أثناء طيراني في السبعينيات والثمانينيات
كنت ألاحظ دائما وجود مدرجا ممهدا وبه عدد كبير من طائرات الرش الزراعي ملاصق لمدينه بنها وكان يعرف ب “مطار بنها الزراعي”
وكان هذا المدرج يُستخدم بكثافة من قبل طائرات زراعية يقودها طيارون أجانب، أغلبهم من الجنسية البولندية، ضمن برنامج رش المحاصيل الزراعية – خاصة القطن – بالمبيدات الحشرية.
وقد كانت عمليات الإقلاع والهبوط تتم يوميًا بكثافة ملحوظة، وكان هذا الموقع تابعًا لوزارة الزراعة، ولم يكن له أي علاقة بالأنشطة أو الاستخدامات العسكرية. هذا ما عُرف لاحقًا باسم “مطار بنها الزراعي” أو “مطار كفر سعد”.
أما ما يُطلق عليه شعبيًا “المطار السري”، فهو أمر مختلف تمامًا . هذه كانت فكرة ظهرت في الستينيات من قاده القوات الجويه في ذلك الوقت في سياق استعداد طياري القتال للطوارئ . وتمثلت هذه الفكرة في توسيع الطريق الزراعي الموازي لمطار قويسنا ، وتجهيزه ليستخدم كمدرج طوارئ للطائرات المقاتلة "ميج ١٧ " في حال تعرض القاعدة لهجوم أو فقدان القدرة على الإقلاع منها.
وقد شُوهدت بالفعل طائرات مقاتلة مصطفّة على جانب الطريق، وتم إجراء تجارب حقيقية للإقلاع من على الطريق الزراعي ، بعد أن يتم تأمينه بالكامل من قبل الشرطة المدنية والعسكرية ، وتوقيف حركة السيارات بشكل مؤقت . ورأيت بنفسي المرحوم والدي يقوم بهذه التجربه بالأقلاع من علي الطريق الزراعي
والهبوط وكانوا الطيارين يتناوبوا نبطشيات في خيمه متواضعه جدا داخل الحقول الموازيه للطريق الزراعي وعندي صور كثيره لهم اثناء هذا الوقت ومع تطور الدفاعات الجوية لاحقًا حول مطار قويسنا، لم تعد هناك حاجة فعلية لهذا الإجراء، ولم يُستخدم الطريق فعليًا إلا مرات معدودة للتجربة فقط.
وتجدر الإشارة إلى أنه كان هناك مكان أمام بوابة مطار قويسنا تتوقف فيه سيارات الركاب العامة، وكان المارة يرون الطائرات مصطفة بجانبهم على طريق واسع بلا فاصل بين الاتجاهين، مما أدى إلى تسميته الشعبية الذكية بـ “محطة المطار السري”، رغم أنه لم يكن مطارًا فعليًا.
أما “مطار بنها الزراعي” فقد أُهمل مع توقف الدولة عن استخدام الطيران في رش المبيدات، وتحول إلى موقع مهجور، تتسلل إليه بعض الأفراد لتصوير الطائرات القديمة التي تحوّلت إلى خردة. وتم لاحقًا إغلاقه ومنع التصوير داخله.
هذه الشهادة أقدمها توثيقًا للحقيقة، ولتوضيح الفرق بين الاستخدام الزراعي للطيران في تلك الفترة، والخطط العسكرية الاحترازية التي اعتمدت على البنية التحتية المدنية في حالات الطوارئ