفال وقررت أن أفتح دار حضانة وتكون قریبة من بیتي وشجعني آسر كثیرا ،فبحثت عن مكان قریبویصلح لحضانة وبإیجار مناسب ، ووجدتھ بعد شھرین من البحث فبدأت إجراءات الترخیص وبعد ذلكانشغلت بتأثیثھ. كنت أحاول أن أشرك أحمد ومحمد معي أو أستعین بأرائھما فكانت الإجابة واحدة في كل مرة(اعملي اللي یریحك) فكففت عن الحدیث معھما فیما یخصني. واخترت المدرسات والمشرفات اللاتي سیعملنمعي وحرصت على أن یكن رحیمات بالأطفال، وبدأنا بعمل الدعایة وقررت أن أقیم حفل افتتاح فاقترح محمد

:بلامبالاة وقال

ھاتي عرایس وخلیھم یقفوا في الشارع یغنوا ویرقصوا ویوزعوا دعایة على الناس-

:وقال أحمد

واعملي تخفیض 50% للناس اللي ھتشترك أول یوم الحاجات دي بتشد الناس-

:فقلت بفرحة

أفكاركم حلوة وھانفذھا-

:فقال محمد

صاحبي أخوه عنده فرقة عرایس ممكن أجیبھالك بسعر حلو-

تمام ولو عرفت تقلل السعر خد الفرق لك-

:فقال أحمد متحمسا

وأنا ھاطبعلك ورق الدعایة وتدیني نسبة-

موافقة بس بشرط تكونوا معایا یوم الافتتاح-

:فقال محمد ساخرا

لیھ ھنرقص مع العرایس؟-

لا تكونوا سند لیھ زي ما طول عمري سند لكم دلوقتي انتم كبرتم وبقیتوا رجالة وأنا محتاجة لكم-

:فقال أحمد

صحیح شایفانا رجالة زي آسر وھتعتمدي علینا؟-

طبعا-

خلاص أنا جاي معاكي-

:وقال محمد

ھاشوف لو عرفت أجي ولا لأ-

سعدت كثیرا بقربھما مني ویوم الحفل كان لھما دور كبیر في التنظیم وتوزیع الدعایة واللعب مع الأطفال الذین:أتوا مع أھالیھم، وبعد نھایة الحفل قلت لھما

بجد وجودكم معایا فرق كتیر لأنكم عملتوا حاجات ما كنتش ھاعرف أعملھا، بس أنا بادور على حد یمسك-الدعایة على الفیس وانستجرام وكده تعرفوا حد؟

:فقال أحمد

أنا أمسكھا-

مش ھتأثر على مذاكرتك؟-

لأ-

اتفقنا ولك مرتب شھري-

: فتھلل وجھھ وقال

إنتي قمر یا لولو وﷲ ده أنا ھاروقك-

ضحكت وسعدت أني وجدت وسیلة للتقارب بیننا وموضوعات یمكن أن نتشارك فیھا مما أعاد الود بیننا.والدفء للبیت

بدأت العمل وأتى إلینا بعض الجیران یتساءلون عن نظام الحضانة وإمكانیاتھا ومصروفاتھا وبالفعل ألحق قلیلمنھم أبنائھم بالحضانة، وانشغلت بالعمل والإشراف على الجمیع. خصصنا یوم الجمعة للأجازة فقط وفي یومالسبت جاء مكتبي رجل طویل القامة دون امتلاء، أبیض البشرة بعیون عسلیة فاتحة ونظرات حائرة فرحبت بھ

:فقال

یمكن تعتبري طلبي غریب شویة لكن أنا مستعد أدفع اللي تطلبیھ-

اتفضل أنا سامعاك-

بنتي عندھا 9 سنین في سنة تالتة ابتدائي والدتھا اتوفت من سنتین ومالناش حد یراعیھا وھي بترجع من-المدرسة الساعة 3 وأنا بارجع الساعة 5 وباخاف أسیبھا في البیت لوحدھا فممكن تقضي الوقت ده ھنا؟

مافكرتش تجیب لھا حد یراعیھا؟-

جبت كتیر اللي طلعت حرامیة واللي بتضربھا واللي قاعدة تاكل وتتفرج على التلیفزیون ومش مھتمة بالبنت،-غلبت منھم لكن لما فتحتوا جنبنا قلت بس ده الحل، ھترجع من المدرسة عندكم تقعد تكتب واجبھا على ماأرجع، أرجوكي اقبلي ھي ھادیة جدا ومش ھتتعبك

أنا موافقة بس أشوفھا الأول-

ھي موجودة في الجنینة-

أنا ھاطلع أشوفھا واتكلم معاھا لوحدنا-

خرجت فوجدت طفلة ودیعة بیضاء ذات عیون ھي مزیج بین اللون البني الفاتح واللون الأخضر، تتأرجحبھدوء وعندما اقتربت منھا طفلة صغیرة وطلبت منھا أن تؤرجحھا وافقت وتركت لھا مكانھا. ذھبت إلیھاوتحدثت معھا فشعرت بانكسارھا لیتمھا ومن یشعر بألام الفقد إلا من جربھا، وافقت على وجودھا معنا،فشكرني والدھا كثیرا وقام بكل الإجراءات وترك رقم ھاتفھ للاتصال بھ عند الحاجة.تعجبت من أمر ھذاالرجل زوجتھ ماتت من عامین ولا یفكر في الزواج بأخرى ولو حتى من أجل ابنتھ؟ ھل كان یحبھا بھذا القدر؟ھل كانت جدیرة بھذا الحب؟ ماذا فعلت لھ لتجعلھ یرفض أن تحل غیرھا محلھا؟ عجیب أمرك أیھا الحب.تسعدنا بك لحظات وتتركنا نتعذب بك أعوام

كانت جنا تأتي كل یوم للحضانة في الثالثة فتدخل الحمام وتغسل یدیھا وتجلس على منضدة وتتناول ساندویتشأعده والدھا وتبدأ في كتابة واجباتھا ، كانت مواعید الحضانة تنتھي في الخامسة لكن كان والدھا أحیانا یتأخرقلیلا فكنت أبقى معھا أو أوصي إحدى المشرفات بالبقاء معھا حتى یأتي والدھا . ذات یوم اتصل بي والدھا:وقال

أنا أسف إني بازعج حضرتك بس أنا لازم أسافر اسكندریة یومین ومش ھینفع أخد جنا معایا یاترى عندك حد-ممكن یفضل معاھا الیومین دول على ما أرجع؟

:سكت للحظات وقلت

بصراحة أنا ما أقدرش أرشح لك واحدة وتطلع مش كویسة وأتحمل مسئولیتھا-

: فقال بأسى

خلاص ھالغي السفر واللي یحصل یحصل-

أنا عندي حل تاني، سیبھا تیجي معایا بیتي، أنا عایشة مع ولدین في الإعدادیة وتقریبا معظم الوقت مش-موجودین وخلي الأتوبیس ییجي یاخدھا من عند الحضانة

مش عارف أنا خایف أزعجك-

عموما فكر براحتك ورد علیھ-

في الیوم التالي وافق وشكرني كثیرا وأخبرني أن جنا فرحت كثیرا أنھا ستكون معي لأنھا تحبني. بعد انتھاءموعد الحضانة جاءت جنا معي البیت ومعھا حقیبة صغیرة بھا ملابسھا ودمیتھا المفضلة ، دخلنا البیت:وأشرت لغرفتي لتبدل ملابسھا وتغتسل في الحمام وسألتھا إن كانت تحتاج لمساعدة فقالت

أنا كبیرة یا میس-

فابتسمت وذھبت لإعداد الطعام وعندما جاء أحمد سألني عنھا فأخبرتھ بقصتھا فأشفق علیھا وتحدث معھا:ومازحھا. جلست لتكتب واجبھا وعندما دخل محمد كنت في المطبخ فقال لھا بحدة

انتي مین؟-

أنا جنا-

وبتعملي إیھ في بیتنا؟-

اسأل میس لبنى-

یا ماما-

:خرجت وقلت

إیھ عامل الدوشة دي لیھ؟-

مین دي؟-

تلمیذة عندي في الحضانة ولھا ظروف ھابقى أقولھا لك بعدین-

یا ماما الحضانة مش في البیت-

ولد أنا أعمل اللي أنا عاوزاه في بیتي ولو مش عاجبك ادخل أوضتك واقفل بابك-:دخل غاضبا وأغلق بابھ بعنف أفزع جنا التي بكت فضممتھا لحضني وقلت

ماتخافیش-

أنا عاوزة أروح عند بابا-

:فجاء أحمد على صوت ضجیج محمد وقال لھا مبتسما

یعني مش عاوزة تاكلي معایا الشیكولاتة دي؟-

:فنظرت لھ من خلال دموعھا وقالت

عاوزه-

:فجلس بجوارھا واقتسما الشیكولاتة وضحكا فقلت لھ بصوت منخفض حتى لا تسمعھ

ربنا یجبر بخاطرك زي ما جبرت بخاطر الیتیمة-

أمضت معنا الیومین وكلما قابلت أحمد مازحھا أو رسم معھا في كراسة رسمھا ، بینما محمد یتجنبھا تماماودائم التأفف من وجودھا.عاد المھندس ماجد والد جنا واصطحبھا لبیتھما بعد أن شكرني فقال لي محمد:بغضب

أخیرا مشیت دي بنت رخمة ودلوعة-

بالعكس البنت ھادیة ومؤدبة-

ویاترى كل بنت مؤدبة ھتجیبھا تقعد عندنا یومین؟-

ماتبقاش سخیف البنت والدتھا متوفیة وماعندھمش قرایب یقعدوا معاھا ووالدھا عنده شغل مھم ومش نافع-یاخدھا معاه فأنا اقترحت استضیفھا دي كل الحكایة

وھو ده حل مشكلتھ؟ كل ما ھیكون عنده ظروف یسیبھا عندنا؟ ھو عارف إحنا ھنعاملھا إزاي ولا أخلاقنا إیھ؟-ولا ھو استغل طیبتك وحل مشكلتھ وبس؟؟

:سكت ولم أجب فقال أحمد

في دي محمد عنده حق أكید ھتحصلھ ظروف تانیة وساعتھا ھیلجأ لنا تاني ولا ھیلجأ لمین؟؟-

:فقلت بھدوء

معاكم حق لازم یدور على حل جذري لمشكلتھ وأنا ھاقولھ كده-

:فقال محمد ضاحكا

أحبك یا لولو لما تقتنعي-

:وقبلني في وجنتي فقلت مبتسمة

وأنا بحبك لما تتكلم بالعقل مش بالصوت العالي، الزعیق مش معناه إنك راجل إنما معناه إن معندكش منطق-:في الیوم التالي عندما جاء المھندس ماجد لاصطحاب جنا طلبت منھ الحدیث في مكتبي بعیدا عن جنا فقال لي

أنا متشكر على استضافتك لجنا ھي بتشكر في معاملتك ومعاملة ابنك لھا-

مافیش داعي للشكر بس حضرتك مش شایف إن مشكلتك بتكبر ومحتاجة حل عملي؟-

قصدك إیھ؟-

قصدي جنا محتاجة لأم وإخوات وحضرتك محتاج لزوجة تراعي جنا وتراعیك-

حاولت لكن مش قادر اتجوز بعد المرحومة-

وعاجبك بھدلة جنا كل شویة في حتھ؟ ولا كل شویة مع مربیة؟ ھي محتاجة استقرار وإخوات زیھا زي-غیرھا من الأطفال، فكر في الموضوع بشكل عملي عشان مصلحة جنا

إن شاء ﷲ عن إذنك-

استمرت حیاتي على منوال واحد حتى عاد آسر في أجازة الكریسماس فسعدت كثیرا أنا وإخوتھ بعودتھوتغیبت معظم الوقت عن الحضانة حتى أقضي أكبر وقت ممكن معھ ، كنا نجلس معا ونتحدث في كل شيءوطلبت منھ أن یتحدث مع محمد وینصحھ بأن یخفف من حدتھ مع الأخرین وأن یُنھي خصامھ مع والده،:فوعدني أن یفعل. وقبل سفره قال لي

عارفة یا ماما یاریت بعد ما یخلصوا الدراسة تیجوا تقضوا الأجازة في النرویج وتتفرجوا على البلد-

ھو انت مش ناوي تنزل في الأجازة؟-

بصراحة یا ماما أنا عاوز أقعد أطول فترة ممكنة وأشتغل بعد ما أخلص دراستي عشان أخد الجنسیة-

ھو أنت مش ناوي ترجع؟-

یاماما الحیاة ھناك مختلفة مستقبل وشغل وعیشة نضیفة أنا لولا إنتي وإخواتي ما كنتش ھانزل، ده أنا بافكر-إن إخواتي یدرسوا ھناك من ثانوي وتیجي تعیشي معانا

وأسیب بلدي وأھلي؟-

أھلك مین یا ماما ھو إحنا بنشوف حد غیر طنط لمیاء ساعتین كل سنة؟ وبعدین بلدك تقدري ترجعي لھا أي-وقت مش مشكلة أقولك فكري براحتك ولما تیجوا في الأجازة وتشوفوا البلد ساعتھا تقرروا ھتعملوا إیھ

.سیبھا على ﷲ-

سافر آسر وكلماتھ تشغل بالي وكنت أفكر كثیرا ھل أستطیع في عمري ھذا أن أبدأ حیاة جدیدة في بلد جدید معناس لا أعرفھم؟ ھل سأضحي مرة أخرى من أجل مصلحة أولادي؟ ھل سیوافق جاسر على سفر ولدیھ؟ ثمضحكت بسخریة وھل یراھما وھما بجواره؟ فمنذ زواجھ وھو ھائم في حب زوجتھ وانقطع عن السؤال عنھماولولا اتصال أحمد بھ من وقت لأخر لانقطع عنھما تماما فقد اختصر العلاقة بینھما في مبلغ مالي یضعھ في

.حسابي كل أول شھر لیكفي احتیاجتھما، لكن ھل سیرضى بسفرھما؟ لا أعرف

:عدت لعملي بعد سفر آسر فوجدت المھندس ماجد في نھایة الیوم یقبل علي مبتسما ویقول

كنتي فین؟ أنا قلقت علیكي-

:نظرت إلیھ متعجبة فالعلاقة بیننا لم تكن تسمح بتلك الأسئلة الشخصیة ، ثم قلت لھ

ابني الكبیر نزل أجازة وكان لازم أفضل معاه-

المھم إنك بخیر، أنا كنت عاوزك في موضوع مھم-

خیر؟-

أنا فكرت في اللي قولتیھ ولقیت معاكي حق عشان كده باعرض علیكي الجواز جنا بتحبك وإنتي بتحبیھا، وأنا-محتاج أم لجنا وإنتي محتاجة أب لأولادك وكمان بالشكل ده ھیكون عندھا إخوات رأیك إیھ؟

: بدا الذھول على وجھي لكني تماسكت وقلت ببرود

حضرتك فھمت غلط مش معنى فكرتي إني بافھمك إني عاوزة اتجوزك-

أنا ما أقصدش طبعا بس احنا في سن بعض واتنین ناضجین وفاھمین ظروف بعض وبالعقل مناسبین لبعض-

أولا حضرتك ما تعرفش ظروفي عشان تعرف إن كنت تناسبني وأناسبك ولا لأ، ثانیا إنت كل اللي یھمك-مصلحتك إنت وبنتك لكن أنا مش في بالك أصلا، ثالثا أولادي مش محتاجین أب لأن أبوھم موجود فعلا وكمانلأنھم كبروا وبقوا رجالة فمش محتاجة أتجوز عشان أجیب لھم أب، كمان وده الأھم أنا مابفكرش اخلف وأنامقربة على الأربعین سنة

...أناااا-

أنا فاھمة حضرتك بس اسمح لي إنت دایما بتدور على حلول سریعة ومریحة لمشكلتك ومش بتھتم الحل ده-مناسب للطرف التاني ولا لأ، الجواز ده شركة بین اتنین في الأفكار والمشاعر والحیاة ولازم یكون بینھمتوافق وتفاھم، مش منفعة لطرف على حساب طرف، صدقني التجربة دي أثبتت فشلھا تماما، انا بارفض طلبك.لأن مافیش أي حاجة مشتركة بیننا

انصرف ماجد وفي الأیام التالیة لم تأت جنا للحضانة لم اتصل للسؤال عنھا حتى لایظن أني تراجعت فيقراري فھذا أفضل لكلانا. مرت الأیام روتینیة بین العمل والبیت ومشاكل الأولاد التي لا تنتھي ومحادثاتي معآسر لكن في نھایة الیوم عندما أغلق بابي على نفسي أتساءل أین أنا من كل ھذا؟ سنوات العمر ضاعت في حیاةجافة بلا مشاعر ولما لاح لھ حبھ القدیم عاد إلیھ لیعوض ما فاتھ ولكن من سیعوضني ما فاتني من عمري؟ منسیكون معي في باقي أیامي بعد أن ولى الشباب؟ غدا سیكبر الأولاد وینفصل كل منھم في حیاة خاصة بھوسأظل بمفردي، ھل سیتذكر أحد منھم عندھا تضحیاتي وعذابي؟ ھل سیفھمون حرماني من الحب والاھتمام؟ سأظل وحدي أجتر ألام الوحدة والحنین لذكریات الماضي، ھل أخطأت في رفضي لماجد؟ ألم یكن أفضل منوحدتي؟ لا لیس أفضل فلم یعد لدي استعداد لتكرار تجربة أن یعیش معي رجل ألبي احتیاجات جسده بینما قلبھوروحھ مع أخرى، ولا یستطیع تلبیة احتیاجات قلبي، حقا كبرت في السن لكن قلبي مازال متعطشا للحبوالاھتمام ولا أستطیع الحیاة مع جماد مرة أخرى، لقد أخطأت في حق نفسي مرة ولن أكررھا ،فإن لم یأت منیحبني لنفسي فالوحدة أفضل، ولكن إن وجدت من یحبني ھل سیقبل أولادي أن أتزوج بھ؟ أم سیقفون عقبة فيسبیل سعادتي؟؟ ھل سیخشون من كلام المجتمع أم سیتفھمون احتیاجاتي النفسیة والقلبیة؟ أسئلة كثیرة تتوارد. على ذھني كلما خلوت بنفسي

بعد انتھاء العام الدراسي لأحمد ومحمد عرضت على جاسر فكرة آسر فطلب مني مھلة للتفكیر ، وبعد أسبوع

:قال

طبعا دي فرصة مش ھتتكرر إنھم یدرسوا في الخارج مجانا وكمان لأن سنھم صغیر سھل یاخدوا الجنسیة-وده ھیفتح قدامھم مجالات شغل ومستقبل كبیربس فیھ عیوب زي عادات المجتمع المختلفة عن عاداتنا وخاصةإنھم في سن مراھقة وسھل التأثیر علیھم، كمان ھیبعدوا عني وعن بلدھم وأصحابھم وھینسونا، والأھم ھیقدروایتأقلموا مع الجو البارد جدا ھناك وطبیعة المجتمع المختلفة؟؟

یعني موافق ولا رافض؟ مش فاھمة-

أنا رأیي تجربوا في شھور الأجازة لو انسجموا مع الجو ھناك یعیشوا بس ھتكوني مسئولة عنھم لوحدك-ھتقدري؟

: فأجبت ساخرة بیني وبین نفسي

وأنا ھنا مش شایلاھا لوحدي؟-

عموما برضھ شوفي رأیھم وجربوا وبعد كده قرروا-

:سألت الولدین عن رأیھما فأبدى محمد حماسھ للسفر بینما تخوف أحمد من التجربة الجدیدة فقلت لھ

رأیي ورأي والدك تجربوا وبعد كده تحكموا بس فیھ حاجة مھمة جدا إحنا مسلمین في بلدنا وفي أي مكان-یعني اللي حرام وما بنعملھوش في بلدنا ھیفضل حرام في أي مكان وأي تجاوز أخلاقي ھارجعكم على طولوھتعیشوا مع والدكم تحت إشرافھ، أتمنى یكون كلامي مفھوم؟

:فقال أحمد

وھنھون علیكي یا لولو؟؟-:فرد محمد غیر مبال وقال

إنت بتصدق تھدیداتھا؟ وقت الجد مش ھتنفذ حاجة-

:فقلت بجدیة

قبل ما نسافر أقسم با     أي تجاوز أخلاقي أو دیني ھارجعكم لأبوكم یربیكم بمعرفتھ، لأني مش ھاتحمل حد-یقول دول تربیة بایظة لأم فاشلة، كمان أبوكم ده شرطھ یعني مش كلامي لوحدي، موافقین ولا نلغي الفكرةأصلا؟

:فقال محمد مبتسما

إیھ یا لولو قلبتیھا دراما لیھ؟ بنھزر معاكي طبعا موافقین-

:وقال أحمد

ولو ضایقناكي ابقي قعدینا في أوضة الفیران-

:فابتسمت وقلت

یبقى توكلنا على ﷲ-

بدأت في عمل إجراءات السفر وحجزنا التذاكر وسافرنا لأوسلو واستقبلنا آسر في المطار فوجئنا أن درجةالحرارة صیفا نحو 20 درجة مئویة وكان آسر أخبرنا بذلك لكننا لم نتخیل واحتجنا عدة أیام حتى نعتاد علىالطقس والشوارع ونمط الحیاة. كانت شقة آسر صغیرة مكونة من غرفة نوم وصالة بھا أریكتان تتحولانلسریرین عند الحاجة ومطبخ صغیر جدا بالكاد یسع الثلاجة والموقد وحوض صغیر، وحمام صغیر أیضا حتى:أن أحمد قال مازحا

أنا كده حسیت إن شقتنا في مصر قصر منیف-

:فقال آسر مبتسما

الناس ھنا عملیین جدا حتى عفشھم قلیل جدا، لأن الإیجار غالي والعفش غالي جدا-

:فقال محمد

أنا حاسس إننا في أتوبیس حكومة-

:فقال آسر

لو قررتوا إنكم ھتكملوا ھنا دراستكم ھناخد شقة أكبر-

:فقال أحمد مازحا

أنا كنت فاكر إننا ھنھیص ھنا أتاریك مدخلنا الفریزر، یا حلاوة شمسنا-

:ضحكت وقلت

مش دي الشمس اللي كنت بتشتكي منھا؟-

أنا؟؟ دي روحي روحي-

طیب یا لمض یالا نروح السوبر ماركت نشتري حاجتنا-

:فقال آسر

ماما اشتروا الضروري وبس ھنا كل حاجھ غالیة-

حاضر-

ذھبنا للسوبر ماركت وكنا نتجول بین البضائع ولا نشتري سوى البضائع المكتوب علیھا بالإنجلیزیة حتىنتجنب تلك التي في مكوناتھا ماھو مُحرم علینا، وبینما أبحث عن المكرونة اصطدمت بطفلة صغیرة فلما:أردت أن أعتذر فوجئت أنھا جنا التي بمجرد أن رأتني صرخت

میس لبنى حبیبتي-

:فاحتضنتھا بشوق فقد كنت أحبھا حقا وبالطبع كان والدھا یقف خلفھا مذھولا وقال

أخر شخص توقعت أقابلھ ھنا-

فعلا مفاجأة أنا جایة زیارة لابني اللي بیدرس ھنا-

:فجاء أحمد وبمجرد رؤیتھ لجنا قال مبتسما

إزیك یا جوجو دي مفاجأة حلوة خالص-

:فقلت لھ

سلم على الباشمھندس ماجد والد جنا-

:فسلم علیھ فقلت

ده أحمد ابني الصغیر-

یا ماما أنا أكبر من محمد بعشر دقایق-

:فقال ماجد مبتسما

ماشاء ﷲ توأم؟-

أه وأخوھم الكبیر آسر بیدرس ھنا-

ربنا یبارك-

شكرا عن إذنك-

انتم ساكنین قریب من ھنا؟-

:فأجاب أحمد بتلقائیة ووصف لھ العنوان فقال ماجد

أنا ھنا في أجازة أسبوع مع أخویا وأولاده وھنرجع بعدھا لبیرجن اللي عایشین وبنشتغل فیھا یاریت نقدر-نتجمع وأعرفكم علیھم ھتبقى فرصة لطیفة

إن شاء ﷲ-

:فأعطاه أحمد رقم ھاتف آسر لیتواصل معھ ونتفق على اللقاء، وبعد ما انصرفنا قلت لھ غاضبة

بتدیلھ العنوان ورقم الموبایل لیھ؟-

إیھ یا ماما مش ده أبو جنا حبیبتك؟-

علاقتنا كانت شغل وانتھت إیھ لازمتھ الود بیننا بالشكل ده؟-

حیرتیني یا لولو نبقى اجتماعیین مش عاجب نصد الناس مش عاجب، نعمل إیھ عشان نرضیكي؟-

ولا حاجھ بس بعد كده ماتدیش لحد تفاصیل غیر لما أقولك-

:اتصل ماجد بآسر الذي اعتذر لھ بلباقة عن قبول دعوتھ وشكره بأدب ثم قال لي عندما كنا نجلس بمفردنا

الراجل ده سخیف فاكر اننا ممكن نقبل عزومة حد غریب؟-

:فقلت

إنت رفضت عشان ھو غریب ولا فیھ حاجھ في كلامھ ضایقتك؟-

لأ لأنھ غریب والصلة بینكم مجرد شغل وھو مصمم یحولھا لعلاقة شخصیة-

تعرف إنھ طلب یتجوزني وأنا رفضت؟-

ھو انتي ممكن تتجوزي تاني وفي السن ده؟-

لیھ لأ؟-

انتي مش شایفة إننا أد الحیطان ولا مش مالیین عینیكي ولسھ شایفانا عیال؟-

انت اللي مش شایف إنك استقلیت بحیاتك وقررت تھاجر ویمكن اخواتك یحصلوك وسنة ولا اتنین وكل واحد-ھیعیش حیاتھ وینساني ما فكرتش ساعتھا أنا ھاعمل إیھ؟ ھاعیش إزاي؟ مش من حقي یكون معایا ونس؟ أنااتجوزت جاسر عشانك واستحملت طبعھ عشانك انت واخواتك وھو اختار اللي بیحبھا لیھ مطلوب مني أضحيعلى طول؟ لیھ محدش حاسس إني إنسانھ وعندي احتیاجات؟ لیھ كلھ بیفكر في نفسھ ومحدش بیفكر فیھ؟؟

انھرت باكیة ثم ذھبت للحمام لأغسل وجھي وأنفرد بنفسي قلیلا فوجدت التجاعید بدأت تغزو ملامحي وأدركتأن سنوات الشباب قد ولت ولم یعد باقیا منھا شیئا، ولم یعد من حقي الحب إنما دوري فقط- من وجھة نظرأولادي- ھو التضحیة باستمرار وتناسي نفسي كإمرأة لھا احتیاجات جسدیة وإنسانیة، فمن غیر المقبول أخلاقیاأن تكون لي احتیاجات وأنا أم لشباب إنما یجب أن أموت ظمآى للحب خوفا من المجتمع وكلام الناس وأنانیة.أولادي

خرجت من الحمام فوجدت البیت خالیا فأعددت لنفسي كوبا من الشاي وجلست أستعید شریط حیاتي فوجدتنيلم أشعر بالسعادة إلا مع بھاء رغم أنھ لم یكن یحبني بقدر حبي لھ إلا أنھ كان یبذل جھده لإسعادي. مرت بنا أیامالأجازة برتابة حتى حان موعد إتخاذ القرار فقرر أحمد أن یعود لمصر بینما أصر محمد أن یبقى مع آسرفقررت أن أنزل مصر مع أحمد بینما یبقى محمد تحت إشراف آسر فھذا أفضل لھ فربما تعلمھ الغربة الإعتمادعلى نفسھ وتكبح جماحھ، فكان علي أن أتحمل ألاما مضاعفة بسبب فراق آسر ومحمد لكن یبدو أن فراق.الأحبة ھو قدري

جلست في الطائرة بجوار أحمد الذي استغرق في النوم بینما كنت أقرأ روایة ومُستغرقة في تفاصیلھا وفوجئت:بالمُضیفة تسألني إن كنت أرید لحم أم دجاج وقبل أن أجیب قال الرجل الجالس بجواري

أنصحك باللحمة أنا سافرت معاھم قبل كده وكانت حلوة جدا-

:ابتسمت لھ بطریقة رسمیة ثم أیقظت أحمد وسالتھ عما یرید وطلبت منھ أن ینتقل مكاني فقال الرجل

ماتخافیش أنا بس خدتني جدعنة المصریین وقلت أنصحك-

شكرا-

قلتھا ببرود وبعد أن تناولت طعامي ادعیت النوم لأھرب من الحوار معھ بینما استغرق أحمد معھ في الكلاموسألھ عن أسفاره وأكثر الدول التي أعجبتھ، لم یكفا عن الثرثرة حتى وصلنا وودعنا الرجل في المطار ورغمسخافتھ إلا أن صوتھ ذكرني ببھاء، وھل نسیتھ یوما؟ كم كانت تُعذبني ذكریاتي معھ وأنا أعیش مع جاسرالجاف في كل شئ ومازالت تُعذبني وأنا أحیا وحیدة، كم أشتاق لضحكتھ ولمرحھ وللبھجة التي كان یغمر بھاالجمیع، كم كنت أتمنى أن یمن ﷲ علي بنعمة النسیان لأنسى بھاء وأحیا بلا ذكریات تُذكرني أني فقدت حب.حیاتي وأن السعادة غادرتني عندما غادر ھو الحیاة

عدنا لبیتنا وانغمس أحمد في حیاتھ مع أصدقائھ وتدریباتھ فكنت أقضي النھار في الحضانة وبعد عودتي أظلوحیدة حتى یعود أحمد فیتناول طعامھ ویغلق علیھ باب حجرتھ ویستغرق مع أصحابھ في الكلام أو اللعب عبرالإنترنت، أو مشاھدة الأفلام العنیفة أو مباریات كرة القدم والمصارعة. فراغ كا ن یلف حیاتي مما جعلني أفكرھل یمكنني أن أرتبط مجددا وأحب وأجد من یحبني؟ ھل ستمضي حیاتي على ھذا المنوال طوال العمر؟ ذلك.الفراغ سیقضي علي حتما وحاولت أن أجد أیة طریقة لأملأ حیاتي بما یشغلني ولكني فشلت

:بعد نحو الشھر من عودتنا فوجئت بماجد مرة أخرى في مكتبي وتعجبت فقال لي

أنا كنت مسافر أنا وجنا عشان أزور أخویا وتعرف أھلھا وكنت بافكر أعیش ھناك وأشتغل معاه لكن جنا-جسمھا ما استحملش الجو البارد ھناك فخفت علیھا ورجعت وفعلا فكرت في كلامك ودورت على إنسانةتشاركني حیاتي لكن كلھم كان شرطھم أتخلص من جنا وطبعا رفضت. جبت لھا دادة والحمد     انسجمتمعاھا بس حصل لي مشكلة كبیرة أخویا عمل حادثة واتوفى ھو ومراتھ وابنھ وساب لي بنتھ جاسمین ولازمأسافر عشان أخلص إجراءات الدفن والمیراث وأجیب جاسمین وخایف أسیب جنا مع الدادة وكمان مش قادرأخدھا معایا لأني ھاكون مشغول بإجراءات كتیرة فكنت باستأذنك بس تخلي جنا معاكي لحد ما أرجع

:سكت للحظات وأنا أفكر وأرتشف قھوتي ثم قلت بھدوء

مش ملاحظ إنك مش بتفتكرني غیر لما تكون في أزمة؟-

ده معناه إني مش باثق في حد غیرك-

إنت فكرت في حل لمشكلتك بس لكن ھلى فكرت ظروفي تسمح ولا لأ؟ ما أخدتش بالك إن عندي أولاد في-سن مراھقة وده خطر على بنتك؟ كمان إنت مطمن لي أوي كدة ومأمني على بنتك وإنت ما تعرفنیش ولاتعرف ممكن أعمل فیھا إیھ في غیابك؟؟ مافكرتش في كل ده؟؟ عارف لیھ لأنك دایما بتدور على الحل الأسھل

یعني بترفضي؟-

إیھ مش من حقي؟-

لا بس ما تخیلتش إن ده ھیكون ردك-

عموما أنا ھأقولك حل یریحك خد جنا معاك أكید جاسمین محتاجة حد أدھا یحبھا ویكون معاھا وإنت بتخلص-الإجراءات وھات لھم مربیة المدة اللي انت قاعدھا ولما تخلص كل إجراءاتك یا تعیش بیھم ھناك یا إما لوخایف علیھم إرجع بیھم وبرضھ إدي للدادة اللي ھنا مرتبھا وانت مسافر وقلھا إنك محتاجھا عشان ما تشتغلش.عند حد تاني، أظن كده حل كویس بنتك معاك وتبقى مطمن علیھا

شكرا وأسف إني تقلت علیكي بس أنا اتعودت إن والدتي ﷲ یرحمھا ھي اللي كانت بترتب لي حیاتي حتى-جوازتي ھي اللي دبرتھا من بنت أختھا اللي كانت بتحبني وبحبھا وھي برضھ اللي بترتب لي كل حیاتي ولما.الإتنین ماتوا بقیت مش عارف أعمل إیھ ولا أمشي حیاتي إزاي

یاریت لما تخلص كل اللي إنت فیھ تحاول تشوف دكتور نفسي یساعدك في مشكلتك عشان ماتفضلش معتمد-

.على غیرك وخاصة وإنك ھتبقى مسئول عن بنتین وھتحتاج تاخد قرارات كتیر لوحدك

انصرف ماجد شاكرا وتركني غارقة في أفكاري عن الدنیا وأحوالھا التي لا تُرضي أحد وأفقت من أفكاريعلى دخول رجل لمكتبي وبقیت أتذكر أین رأیتھ من قبل وعندما ألقى علي التحیة تذكرتھ إنھ من كان یجلسبجواري في الطیارة. تساءلت كیف عرف عنواني؟ أكید من ثرثرة أحمد، لابد أن أتحدث معھ بشكل رسمي:حتى لا یتجاوز حدوده فقلت لھ بجفاء

أفندم أقدر أخدم حضرتك إزاي؟-

تطلبي لي الأول فنجان قھوة سادة عشان نتكلم براحتنا-

:طلبت لھ القھوة فقال

الموضوع اللي جایلك فیھ موضوع شخصي ومھم جدا-

اتفضل سامعاك-

الموضوع بخصوص جوزك-

أنا مش متجوزة لو تقصد جاسر احنا اتطلقنا من فترة-

لأ أنا أقصد بھاء-

بھاء...ﷲ یرحمھ مالھ؟-

بھاء لسھ عایش-:فقلت بعصبیة

إنت اتجننت؟ ولا جاي تستظرف؟ بھاء مات واتدفن من أكتر من 15 سنة-

اللي اتدفن مش بھاء ولو مش مصدقاني إسألي جاسر-

أسألھ عن إیھ؟ عن جثة بھاء اللي اتدفنت في تُرب أھلھ قدام عینیھ؟ ولاعن الجنازة اللي حضرتھا؟ ولا قصدك-إن جاسر كدب علیھ عشان یتجوزني؟ بس ده عمره ما حبني؟ إنت مین؟ وجاي تقولي دلوقتي لیھ ما قولتش دهلیھ من زمان؟؟ إنت كداب كداب

أنا ھاسیبك تھدي وبعدین نتكلم براحتنا لأنك منفعلة ومن الصدمة مش ھتصدقي أي كلمة ھاقولھا-

استنى إنت مش ھتمشي ھتفضل ھنا وھاواجھك بجاسر وھاعرف الحقیقة-

:اتصلت بجاسر وقلت بحدة

عاوزاك عندي في الحضانة حالا-

مالك؟حصل إیھ؟-

موضوع ما یتأجلش تكون عندي بأسرع ما یمكن فاھم؟-

طیب اھدي مسافة السكة-

:بالفعل جاء جاسر خلال ربع ساعة ودخل مكتبي وأصابھ الذھول عندما رأي الجالس فقلت لھ

الأستاذ بیقول إن بھاء عایش وإنك عارف الكلام ده صح؟-

:سكت جاسر ولم یجب فقال لھ الأخر

قولھا لأنھا مش مصدقاني-

:فقال جاسر

أیوه عایش وأنا كنت عارف من أول یوم بس جھة سیادیة كلمتني وقالت إنھ اتصاب إصابة جامدة وھیسافر-بره یعمل أكتر من عملیة منھم عملیة تجمیل وإننا لازم نقول للكل إنھ مات وسلمونا جثة بدیلھ واتدفنت فيمدافنا فعلا لأنھ مراتھ وابنھ وأمھ وإخواتھ مُعرضین للخطرواحتمال القتل لأنھ كشف شبكة إرھاب وتجارةسلاح كبیرة وھم مصممین على قتلھ أو الإنتقام من أھلھ فكان الحل إننا نقول إنھ مات، ولما سافر یره وعملأكتر من عملیة منھم عملیة تجمیل طلع من العملیة شكلھ اتغیر لكن جسمھ كان محتاج أكتر من عملیة فطلقكووصاني أتجوزك عشان أراعیكي إنتي وآسر وأحمیكم عند اللزوم دي كل الحكایة

أصابني الذھول التام ولم أستطع النطق ھل أن مستیقظة أم إنھ أحد أحلامي التي یتمنى فیھا عقلي الباطن رجوع:بھاء؟ لابد أني أحلم فھذا لا یمكن أن یكون واقعا،فقال لي الأخر عندما لاحظ شحوب وجھي

إنتي كویسة؟-

فنظرت إلیھ وصوتھ یغزو أعماقي وكأني أستمع لبھاء عندما أكون مُتعبة فكان دائما یسألني ذلك السؤال بتلك:النبرة ، ثم نظرت لجاسر وقلت لھ بصوت مرتعش

وفین بھاء عاوزة أشوفھ؟-

:فنظر للجالس أمامھ وسكت فقلت

مالكم سكتوا لیھ ردا علیھ فین بھاء؟-

: فقال الأخر

أنا بھاء یا لبنى-

فلم تعد أعصابي تتحمل أكثر من ذلك فغبت عن الوعي وابتلعتني تلك الھوة السحیقة لأعماقھا، وكنت أرى على:البُعد بھاء الذي تزوجتھ یقول برقة

لبنى ما تسیبینیش أنا محتاج لك-

ویمد یده تجاھي وأمد لھ یدي ولكن یقف بیننا جدار أسود یزداد ارتفاعھ حتى أننا لم نعد نرى بعضنا ، وأسمع:صوتھ وھو ینادي علي ، وكنت أنادي علیھ بكل قوتي وأصرخ

بھاااااء-

حتى أفقت فوجدت نفسي مُمددة على سریري في البیت وبھاء یجلس على كرسي بجوار السریر واحمد یبكي:وجاسر یُھدئ من روعھ فقلت بوھن

ماتخافش یا احمد أنا كویسة-:فاقترب مني یقبل یداي ویقول

اوعي تسیبیني یا ماما-:فمسحت على شعره وقلت

مش ھاسیبك یا حبیبي-:وابتسمت بوھن وقلت

بس سیبوني أنا محتاجة أنام-

:فقال بھاء

ارتاحي وبكرة نتكلم براحتنا-

غرقت في النوم لأھرب من الواقع، فرأیتھ في أحلامي یعود إلي بشكلھ الحالي ویمد یده نحوي وأنا خائفة وأبتعدحتى اقترب ونزع قناعا كان على وجھھ وظھر بملامحھ القدیمة فابتسمت وارتمیت بین ذراعیھ حتى جاء شبح:أسود من الخلف وطعنھ في ظھره وأنا أصرخ بإسمھ وأفقت وأنا أصرخ

بھاااااء-

:قمت من نومي مفزوعة وجسدي یبللھ العرق واستعذت با من الشیطان جاء أحمد على صوتي وقال

ماما انتي كویسة؟-

أه یا حبیبي ما تخافش-

شكل الراجل اللي كان مع بابا قالك حاجة زعلتك جامد-

لأ یا حبیبي ده إرھاق، شكل أمك كبرت ومحتاجة ترتاح-

أمال مین ده یا ماما ؟ وزعلتي لیھ لما كلمك؟-

ده واحد صاحب بھاء أبو آسر ﷲ یرحمھ وابن عم أبوك والراجل ده جھ كلمني عن بھاء وفكرني بیھ فعیطت-وأنا أصلا كنت مرھقة وده اللي تعبني

یاااه بعد كل السنین دي واتجوزتي غیره ورغم كده سیرتھ لسھ بتخلیكي تعیطي؟ إنتي كنتي بتحبیھ أوي؟-

:أومأت برأسي فقال

وبابا-

أنا وجاسر اتجوزنا عشان خاطر آسر ومصلحتھ وكان بیننا تفاھم واحترام لكن لا ھو قدر ینسى حبھ الأول-.وأنا حاولت أنسى بھاء لكن ما قدرتش ، النسیان ده نعمة ربنا بیمن بیھا على اللي ھو عاوزه

تعرفي أنا نفسي ألاقي حب زي كده حب بجد یفضل في قلبي وأفضل مخلص لھ-

یارب تلاقیھ یا حبیبي وماتتعذبش بسببھ-

نھضت من السریر وتناولنا الإفطار معا وطمأنتھ أني بخیروبعد نحو ساعتین اتصل بي بھاء وطلب مقابلتيبعیدا عن البیت فالتقینا في أحد المقاھي القریبة من البیت وعندما جاء تأملت ملامحھ فوجدتني أمام شخص

:غریب عني یدعي أنھ بھاء ولكنھ بالنسبة لي لیس ھو. حیاني وجلس أمامي وقال

عارف إنك محتارة ومش مصدقاني بس كل اللي أقدر أقولھ إني كنت في مھمة لمطاردة إرھابیین وأسروني-وخلال مدة الأسر عرفت إنھم مش بس إرھابیین لأ دي شبكة عالمیة كبیرة إرھاب ومخدرات وسلاح وتجارةأعضاء ومعاھم ناس تقیلة ھنا، أول ما وصلت للمعلومات دي عرفت أھرب بمساعدة واحد من رجالتھمورجعت للإدارة بكل المعلومات اللازمة وأول ما رجعت شغلي طلع علیھ مسلحین وضربوا علیھ نار من كلاتجاه وفجأة لقیت واحد منھم رمى قنبلة على العربیة اللي كنت مستخبي وراھا واترمیت بعید بین الحیاةوالموت. فوقت بعد حوالي شھر من الغیبوبة وكانت الإدارة أخدت قرار بإعلان وفاتي عشان یحموني منالعصابة دي لأنھم لو عرفوا إني عایش مش ھیرحموني ولا ھیرحموكم وسافرت بره أكمل علاجي بإسم تانيخالص وكان وشي مُشوه خالص بسبب القنبلة فالدكتور بره قال ھنعمل عملیة بس ملامحھ ھتتغیر ، عملتعملیة التجمیل وعملیة تانیة في رجلي وضھري وفضلت شھور في مصحة لحد ما خرجت بس الحادثة سابتأثر في رجلي. طول الفترة دي جاسر كان عارف باللي حصل وطلبت منھ حمایتكم إنت وآسر وأمي وإخواتيوأنا اللي طلبت منھ یتجوزك عشان یبعد مراقبة العصابة عنكم وكمان یلغي فكرة انتقامھم منكم. طبعا القرار دهكان من أصعب القرارات اللي أخدتھا في حیاتي ، حب عمري ھتكون لرجل تاني وأنا عایش، وابني ھیربیھراجل غیري وأنا ھاتحرم إني أشوفھ بیكبر قودامي، كنت باتقطع في الیوم ألف مرة لكن كان لازم أعمل كدهعشان أحمیكم وجاسر ھو الوحید اللي كنت باثق فیھ وعارف إنھ راجل وھیصونكم. لما خرجت من المستشفىالإدارة رتبت لي شغلانھ في مطعم في إیطالیا زي أي مصري یشتغل عادي عشان ما ألفتش النظر واشتغلتواتبھدلت لحد ما جمعت مبلغ وفتحت مطعم صغیر بیقدم الأكل المصري وجبت الوصفات كلھا من النت وبدأتبعد فترة أحقق نجاح فكبرت المطعم ودلوقتي بقوا 3 فروع ، لكن رغم انشغالي عمركم ما غبتم عن عیني لماأمي اتوفت كنت في الجنازة بس من بعید وبكیت مقھور إني مش قادر أشیل نعشھا وأدفنھا، ولما أختياتجوزت كنت في الفرح من بعید وبكیت إني ما كنتش وكیلھا وباسلمھا لعریسھا، كنت متابعك إنتي وآسر منبعید لحد ماعرفت من جاسر إنك حامل منعت نفسي عنك لأنك ما بقتیش حبیبتي إنما مرات راجل تانيوماجیتش مصر تاني إنما جاسر كان بیبعت لي صور آسر وفیدیوھاتھ ھو وأحمد ومحمد على أد سعادتي إنھكبر وبقى راجل على أد ما أنا حزین إني مش قادر أقرب منھ وأخده في حضني وأتكلم معاه وأعرفھ ویعرفني.لكن بعد طلاقك إنتي وجاسر وسفر آسر للدراسة بره قررت أظھر وأقولك الحقیقة لأني كبرت وتعبت ومحتاجلكم في حیاتي بس برضھ مش ھاقدر أظھر بإسمي الحقیقي ھافضل محمود حمدي لكن من حقك إنتي وآسر.تعرفوا أسبابي وتوافقي ترجعي لي ولا لأ

:سكت للحظات وقلت وأنا سارحة

كنت أوقات كتیر أتخیلك موجود معانا وبتبص علینا من بعید وأقول لنفسي دي أوھام لأنك بتتمني یكون-معاكي، ولما اتجوزت جاسر قررت إن أدفن حبي وذكریاتي جوه قلبي وإلا أكون خاینة لجوزي لكن جفافجاسر كان دایما یخلیني ألجأ للذكریات المدفونة وكانت ھي اللي بتصبرني على حیاتي لحد ما اتملت حیاتيبالعصابة اللي كانت مستنزفة كل وقتي وجھدي ومشاعري ولما كبروا وجاسر رجع لحبیبتھ قررت إن كفایةكده أنا حملتھ فوق طاقتھ وكنت أكتر واحدة فاھماه وعارفة یعني إیھ حب یحتل كل كیانك وإنت مش قادر تعیشمن غیره حتى لو مافیش أمل، عشان كده مازعلتش منھ بالعكس قدرت مشاعره وقررت أحرره من حملي أناوالأولاد اللي كبروا وكلھا كام سنة ویستقلوا بحیاتھم ولقیت نفسي لوحدي في الدنیا من غیر ما یكون معایا حدیحبني وأتسند علیھ لما سنین العمر تعدي، بس رغم ده رفضت أتجوز تاني بالعقل لأني تعبت من جمود الحیاةبالعقل أنا محتاجة حب واھتمام وفجأة ألاقیك ظھرت في حیاتي تاني عشان تلخبطھا

ولیھ ما تقولیش عشان أعدل اللي اتلخبط؟-

ما اتجوزتش لیھ واحدة إیطالیة حلوة ما انت ما كنتش غرقان في حبي بالعكس كنت دایما تقولي أنا بحب حبك-لیھ؟

لما بعدت عنك عرفت أد إیھ كنت بحبك إنتي مش بحب حبك وبس، كنت في كل لحظة محتاج لك جنبي مش-ھاقولك كنت ملاك وما عرفتش حد، لأ قابلت وعرفت وفكرت أتجوز لكن في أخر لحظة كنت باتراجع لأني مالقیتش حد فیھم زیك، تخیلي كنت باقارن كل واحدة منھم بیكي، یمكن زمان كان الشكل والجمال بیفتنوني لكن.دلوقتي لأ الروح والقلب عندي أھم

بس مش ملاحظ إننا بعدنا عن بعض سنین، وفي السنین دي اتغیرنا ما بقیناش الإتنین اللي اتقابلوا زمان-واتخانقوا واتصالحوا وحبوا بعض واتجوزوا..لأ بقینا اتنین وجعتھم الدنیا وغیرتھم التجارب وبقوا اتنین تانیین.خالص

خلاص نعتبر إننا اتنین اتعرفوا زمان وفرقھم الزمن ورجعوا اتقابلوا تاني ومحتاجین یتعرفوا من جدید بس-.إدیني فرصة تانیة ولو لقیتي نفسك مش مرتاحة مش ھاجبرك على حاجة

إنت بتقول عایش في إیطالیا یعني لو اتفقنا ھاعیش معاك ھناك؟ وأحمد ومستقبلھ؟-

ممكن ییجي في الأجازة لو عجبتھ البلد یعیش معانا ھم الإیطالیین قریبین من المصریین في حاجات كتیر-

أنا حاسة إني تعبانة ومحتاجة أرتاح وأفكر بھدوء-

أنا لازم أسافر بكرة سجلي رقمي عندك عشان نتكلم ونعرف بعض أكتر-

:فابتسمت وقلت

لو أبلة الناظرة عایشة كانت قرصت ودنك وقالت لك معندناش بنات تتكلم في التلیفون-

:ضحك وقال

كانت مكھرباني-

ھتسافر إمتى؟-

في طیارة 12 باللیل-

خلي بالك من نفسك-

ماتخافیش واضح إني فعلا زي القطط بسبع أرواح بس ما تقولیش لأي حد ولا آسر أي حاجة دلوقتي لو-.الموضوع اتعرف ممكن یعرضني ویعرضكم للخطر

ما تخافش ربنا یحفظك ویسترھا مع الجمیع-

احترت في أمري ماذا أفعل فاستخرت ﷲ كثیرا وقررت أن أترك نفسي لأرى لأین ستدفعني الأیام في علاقتيمع بھاء. صار بھاء یتصل بي یومیا في وقت فراغھ ونتحدث في كل شيء وحكى لي عن عملھ وحكیت لھ عنعملي وعن الأولاد ومشكلاتھم ، وأخبرني كم یشعر بالوحدة عندما یعود للبیت لیلا وھو خاوي بلا زوجة ولاأولاد حتى أنھ كان یخشى دائما المرض فإن مرض فلن یجد من یھتم بھ ویرعاه، وأخبرتھ أني رغم ضجیجالأولاد الصاخب ومشاكلھم اللانھائیة إلا أني حین أخلد للنوم أفكر في اللحظة التي سیستقلون بحیاتھمویستغنون عني وعندھا سأظل وحیدة بلا أھل ولا أبناء ولا حتى ونیس یشاركني حیاتي واھتماماتي فطلب منيأن أفكر في طلبھ وأقرر سریعا فلم یعد في العمر الكثیر فرجوتھ أن ینتظر حتى ینتھي أحمد من عامھ الدراسيوبعدھا سأقرر. كان یعلم أني أحتاج إلیھ كما یحتاج لي، ففي تلك المرحلة من العمر یكون الحب لیس تلكالمشاعر الشغوفة ولا رجفة الیدین ولا النظرات التي تجعل القلوب تخفق بقوة بل یصبح الحب إحساسبالاھتمام والمشاركة والأمان مع إنسان على استعداد أن یمضي معك أیام كبرك كما أمضى معك أیام شبابك،

.حقا لم نكن كبار في السن لتلك الدرجة لكن إحساس الوحدة القاتل ربما زرع تلك المشاعر في قلوبنا

ارتبطت ببھاء مجددا واعتدت الحدیث معھ رغم أننا لم نعد كما كنا لكن ھناك أشیاء مشتركة بیننا وتفاھم وحبقدیم لم تقدر علیھ السنوات ویبدو أن مجابھة الموت والحیاة في الغربة جعلت بھاء یتخلى عن أنانیتھ وغرورهقلیلا أو ربما كانا متلازمان مع سنوات الشباب ومع مركزه الاجتماعي فلما ولى كل ذلك ذھبا بلا رجعة فأصبح.بھاء إنسانا جدیدا

أنھى أحمد عامھ الدراسي وعاد محمد مع آسر في أجازة الصیف لمدة أسبوعین فقط فقررت أن أوجھھمبرغبتي ولكن ستظل ھویة بھاء سریة حتى لا أعرضھ أو أعرض أولادي لأي خطر مُحتمل. اجتمعت بھم:وقلت لھم

فیھ صدیق لبھاء والد آسر نعرفھ من زمان وكان مسافر بره مصر وعایش في إیطالیا ولما رجع واتقابلنا أكتر -من مرة نتكلم فیھا عن ذكریاتنا اكتشفنا إن بیننا تفاھم وخاصة إن ظروفنا شبھ بعض ھو مطلق مراتھ برضھعشان كده قررنا نتجوز

:فقال محمد بحدة

قررتوا؟ طیب بتقولي لنا لیھ؟ ما كنتي اتجوزتیھ بالمرة؟ إنتي مش شایفة إنك كبرتي وأولادك بقوا طول-الدولاب؟ ولسھ بتفكري تتجوزي؟؟ مش مكسوفة؟

:صاح بھ آسر

محمد دي مش طریقة تكلم بیھا ماما-

مش سامع الھانم بتقول إیھ ؟ في السن ده وعاوزه تتجوز-

:فقال أحمد بھدوء

مش ده اللي كان سبب تعبك لما شوفتیھ؟ إیھ اللي اتغیر-

:سكت ونظرت لھم جمیعا وقلت لآسر

مافیش عندك حاجھ عاوز تقولھا؟ أه صحیح ما انت قلتھا لما كنت عندك-

:ثم سكت قلیلا واستجمعت نفسي وقلت بقوة

أولا أنا مش باعمل حاجھ غلط أو حرام ده حقي شرعا، كمان أنا مش سایباكم وانتم أطفال صغیرین لأ ده أنتوا-ماشاء ﷲ أد الدولاب زي ما بتقول یا محمد، ولأني مش صغیرة فعلا ودي أخر فرصة لیھ إني أعیش فأنامتمسكة بیھا، وبعدین إنتم فین؟ اتنین عایشین بره ومش ھیرجعوا وحتى اللي عایش معایا باقعد بالیومین ماأشوفوش وكل الكلام بیننا إما عاوز یاكل أو بیسأل عن لبسھ، وأنا طول النھار باكلم نفسي، ولسھ كمان كام سنةكل واحد فیكم ھیبقى لھ حیاتھ وساعتھا أنا ھاعمل إیھ؟ ھاعیش لوحدي ولا أشحتكم عشان أشوفكم وتیجوا وانتممغصوبین 5 دقایق وتجروا ورا مصالحكم؟ كل واحد فیكم فكر في مصلحتھ وفي كلام الناس لكن حد فكر فیھ؟حد اھتم بمشاعري؟ لأ طبعا عارفین لیھ؟ لأني ماما یعني لازم أضحي وأدوس على نفسي عشان أرضیكم لكنحد فیكم عنده استعداد یعمل أي حاجھ عشان یرضیني؟؟ لأ إنما بس فالحین تحاسبوني وتسمعوني كلام بایخ،إشمعنى جاسر لما اتجوز اللي بیحبھا وسابكم محدش فیكم قدر یفتح بقھ؟ ولا بس الراجل اللي من حقھ السعادةوالست لأ؟؟ أنا مش باخد رأیكم أنا بابلغكم قراري وھاسافر معاه وأعیش في إیطالیا

:ثم التفت إلى أحمد قلت

إنت حر تختار تعیش معانا أو مع إخواتك أو مع أبوك ولو مش عارف تاخد قرار تعالى معایا وجرب العیشة-ھناك في فترة الأجازة لو عجبتك كمل لو لأ إختار اللي یعجبك

:فقال أحمد بحزن

یعني كل واحد فیكم اختار الحیاة اللي تریحھ ومحدش فكر فیھ أنا عاوز إیھ؟-

لأ أنا فكرت وعارفة إن إیطالیا ھتعجبك لأنھا بلد الفنون والأثار والتحف الجمیلة یعني ھتناسب ھوایتك وتقدر-تدرس ھناك اللي یعجبك ولما تتعامل مع محمود ھتلاقیھ حد لطیف وھتنسجم معاه فكر ومستنیھ قرارك

:فقال آسر

وھتتجوزوا إمتى؟-

لسھ ما اتفقناش لكن قبل السنة الدراسیة الجدیدة-

:انصرف محمد غاضبا ودخل أحمد حجرتھ حزینا وبقي آسر الذي قلت لھ

تعالى معایا أوضتي عاوزاك-

:دخل معي فجلسنا وحكیت لھ كل ما حكاه لي بھاء فأصابھ الذھول للحظات ثم قال

یعني محمود ده یبقى بھاء أبویا-

الراجل اللي عمري ما حبیت غیره عرفت أنا لیھ مصممة على الجواز؟-

بس مش یمكن جوازكم یلفت النظر لكم تاني-

ما اعتقدش إنھم بعد السنین دي وبعد خبر وفاتھ لسھ فاكرینھ ولا بیدوروا علیھ بس الإحتیاط واجب مش أكتر-

عاوز أشوفھ-

ھاكلمھ ونتفق على كل حاجھ بس ولا حتى اخواتك یعرفوا حاجھ دول لسھ صغیرین ومتھورین، محدش-یعرف غیر عمك جاسر وبس

حاضر-

اتصلت ببھاء وأخبرتھ فسعد كثیرا لأنھ أخیرا سیتكمن من رؤیة ابنھ ولكنھ فضل أن یتم اللقاء في النرویج حتىلا نلفت الأنظاروطلب مني أن أسافر مع الأولاد عند عودتھم وھناك یحدث التعارف ویتم الزواج ثم نعود معالإیطالیا فھو یخشى على الأولاد ممن قد یكونوا متابعین لھم من العصابة. أعددت نفسي للسفر وأجرتالحضانة لإحدى المدرسات العاملات معي منذ فترة لمدة عام وبعدھا تصبح لھا فوافقت وسعدت بذلك كثیرا.ھدأغضب محمد عندما تحدث معھ جاسر وأخبره أن زواجي لیس عیبا بل بالعكس ھو حقي ولیس من حق أحدھمالإعتراض، وفوجئت برفض جاسر أن یعیش أحمد معھ بحجة أن زوجتھ لدیھا بنات في سن مراھقة وتخشى:علیھن من أحمد الذي أصابھ الحزن وشعر أنھ منبوذ من الكل. قبل سفري بیومین استدعیتھ لحجرتي وقلت

دلوقتي بقى قدامك إختیارین إما الحیاة مع إخواتك أو معایا-

ولو ماحبیتش الاتنین؟-

:سكت للحظات ثم ضممتھ لصدري وقلت

ھاسیب الدنیا كلھا وأجي أعیش معاك أنا ما عندیش أغلى منك إنت وإخواتك ویبقى محمود ییجي یزورنا كل-فترة واحنا نروح لھ في الأجازات

:قبلني بسعادة وقال

صحیح یا ماما مش ھتسبیني؟-

صحیح یا قلب ماما اللي مغلبھا بس إنت بكرة اللي ھتسیبني وتجري ورا طموحك وبعد كده ورا بنت شقیة-توقعك في حبھا

یا جمیلة إنتي حبي الأول-

یالا یا بكاش-

بجد یا ماما أنا بحبك أوي-

وإنت قلبي اللي ما أقدرش أعیش من غیره-

سافرنا كلنا للنرویج وھناك إلتقینا ببھاء الذي اندمج سریعا مع أحمد الذي كان یشبھھ في سلوكھ وحبھ للمرح ،بینما ظل محمد یعاملھ بجفاء فأدرك بھاء أنھ یغار علي فتحمل جفاؤه، أما آسر فكان یتأمل والده ویستمع لكلكلماتھ وكأنھ یروي ظمأ السنین وتعطشھ لحبھ واھتمامھ. اتفقت مع بھاء على ما قلتھ لأحمد فلم یعترض وقال:ضاحكا

واضح إن حتى لما القدر جمعنا تاني مصمم برضھ یعكنن علینا شویة-

معلش استحملني شویة أنا وأولادي إنت واخدنا كلنا على بعضنا -

یاستي موافق المھم نكون مع بعض-

تزوجنا في المركز الإسلامي وسافرنا لإیطالیا واستعدت مع بھاء سعادة تفلتت من بین أصابع الزمن وشبابظننتھ ولى ومضى، وبھجة نسیتھا وربما نسیتني ھي الأخرى، وكأن القدر أراد تعویضنا عن السعادة التيفاتتنا. بعد أسبوع نزلت مع بھاء للعمل فأنا لا أستطیع أن أبقى بلا عمل ، وبعد أسبوع أخر اتصلت بأحمدوطلبت منھ أن یأتي لیقرر ماذا سیفعل. جاء أحمد وكان الجلید قد ذاب بینھ وبین بھاء وحدث اندماج بینھماسابقا، وأخذنا بھاء في عدة جولات وعرف أحمد على نظام الدراسة وعلى نمط الحیاة ھنا. قضى أحمد معناشھرا وعمل فیھا معنا في المطاعم التي یملكھا بھاء وبعد نھایة الشھر قرر أنھ یرید أن یعیش معنا فسعدت بذلككثیرا واتفقت مع بھاء أن نزور أولادي في النرویج مرة وأن یأتوا لزیارتنا مرة حتى لا تنقطع الصلة بیننافوافق وأراد أن یقنع آسر بالدراسة في إیطالیا ولكنھ رفض وأصر على الإستمرار في النرویج فطلبت من بھاء

.أن یحترم رغبتھ ولا یصطدم بھ حتى لایخسره فوافق مُرغما لأنھ كان یرغب في تعویض مافاتھ

كانت حیاتي مع بھاء في مُجملھا سعیدة ورغم كل المشكلات والاختلافات التي قابلناھا إلا أننا أستطعنا التغلبعلیھا وتجاوزھا بالتفاھم وأدركنا أن الحیاة بقدر ما تحرمنا من السعادة أحیانا فإنھا قد تمنحنا ما كنا نحلم بھ.وربما أفضل مما نحلم بھ في النھایة ولكن علینا أن نصبر ونرضى

تمت18-4-2020

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع