سأعقد معكم مقارنة لشخصيتين مختلفتين، ربما تُدهشون لما سأقصه عليكم حتى تقولوا: أيهذي هذا؟! وربما تتفقون أو تختلفون مع ما سأذكره لاحقًا، ولكنه واقع يصادفك ويصادفني، ووارد جدًّا أن تقتنعوا مثلي حتى ولو كنتم قِلَّة.. لا أود الإطالة أو تشويقكم أكثر من ذلك، بل سأبدأ في عرض النموذجين المحصورين ما بين «رفض وقبول».
النموذج الأول: شخص متعلم، أنيق، متحدث بارع، جميل الطلَّة، له هيبة في أي مكان يدخله، منظم ولا يحب الإهمال، لا يتعاطى أي نوع من المُكيِّفات، يمارس الرياضة، إذا اشترى شيئًا راجع حسابه ولا يزيد عليه؛ حرصًا منه على قيمة المال وعلى إنفاقه، إذا استضافك في بيته ارتدى من الملابس ما يليق بك ضيفا، وإذا جلس معك وتناولتما فنجانين من القهوة وتجاذبتما أطراف الحديث تجده يتحدَّث بطريقة بروتوكوليَّة، في بيته حريصًا على ضبط الألفاظ مع زوجته وأولاده.. فهذا ممنوع وذاك لا يليق.
حياته التزام وعمل، وتحفُّظات على كل ما هو خارج عن المألوف.
مثل هذا الشخص، رغم قربه من المثالية في التعامل إلا أنه غير مقبول، ولا يؤخذ رفيقًا أو صديقًا، لا لشيء سوى أنه يسعى إلى ضبط الأمور من حوله بطريقة نظاميَّة لا تُناسب إيقاع الحياة الفطري المتقلِّب.
النموذج الثاني: شخص بسيط غير متكلِّف، يرتدي من الملابس ما هو متاح لديه دون اختيار محدد، يخرج من بيته دون أن ينظر في المرآة، يقود سيارته لتلبية متطلبات بيته دون أن يهتم بتفاصيلها، تراه في بيته جالسًا على حصيرة أرضيَّة ويقدم لك كل ما لديه، ويفرح إذا رآك تأكل بنهَم؛ فإقبالك على طعام بيته يَعتبره محبة، بل يدعوك أن تتمدَّد وتسترخي في جلستك ويشعرك بأن البيت بيتك.
يندمج معك في الحديث دون ترتيب، تارةً يسب في حقِّ رئيس الدولة وينتقد الأوضاع وغلاء المعيشة، وتارةً يضحك بصوت عالٍ لمشهد كوميدي، وتارةً أخرى يُصعق من جمال امرأة شاهدها في التلفاز معلِّقًا بأنها لو كانت زوجته لأغلق الباب عليها مكتفيًا بها ومحتكرًا لجمالها وأنوثتها، ومع إحضار الشاي، تجده متكئًا على جنبه يشعل سيجارته لتعدل حالته المزاجيَّة وتنعش أفكاره كما يتصور، ثم يقول لك: أغلِق الباب حتى لا يطير الدخان، وإذا سألته: ماذا تفعل لو امتلكت المال؟ يُجيبك فورًا أنه سيتزوَّج على زوجته ولكن سرًّا دون علمها حتى لا تتحوَّل حياته إلى جحيم، مثل هذا الشخص مقبول، وربما هو الأقرب إلى قلبك، بل إذا شعرت بضيق تجد قدميك تجُرَّانك إليه جرًّا دون تفكير، وما بين الاثنين فوارق واختلافات..
والقلب وما يريد.