كيف لحروفٍ وُلدت من رحم اللغة أن تصف قلبًا خُلق من نور الجنة؟ كيف لقلمٍ مهما خطّ من معانٍ أن يفي حقًا أقدامًا أنهكها السير بين دروب الحياة لأجلنا؟ أمي… تلك الكلمة التي إن نطقتها ارتجف القلب خشوعًا، وإن كتبتها ارتعشت أناملي مهابة، فكيف أحتفل بكِ في يوم، وأنتِ العمر كله؟
أمي… أأكتب عن يديكِ اللتين أزاحتا عني بردَ الليالي؟ أم عن عينيكِ اللتين كانتا أول مراياي في الحياة؟ أم عن قلبكِ الذي ظلّ يدقّ لي عمرًا ولم يطلب في المقابل سوى أن أكون بخير؟
كم مرة سهرتِ على وجعي دون أن تنامي؟ وكم مرة خبأتِ عني دموعكِ حتى لا أحزن؟ كم مرة تنازلتِ عن أحلامكِ، ودفنتِ رغباتكِ، لتجعليني أنا الحلم، وأنا الأولوية، وأنا الحياة؟
في عيدكِ يا أمي، أقف عاجزةً… لا كلمات توفيكِ، ولا هدايا تليق بكِ، ولا قبلة على جبينكِ تكفي لتمسح تعب السنين من قلبكِ. كل ما أملكه أن أرفع كفّي إلى السماء وأقول: يا رب، لا تحرمني منها، وبارك في عمرها، وأكرمها بجناتٍ عرضها السموات والأرض، كما أكرمتني بعطائها الذي لا يُقاس.
أمي… أنتِ العيد، وأنتِ العمر، وأنتِ كل شيء، وكل يوم وأنتِ الحياة في وجودك ورحيلك انت المعنى لوجودي.
وختامًا..
الأم هي النعمة الكبرى التي لا تعوَّض، والسند الذي لا يميل، والقلب الذي ينبض حبًا دون مقابل. وجودها في حياتنا هو أعظم هبة، وبرّها هو مفتاح الخير في الدنيا والآخرة. فإن كانت بجانبنا، فلنحرص على إسعادها وردّ جزء من جميلها، وإن رحلت، فالدعاء لها هو عربون الوفاء والبرّ الذي لا ينقطع.
الأم ليست مجرد يوم نحتفل به، بل هي معنى الحياة، ودفء الأيام، وسرّ البركة الذي يملأ بيوتنا. فلتكن أعيادها ممتدة في كل لحظة، بحبٍّ نحمله لها، وبكلماتٍ تطيب خاطرها، وبأفعالٍ تجعلها تبتسم رِضىً وفخرًا.
كل عام وامهات الأرض والسماء بالف خير
دمتم بخير