النجاح مطلوب، وكلنا نسعى إليه، ولكنه يختصُّ فقط بعض مَن لديهم المقوِّمات الفعليَّة لبلوغه وتحقيقه؛ فالشخصيَّة الناجحة تملك عقلًا يفكِّر ويحلِّل ويفنِّد كل الخطوات التي تطؤها قدماها في كل طريق تسلكه.
والناجح يتعثَّر كثيرًا في بداياته، يقع ليقف مرة أخرى، لا يكل ولا يمل؛ بل يتخذ من الصبر والتحمُّل عنوانًا للوصول إلى غاياته.
الناجح يجتهد أيّما اجتهاد، يتقرَّب من زملائه في محيط عمله لكسب وُدِّهم وتكوين صداقات مثمرة تنتج عنها شبكة علاقات اجتماعيَّة قويَّة تحيط به وتدعمه وقت الضرورة.
ووسط كل هذا التقرُّب، لا ينسى الناجح أبدًا أن يكون محل ثقة الجميع، بخُلقه وأمانته ونزاهته وإخلاصه في العمل.
لا مانع من أن تكون هناك مجاملات بصدق في المناسبات المختلفة؛ فالناس بطبيعتهم يحبون مَن يسأل عنهم، ويقدِّم لهم التقدير المناسب.
ولكن ما المانع من أن أجامل دون نفاق ورياء؟!
ما المانع من أن أقضي حوائج الناس وأقدم لهم يد المساعدة في الحدود المسموح بها؟!
ما المانع من أن أنبِّه إذا رأيت ضررًا سيقع على أحدهم؟!
إنه لشيء عظيم أن تنجح وتتقدَّم وتتميَّز وتحقِّق إنجازًا وتكسب المال، ولكن ما أصعب وأقسى أن يأخذك نجاحك من نفسك وأهلك! وتدور في دائرة لا انتهاء لها، ويصبح جدولك اليومي مُعبَّأً بمصالح هنا وهناك، وخدمات عليك تقديمها، بل وتزيد مهامك اليوميَّة زيادة مستمرة تكاد لا تتوقف، وبخاصَّةٍ إذا كنت محل تقدير الآخرين لك وثقتهم بك، لتجد نفسك فجأة في ضغط وعناء مستمرَّين.. ولأنك ناجح، تريد أيضًا أن تنجح مع المقربين منك: ذويك، وزوجتك، وأولادك، ونفسك التي نسيتها في خضمّ أشغالك المتعددة.
تتشجَّع على التغيير، وتعقد النية لإحداث طفرة جديدة تنتشلك من كل هذا الصخب في حياتك العملية، وتبدأ فعليًّا في التنفيذ؛ لتنجح المحاولة ليوم واحد فقط وتبوء محاولات بقية الأيام بالفشل، وسرعان ما تُرجِعك دوَّامة العمل مرة أخرى.