عزيزي الأسمــر...
رحلة غُربة أُعانيها وحدي كُلّ مساء، فراقَك لعنة تنبُض في عروقي.
عزيزي.. لقد داهمتني الشيخوخة وأُصيبَ قلبي بالعَجَز، بِدُونَك أهوىٰ في أعماق وحشةِ الغُربة والأسىٰ.
أقبلتُ علىٰ الأربَعين.. سنين العُمرِ تتساقط سَنة تِلو الأُخرىٰ في خَـريف غيابَك، وبدأت أتلاشىٰ عضوًا تِلو الآخر؛ بُترَ قلبي أولًا ليلة رحيلك، وعيناي أيضًا لم تَعُد مِثل قبل، قدماي احترقا في رحلة الغُربة التائهة بِداخلي منذ عشرة أعوام، ويداي أوشَكت علىٰ القطع مِن كثرة التمسُك بِـحبالِك الذائبة، أمَّا ذاكرتي فـهي الشيء الوحيد الّذي أبىٰ أنْ يطردك مِن داخِله.
منذُ عشرة أعوامٍ وأنا أكتُب وأُحاول حَفر دَرب خلاصي مِن متاهات الغُربة ولَمْ تُجدِ الكتابة نفعًا.
الألم هُنا.. ما زال يقطن بالجهة اليُسرىٰ مِن صدري، لطالما أنَّني أحترق مُنذُ أنْ شهدت عيناي مَذبحة حُكمك بالإعدام علىٰ قلبي حرقًا.
عَشرة أعوامٍ تُدمي رئتاي حروف الأبجدية حرفًا حرفًا وأكتُب عنك ولَك، أيُّ قسوةٍ أصابَتك؟
ألم تصلك جُثث حروفي مُكفنة بأظرفها الصفراء بَعد؟ أم وصلتَك وكان مصيرها أن تُدفن داخِل مقبرة صندوقك الصاجي ولم تُبالِ بِهم؟