يقول رحمه الله :
إن الأعمدة التي تقوم عليها العلاقات بين الرجال والنساء تبرز في قوله تعالى " لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض "
وقول الرسول الكريم " إنما النساء شقائق الرجال "
وهناك أمور من قبيل العفو الذي سكت الشارع عنه ولم يرد فيها تشريع ، ليتيح لنا حرية التصرف سلبا أو إيجابا ، وليس لأحد أن يجعل رأيه دينا ، فهو رأي وحسب !
أقول : وهذه الجملة الأخيرة ينبغي أن نتأملها جيدا، فلا مقدس غير المقدس ، يعني القرآن الكريم وصحيح السنة المشرفة فقط . .
ويقول :
نحن لسنا مكلفين بنقل تقاليد عبس وذبيان - قبيلتان عربيتان معروفتان - إلى أمريكا واستراليا ، إننا مكلفون بنقل الإسلام وحسب !
والمرأة في أوربا تباشر عقد نكاحها بنفسها ، ولها شخصيتها التي لاتتنازل عنها ، وليس من مهمتنا أن نفرض على الأوربيين مع أركان الإسلام رأي مالك أو ابن حنبل ، إذا كان رأي أبي حنيفة أقرب إلى مشاربهم ، فإن هذا تنطع أو صد عن سبيل الله .
طبعا الشيخ يتحدث هنا عن الأوربيين المسلمين ، لأنه لاإكراه في الدين ، فالإسلام كدين لايفرض على أحد من غير المسلمين ،فضلا عن أحكامه وتشريعاته .
ويقول :
إن من لافقه لهم يجب أن يغلقوا أفواههم لئلا يسيئوا إلى الإسلام لحديث لم يفهموه أو فهموه ،وكان ظاهر القرآن ضده .
ويعني هنا حديث " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وقد وقف الشيخ أمام هذا الحديث وقفات طويلة، وأوضح ظروفه وملابساته لينفي الفهم الظاهري عنه ، فلا يوجد مايمنع من أن تتولى المرأة كافة الولايات مادامت مؤهلة لذلك .
ثم يقول :
إن انجلترا بلغت عصرها الذهبي أيام الملكة فكتوريا ، وهي الآن بقيادة رئيسة وزراء - يقصد مارجريت تاتشر - وتعد في قمة الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي ، فأين الخيبة المتوقعة لمن اختار هؤلاء النسوة ؟
ثم يستأنف : وقد تحدثت عن الضربات القاصمة التي أصابت المسلمين على يد أنديرا غاندي حتى حققت لقومها مايصبون إليه ،
أما مصائب العرب التي لحقت بهم يوم قادت جولدا مائير قومها، فقد نحتاج إلى جيل آخر لمحوها .
إن القصة ليست قصة ذكورة ولا أنوثة ، إنها قصة أخلاق ومواهب ..
ثم يقول
" مادخل الذكورة والأنوثة هنا ، امرأة ذات دين خير من ذي لحية كفور "
وفي موضع آخر يقول :
وقد رأيت في هذه الأيام من يسمي نفسه أمير جماعة ، وجهده الذي بذله وتصبب له عرقا وهو يقوم به ، هو إشاعة النقاب بين النساء ، أو إشاعة الجلباب بين الرجال ، أو تحريم الذهب على النساء والرجال جميعا ، او ترك شعر اللحية ينمو فلا يؤخذ منه شيء حتى يلقى الله …
أهذه غايات تتكون لأجلها جماعات ؟
من كتاب " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث. ٥٨ د، ٥٩ ، ٨١. طبعة دار الشروق بتصرف يسير
والحقيقة أن هذا الكتاب المذكور كتب بمداد من نور ، ولصاحبه وقفات جريئة في نقد المرويات أظنه لم يسبق إليها ، الأمر الذي أزعج الجامدين والمتشنجين فألفوا ضده أحد عشر كتابا ، كلها سباب وقذف واتهام بالضلال وإنكار السنة وغيرها من التهم المعلبة التي نعرفها جميعا .
وحين علم الشيخ رحمه الله بما صنف ضده ، قال في ثقة المؤمن " ماأريد به وجه الله يبقى "
وصدق الشيخ رحمه الله وماخيب الله فيه رجاءه ، لقد فنيت هذه الكتب وبقي كتابه أثرا صالحا ينفع الناس ويمكث في الأرض ، وأراه حريا بالدراسة الواعية من قبل كل مسلم ومسلمة ، لاسيما أهل الاختصاص منهم .
ورأيي أن عدم الوعي الكامل بهذا الفقه البارز في ثنايا هذا الكتاب في كل القضايا الحية الملحة التي طرحها صاحبه ، وليس فيما يخص المرأة فقط ، ليدل دلالة واضحة على أننا لانزال نحرث في الهواء ، ولم نحرز تقدما يذكر في فكرنا الديني ، ولكنا قفزنا إلى الخلف بخطوات وثابة ولانزال ، وإلى أين ؟ الله وحده يعلم .