من اسألة الصفحة :
تقول السائلة : أصبحنا في حيرة شديدة من تشدد بعض المفتين واتهامهم الناس بالابتداع في الدين حتى في تصرفاتهم العادية ، وتساهل آخرين من المفتين حتى فيما هو فج وغير مقبول .
ممكن توضيح لحقيقة البدعة المحرمة ؟
الجواب
باختصار شديد في تحديد البدعة المحرمة يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله " ليس كل ماأبدع منهيا عنه ، بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة ، أوترفع أمرا من الشرع "
إحياء علوم الدين ٢/ ٢٤٨
وحقيقة هذه العبارة من فقيه أصولي بوزن أبي حامد لهي اختصار لمجلدات تقال في ذلك وقد لاتفي بالمطلوب .
وبتوضيح أكثر أنقل لكم كلام العلامة ابن الأثير
في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر ، يقول :
البدعة بدعتان : بدعة هدى وبدعة ضلال ، فما كان على خلاف ماأمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ماندب إليه وحض عليه الله ورسوله فهو في حيز المدح مالم يكن له مثال موجود ،كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولايجوز أن يكون ذلك في خلاف ماورد الشرع به ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها " وقال في ضده " ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها " وذلك إذا كان في خلاف ماأمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال : ومن هذا النوع قول عمر "نعمت البدعة هذه" لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح وسماها بدعة ومدحها - يقصد جمع المسلمين في صلاة التراويح على إمام واحد مع المحافظة على ذلك - لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ، ولم يحافظ عليها ولاجمع الناس لها ولاكانت في زمن أبي بكر رضي الله عنه ، وإنما جمع عمر الناس عليها فسماها بذلك بدعة وهي على الحقيقة سنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي …"
ثم قال : وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر " كل محدثة بدعة " إنما يراد بها ماخالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة …اه
النهاية ص٨٠
أقول : كلام واضح ومنضبط ودقيق ، ويغني عن أي كلام لي او لغيري .
وأنبه إلى أنه لن يسمح بأي تعليق يخرج عن حدود آداب العلم .
والتوجيهات لأدمن الصفحة واضحة في ذلك .