في أحد المجالس مع الشيخ المذكور في المنشور السابق قال إن سيدنا عليًا كان الأحق بالخلافة، والأحاديث تشير إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمح بذلك أو كاد يصرح بذلك.
فقلت له: يا مولانا، الأحاديث تقول عكس هذا الكلام، والأحق بالخلافة هو سيدنا الصديق!
فقال: وما هو الدليل؟ فقلت حديث السيدة عائشة:
"ادْعِي أبا بكْرٍ أباكِ، وأخاكِ، حتى أكْتُبَ كِتابًا، فإنِّي أخافُ أنْ يتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، ويقولُ قائِلٌ: أنا أوْلَى، ويأبَى اللهُ والمؤمِنونَ إلَّا أبا بكْرٍ".
فقال لي: أين قرأت هذا الحديث؟
فقلت له: موجود في صحيح البخاري ومسلم.فأنكر ذلك، وتعجبت من إنكاره …!
فقال: لعلك قرأته في أحد كتب الوهابية!!
فقلت له: يا مولانا، أنا لا أقرأ كتب الوهابية، والحديث موجود في صحيح البخاري ومسلم.
فقال لي: سوف أراجع الحديث، ولكن لو كان الحديث بالفعل موجودًا في صحيح البخاري ومسلم فالمسألة محسومة، ويكون الصديق الأحق بالخلافة!
فقلت: الحمد لله.
وفي الجمعة التالية، اجتمعنا في بيت الشيخ، وأنا مطمئن. فنظر إلي وقال: لقد راجعت المسألة، وبالفعل الحديث موجود في صحيح البخاري ومسلم، ولكن بعد جمع كل الأدلة تبين لي أن سيدنا علي هو الأحق والأولى بالخلافة!!!
فعلمت أن المسألة ليست علم وأدلة وإنما هوى وتعصب.
وليس عندي مشكلة أن يتعصب أبناء سيدنا علي عليه السلام لأبيهم أو يحبوه حبًا زائدًا عن كل الصحابة أو يروه أفضل الصحابة، فالعَمري هو أهل لكل محبة وتعصب وتفضيل!
ولكن مشكلتي أن تَتهم سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر بأنهما تركا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُغسل وذهبا يتصارعان على الخلافة مع الأنصار.
فوالله، هذا هو الظلم البيِّن وسوء الظن الصُّراح وقلة الأدب الواضحة.
لقد ذهب الصديق والفاروق لوأد فتنة ومنع تفرق أمة وجمع كلمة ، فجزاهما الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وواجب أبناء سيدنا علي التأدب معهما، فوالله سوء الأدب في حقهما لا يرضى سيدنا علي ولا يرضي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يرضي الله عز وجل.
فالحذر الحذر الحذر يا شباب من الانزلاق في هذا المنزلق الخطير، فوالله عاقبته عدم التوفيق وإغلاق الفتح وانطفاء الأنوار.