دقت ساعة الحائط تمام المنتصف من الليل
وبينما كنت منهمرة على الكتابة كعادتى اليومية..إذ أنارت شاشة هاتفى برسالةٌ نصها كالأتى..
أدعوكِ على فنجان من القهوة ..أنتظرك..
وما أن قرأت الرسالة شعرت بفرحةٍ عارمة لم أشعر بها من ذى قبل..وأنتابتنى رجفةٌ..ولهفةٌ للقاء لطالما حلمت به..
نعم..حُلم راودنى كثيراً للقاءه ومعرفتى به عن قرب ..فهو شخصيةٌ مرموقه ..وله كثيراً من المعجبات لكتابتة المميزة التى أحتفظت بنسخها على هاتفى..لأعاود بقرائتها وقت فراغى..
وظللت ساهرةً طيلة الليل ..أعاود بقرأة نص الرسالة الغامضة..وأنتابنتى حينها كثيراً من التساؤلات الحائرة..
لما فى هذا الوقت بالتحديد ؟
ولما الدعوة على فنجان من القهوة ؟
ولما أنا دون غيرى؟
ولم أجد لتساؤلاتى أجوبة..
ومر الوقت متثاقلاً..وكأن عقارب الساعة أصابها الشلل من روعة الحدث..
وأقترب الميعاد ..وفتحت خزانة ملابسى..وأرتديت فستان بسيط..أبيض ومحاط به ورودٌ صغيرةٌ زهرية اللون .وتوشحت بوشاحٍ بلون الورد ..
وتعطرت بأطيب العطور..وأسرعت مهرولةٌ إلى المكان المنتظر..
وما إن وصلت للمكان ..وجدته مكان بسيط بجانب الشاطئ..محاطٍ بسور خشبى قصير الأرتفاع ..وشجيرات الريحان العطرة..وأستحيت خجلاً من عيون الماكثين على تلك الطاولات الخشبية التى كانت تراقب وقوفى وأنا شاردة أتلفت يميناً ويساراً ولا أجد ضالتى..
وبينى وبين نفسى قررت الهروب من ذلك الموقف المحرج ..ووقتما قررت بالفرار..إذ هبت ريحٌ طيبة بجانبى..وما إن رفعت رأسى...
رأيت رجلاً وسيم الشكل..فاتن الهيئة..طويل القامة حد المعقول..يميل إلى السُمرة وما هو بأسمر..عريض البنية وما هو ببدين ..تعلو ثغرة بسمةٌ طفولية ..ساحرةٌ..آخذةٌ بالألباب..
وقتها شعرت وكأن الأرض سُحبت من تحت قدمى ..إلا أن مد بيديه وجذبنى بجانبة..
وأخذنى وأجلسنى على طاولتة وطلب من النادل..بفجانين من القهوة الوسط..
وسألت نفسى كيف علم بأننى أشربها وسط؟لا أدرى..وظلت هذه البسمة تعلو وجه الملائكى وهويقرأ تلك الأسئلة فى عينى..
لقد كان رزين فى حديثه وإن يدل على ثقافة عالية المستوى..والفكر الرشيد..فهو رجل فى الخمسينات من عمره تقريباً..وقرأ وبحث فى كثيرٍ من مختلف القضايا ..والثقافات المتنوعة..وظل يتكلم عن نفسه كثيراً ..وأنا ظللت أترقبه وأرسم بتفاصيل صورته بذهنى حتى لا أنسى منها شئ..
وسألنى..وأنتى ألم يأن الأوان أن تعرفى إجابة التساؤلات العالقةُ بذهنك حتى الأن..
أبتسمت إبتسمة أستحييت من خلالها على نفسى..وقلت نعم أريد أن تجيبنى عليها..
عرفت بأنه كان يترقبنى عن بُعد..ومنذ زمن..وقرأنى جيداً ..ويعلم وقت صحوتى فى الكتابة..وشغفى لقهوتى..وأنى أحب أن أشربها متوسطة السكر..وقتها أمسك بيدى بحنان لم أعهده من ذى قبل..وظل ماسكاً لأطول وقت..
وعلمت منه أنه يكن لى حباً كبيراً فاق الحد..وأنه كان ينتظر ذلك اللقاء منذ زمن .ومر الوقت سريعاً..وحانت لحظة الفراق..
نظرت لساعة يدى ..وأنتابتنى لحظة حزن..ورأيت دمعة لمعت بعينية..وشوقٌ ولهفة للقاء قبل فراق..وقتها تشبث بيدى جيداً..لأوعده بلقاء قادم وفى نفس المكان..
وحانت ساعة الرحيل..
وقررت أن أمضى لوحدى دون مرافقته..وظل عالقا بنظره تجاهى حتى ظن بأننى غبت عن المشهد..
ولكنى تواريت عنه قليلا أترقبه عن بُعد..ورأيته أشعل سيجارةً من علبة سجائرة التى كانت على الطاولة..وأمتلئ وجهه من دخانها ..ورأيت الشغف والحنين گسى وجهه..
واخذ بهاتفه يتفقدة..ووقتها أنارت شاشة هاتفى برسالة نصها..
إشتقت..إليكِ..