هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • سألت الليالي
  • بيني وقلبي عَهدٌ ومِيثاق
  • عايشت ُ وجهك..
  • علوم الطب التجديدي
  • حوار مع زعفرانة ٨
  • لن نسمح للتاريخ بتكرار نفسه
  • تجربة النشر الأولى
  • صبر الأنتظار..
  • ميل هواك ِ ..
  • حوار مع زعفرانة "7"
  • تجاعيد على حجر من ذهب
  • رسالتك الأخيرة 
  • قريه السعداء 
  •  عايزه أقولكم سر
  • ستجبرون -2
  • اللا عشق
  • و مشت تتغنج
  • طفلة 
  • خيال
  • أي الألوان أسلك
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة شريف ابراهيم
  5. ما وراء النافذة

قام من نومه مبكرًا على غير عادته، لا يعرف تحديدًا ما السبب في نهوضه فجرًا، هل هو أرق جرَّاء سفر أسرته مؤخرًا، أم قلق من البيت الذي فرغ عليه ولم يعُد فيه أنيس يؤنسه ولا جليس يجالسه؟! شعور قد استجدَّ عليه ولم يعتَدْه من قبلُ، طرأ على عقله فكرة التغيير فجأة؛ أن يغيِّر روتينه اليومي أيام كانت أسرته وأولاده معه، فمارس قليلًا من الرياضة التي لم يمارسها من قبلُ، وأعد لنفسه قهوةً.. كان معتادًا أن يتناولها في المقهى القريب، هذه المرة صنعها بنفسه، أتى بكتاب من مكتبته لكاتبه المفضل دوستويفسكي، قرأ منه بعض الصفحات بعد انقطاع طويل عن القراءة. وبعد انتهائه، دخل إلى الحمَّام ليستمتع بنزول الماء البارد على جسده ليخفف قليلًا من وطأة درجة الحرارة المرتفعة، خاصة مع هروب الكهرباء، ما أجمله من تغيير! وما أروعه من كسر لحالة الفوضى التي كان يعيشها مع أسرته!

 

بدأ ضوء النهار يتسلل إلى نافذته فاقترب منها وفتحها يتأمل الشارع ومَن فيه.

لأول مرة يسلك هذا السلوك..

ويطل بعينيه إلى الطريق الرئيس الواقع أمام بيته مباشرة، لا وجود لسيارات تسير، فالوقت ما زال مبكرًا جدًّا، والغالبية من الناس تغطُّ في نوم عميق، وما هي إلا دقائق معدودة لم تتجاوز ربع الساعة حتى انتبه إلى جاره الذي يسكن في نهاية الشارع يأتي بسيارته ويقف عند ماء السبيل المفلتر وأعلاه لافتة مكتوب عليها: «ماء نقي لوجه الله تعالى».

عجبًا! فهذا الجار غير محتاج ومن ذوي المال والأعمال، يدور بعينيه يمينًا ويسارًا ويترقَّب الوضع من حوله خوفًا من أن يراه أحد.

أيصل به الأمر إلى هذا البُخل؟!

لقد عبَّأ قواريره بالمياه ومشى!

أخذته الفجأة والدهشة من تصرف جاره وشرد قليلًا وكأنَّ البلاهة أصابته، وإذا به يسمع خطوات متباطئة تقترب من نافذته، مدَّ رأسه رويدًا رويدًا فوجدها امرأة، دقَّق النظر أكثر حتى عرفها.. إنها الأرملة التي تسكن خلف بيته مباشرة، تعجب وسأل نفسه: ما الذي يأتي بها في هذا الوقت؟ وكيف تترك صغارها وحدهم؟ كانت زوجته تحكي له عنها وعن كمِّ الرضا الذي تشعر به وعن نبل أخلاقها وتحمُّلها مسؤولية أولادها ورفْضها الدائم للزواج وكأنها مكتفية لا تحتاج إلى شيء ولا ينقصها شيء. انتابه الفضول إلى درجة النزول من بيته وتتبُّعها، لكنه تراجع عند رؤيتها تتجه إلى صندوق القمامة القريب منه، وجدها تفتِّش فيه، عن ماذا؟ لا يدري الرجل.. راح تفكيره إلى أن ثَمَّةَ شيئًا مهمًّا نسيته السيدة في أحد الأكياس التي تضم فضلات طعامها أو ما شابه ذلك.

لقد خاب ظنه وصُعق عندما رآها تمد يديها تبحث في بقايا الخبز والطعام المتبقي من الآخرين..

يا لها من صدمة صدمته!

المرأة لا تملك إطعام أولادها!

في الجهة المقابلة، رأى الرجل الذي يدور المدينة كلها سيرًا على الأقدام، يبدو أنه يسكن قريبًا، يدخن السجائر بشراهة، وكلما مرَّ من أمام مطعم أعطاه عمالُه ما يأكل، فضلًا عن القهوة نهارًا وليلًا طيلة دورانه، هو رث الثياب، أظافره طويلة، تكاد قدماه تنطقان وتقولان: رفقًا بي..

لقد تعبتُ وتشقق جلدي..

عند رؤيته بهذه الكيفية تُجزم أنه يحتاج إلى طبيب لفحصه، وعلى الرغم من ذلك تدور دورته الدموية بعدد دوران سيره معبرةً عن صحة جيدة، وعقل فاقد للوعي يريحه من الاصطدام بالبشر.

أشرقت شمس الصباح معلنةً عن بدء يوم جديد وبدأت الأقدام تدب على الطريق مثقلةً بالأوجاع والأحلام والطموحات، السيارات تسير والبشر يخطون خطواتهم، ووراء كل منهم قصة وحكاية ترصدها عينٌ خلف النافذة في صباح يوم باكر وكواليس لم تُكشف بعد.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1133 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع