اثناء فترة مكوثى فى الحظر لاحظت ان الاباجورة الواقفة على المتكأ الملتصق بسريرى مائلة بشدة ؛ و كأن كسرا ما قد حدث بها ؛ كيف ؟ و هى قوية و غالية ؛ اشتريتها "انتيكا "لتذكرنى دائما بملامح منزلى بالاسكندرية ؛ سألتها : ماذا بك ؟ هل انت مريضة ؟ هل تشعرين بألم فى ساقك الواحدة ؛ ام انك مثلى مللت من الحظر الملضوم بالوحدة ، يأست من عدم اهتمام الغافل عنك ، هل صوت التليفزيون يزعجك ؟ نور التليفون بالليل يضايقك ؟ تشعرين بالبرد ؟ بالحر ؟ تحدثى لا يوجد احدا غيرى معك . فلمن تشتكى اذا ؟؟؟؟ نظرت لى و هى دامعة العينين و قالت : انت ،نعم انت ، منذ ان اشتريتنى و انتى تلمعيننى بشكل غير عادى ؛ يوميا تقريبا ! لقد نحلتى جلد نحاسى ؛ علاوة على انك لم تفكرى ابدا فى ان الاباجورة تحتاج لاشياء اكثر من التلميع ،الاباجورة ايضا ياعزيزتى تحتاج قليلا من الأمان ،لمسة من الحنان ، بعضا من الاحاديث ، فانا اعيش وحيدة و انت فى الخارج ،و وحيدة و انتى بجانبى ، طيلة النهار اقف على ساقى الواحدة ، قطعة من الجمال المزخرف تمتعين بها عينك ! و طوال الليل احترق من النور الذى اضيىء به احلامك ، و اهش به الخوف من كوابيسك ،ماذا بكم يا بنى الانسان ؟ كيف لا تشعرون بنا هكذا ؟! كيف ! و بكت كثيرا ؛ ذهلت و خجلت ؛ و شعرت و كانى راهب ارتكب جريمة عندما سقاه شخص شرير كأسا من الخمر فأفاق و وجد جريمته بين يديه، تحدثه ؛ و وجدت نفسى ابكى و ادافع عن نفسى : عذرا ؛ عذرا لم اكن ادرى يا اباجورتى ؛ سامحينى ؛ او اغفرى لى ؛ فأنا بالكاد اشعر بنفسى ؛ انظرى ؛ انا ايضا المع نفسى و استحم مرتين فى اليوم حتى تآكل بعض جلدى ، اغسل يدى عشرات المرات فى اليوم ،اقص اظافرى ؛ انمص حاجبى ؛ بعض الاحيان ازين شعرى ؛ بعض الاحيان لا افعل ؛ و لكنى ايضا انسى او اتناسى القسط الذى من المفترض ان اعطيه لنفسى من الحنان ؛ و الامان ؛ انسى ايضا ان اخصص جزءا من الوقت لاحاور نفسى ؛ اريحها من الصمت ؛ و الكتمان ؛ امنحها الفرصة لبعض البكاء ؛ للتخلص من الكذب الهيسترى للضحك المزيف ؛ اعيش مثلك وحيدة فى داخل البيت ؛ او خارجه ؛ اقف على ساقين يصرخان طيلة النهار من الوزن الزائد ؛ و الكارثة اننى منذ حمس عشر يوما لا افعل شيىء غير الاكل بشراهة ؛ دون وعى ؛ و بلا رحمة بقلبى الذى تتأرجح دقاته على حبال الدهون الزائدة ؛ و بدون تفكير فى اثر الثقل على الكسر فى ركبتى التى تبكى كثيرا و ترجونى لخوض الجراحة التى اخاف ان اتورط فيها وحيدة دون احد يسند يدى لكى ابدأ المشى من جديد بعدها ؛ عذرا اباجورتى عذرا ؛ وعيت لخطئى و سأعوضك ؛ تعالى الى حضنى حبيبتى ؛ ساجوب بك الشقة طولا و عرضا ؛ نهارا و ليلا ؛ تتوسدين ذراعى و كانك طفلتى ؛ الطفلة المسكينة التى انجبتها ام مسكينة اغتصبها الوقت بمنتهى الملل اثناء فرض حظر عالمى فى حضور الوحدة ؛ يالا الخجل ! طفلتى الحبيبة سأشبعك نورا ؛ و البسك فستانا سأصنعه لك بيدى ؛ لعلى اكفر عن ذنبى معك ؛ و لعلك تغفرين لى ؛ سأحكى لك حكايات الجدة قبل النوم ؛ و اسمعك صوت زقزقات العصافير من اليوتيوب كل صباح ؛ قبل ان اعد لى وجبة الفطور ؛ هل انتى راضية عنى الان يا اباجورتى الحبيبة ؛ هل تغفرين ؟مالت ناحيتى ؛ قبلتنى ؛ بكت و قالت : نعم ؛ لم اكن اعلم انك مسكينة اكثر منى .
#رسائل_امل_درويش