المقال منشور بجريدة الأجيال الأحد 13/11/2011 م
لا أدري من أين أبدء هذا المقال وبأي الكلمات سأكتب وهل ستسعفني سخافة عباراتي أن ألم شمل هذا المقال الذي تبعثرت مشاعره بين الغضب الصارخ داخلي وبين إحساس بالنكبة لم يمر عليَّ مثله من قبل علي الأقل منذ اندلاع ثورة يناير المجيدة ــ أم الثورات ــ ...!!
يبدو واضحا أنني كنت أحد هؤلاء حَسِنِيِ النوايا الذين أيدوا التعديلات الدستورية في مارس / أزار 2011 م ــ ،،،،، نعم لقد ضربنا علي القفا وأكلنا الحلاوة وها هم مرة أخري يتمادون في تمرير الجرائم ضد الشعب من خلال وثيقة السيد الأستاذ الدكتور نائب رئيس الحكومة لشؤون التحول الديمقراطي ...
قرابة عام ثوري أوشك أن ينصرم ضجرا مما عايشه معنا في صراع بين فلاسفة الذل وأرباب الهزائم وبين من تربوا علي الحرية وأيقنوا طريقها ، ذاك الصراع الذي لا يعرف أي رحمة ولا حرمة لدم أهدر ولا لدم سيهدر في ظل تعنت وإصرار من بيدهم إدارة البلاد علي الوقوف ضد حركة التاريخ ...
عام أوشك علي الانتهاء سادت فيه حقيقة وحيدة وهي أن الثورة لم تتحرك خطوة واحدة نحو أهدافها ، ولو سمح لي القارئ الكريم أن يتفق معي في أن الفرق شاسع جدا بين مطالب الثورة التي لم يتحقق أي منها وبين أهدافها التي ستتحقق إن شاء الله مهما أمعن المرجفون في الأرض في طغيانهم ، وإن كانت مطالب الثورة قد اجتمعت في عبارة " الشعب يريد إسقاط النظام " والذي لم يحدث حتي الأن ، وإن كان رجالات المجلس العسكري قد أرغموا الرئيس المخلوع حسني مبارك علي التنحي كعملية امتصاص أو تفريغ شحنة الكهرووطنية المصرية الثائرة ظنا منهم أنه سيتم تلخيص المسألة في إسقاط الرئيس كمحاولة للإبقاء علي النظام وإعادة هيكلة نهجه الملعون الذي أفسد البلاد وأهلك الحرث والنسل أو لإعادة بلورة فكرة عام 1954 م ـ بما يتماشى مع الظروف القائمة ، فهذا كله يضعنا جميعا علي بعد مرمي حجر من صدام لن تحمد عقباه بيد أنه باهظ الثمن فادح الخسائر
وإذا كان الفصل الأول من كتاب الثورة قد انتهي بلا شيء بعد وثيقة السيد الدكتور علي السلمي والتي في مجملها لا تحمل إلا أبشع أنواع الإهانة للشعب والجيش علي حد السواء في رعونة غير محسوبة فصلت الإدارة بالكامل عن الشعب بالكامل وأعادت الثورة المصرية إلي المربع رقم صفر في ظل وجود نظام ظالم متجبر فاقد للشرعية لفظا ومعني ولازال يقف ضد إرادة الشعب والوطن
إن الفرص تتقلص والوقت يمر سريعا والأحداث تزداد جسامتها ، وهذا إنذار ربما هو الأخير لأن أوان مراجعة الخطيئة أوشك علي الفوات وما هي إلا مسألة وقت وسيصبح الصعب سهلا والمستحيل يبيت أمرا واقعا وما لم يكن بالأمس في الحسبان غدا سيكون حقيقة واقعة يرضي بها من يرضي ، وهنا فقط علي الباغي تدور الدوائر ...
ولست أدري من الذي بيده الأن أن يفرض إرادته علي شعب مصر
هل رجال المجلس الأعلى للقوات المسلحة لديهم القدرة علي فرض إرادتهم ضد إرادة شعب وجيش مصر ؟!!
هل رئاسة مجلس الوزراء لديها من الإمكانيات المادية والأخلاقية ما يجعلها قادرة علي مواجهة الشعب وما به من غضب ؟!!
هل الأحزاب السياسية التي لم تستوعب الدرس لما يقرب من نصف قرن من الزمن قادرة أن تضلل إرادة شعب مصر ؟!!
باسم جيل ثائر ..
احقنوا دماء التاريخ فالرعونة لن تنفع غدا
يا معشر المدججون بالغباء ..
اقتربت لحظة الحساب فانتظروا إنا معكم منتظرون
والله يسدد الخطا
محمود صبري