عزيزي الأسمــر...
في مَقهىٰ المُشردين.. مذاق القهوة مُرٌّ للغاية، لكِن لا بأس لم آتِ إلىٰ هُنا مِن أجلِها.. جِئتُ لأتبادل الصباحات معك.
عزيزي.. لقد تعِبت مِن التحديق بسقف الغُرفة طوال الليل، تعِبت مِن الوحدة.. الظلام الغارقة بِه، ورُبّما أوشكت علىٰ التعب مِن الكتابة لَك أيضًا.
أنتظر.. أنتظرُ أنْ تجيئني أنتَ أيضًا وتقول لي اشتقت.
أشعُرُ بحاجةٍ إليك لا تُوصف.. أشعُر بجوعٍ إلىٰ عينيك، إنَّك تتخَلل أفكاري وتلتهمني، هُنـا في مقهىٰ المُتشردين المقاعِد توابيت لذِكريات العُشاق، الطاولات تُغطيها أكفان الفراق، والضجيج يتعالىٰ بِـداخلي، وتُصاب ذاكرتي برياح عاصفة شَرِسة وذِكريات مَطيرة، وفي الدهاليز المُظلِمة تعوي ذِئاب الشوق، لم يعُد بِـوسعي أن أهرب وأخلع ذاكرتي مِني، أتذكرك وأتذكرك دونما رحمةً بِنفسي ولا شفقة.
أشعُر بألمٍ عميقٍ يخترقني وأختنق كُلّما نظرت للمِقعَد المُقابل ولم أجِدك، أعجَز عن البُكاء وأجدنَي أئنُ وأشيحُ ببَصري أبحَث عنك، وفجأة وعلىٰ حين غُرّةٍ مِني يزحف الليل.. أتلفت حَولي فَـلم يبقَ غير عدد ضئيل مِن المُشردين مِثلي، أقوم وأنسَل مِن الباب، أخرج لأركض هاربة.. أركض مذعورة أبحث عنك عَلَّني أُصيب الطريق.