صباح يوم السبت ١٠ رمضان ١٣٩٣....٦ اكتوبر ١٩٧٣
....
استأذنت من العميد قائد الوحدة بالخروج بشاحنة وبعض الجنود لاحضار ادوية من مستودعات الادوية بالعباسية (وبالمرة اصحب الرائد رشاد ) المصاب بكسر في قدمه في مباراة كرة قدم بين فريق الضباط وفريق الجنود الي مستشفي الحلمية العسكري بالقاهرة
....
وعدت للوحدة في الواحدة ظهرا ...وقام الجنود برص الادوية في العيادة تحت اشراف عريف منصور (بلدياتي) والجندي سعيد (شرقاوي) والجندي ابسخرون (من شبرا)...والثلاثة تمريض العيادة معي
....
وجاءني منصور واخبرني بتجمع مجموعة من الضباط حول راديو صغير (ترانزستور)
ودفعني الفضول لاستطلاع الامر
...
الراديو كان يذيع خبر مفاده ...ان قوة كوماندوز للعدو استطاعت فك رادار عسكري مصري علي الجانب الغربي لخليج السويس
...
احسسنا لحظتها بغم وهم
(الي هذه الدرجة يصول ويجول العدو في ارض بلدنا )
...
وبعدها بدقائق ازدحمت السماء بطائرات حربية مصرية تتجه نحو الشرق
واحسست بامتعاض شديد وكان شعورنا(بعد ايه ....يادي الخيبة)
....
وبينما نحن في ذهول استدعانا الجندي (عدلي)
حضرات الضباط سيادة العميد عايزكم مع جميع الضباط في مكتب سيادته
...
كان العميد علي غير العادة متجهما وقلت في نفسي (طبعا من الخيبة اللي احنا فيها)
...
نظر الينا قائلا
حضرات الضباط
(اللي عايز يفطر هو حر) !
...
وقبل ان نستفسر عن السبب
اخرج رسالة من مظروف امامه
وقال وقد كست الدوع عينيه
قواتنا الجوية تضرب معسكرات اسرائيل في عمق سيناء ومدفعيتنا طويلة المدي تدك خط برليف علي امتداد قناة السويس من بورسعيد الي السويس
....
وانتصب واقفا
جهزوا انفسكم فالمهندسين العسكريين نصبوا الكباري فوق مياه القناة والكوماندوز عبروا القناة بقواربهم وركبوا خط برليف المنيع ونحن نحارب
....
لحظتها تكلمت دموعنا وزحفت الينا كرامتنا التي هربت منا في يونيو ١٩٦٧
....
وفي المساء تحركنا واقتربنا من القناة ومدافعنا تعزف احلي موسيقي سمعتها في حياتي
....
وصيحات الله اكبر ....مثل اجمل وارق تسابيح صلاة التراويح
وسجدنا لله شكرا
....
وبعد أيام عبرنا كباري فوق مياه القناة تعلو وتهبط مع الامواج
...
وقبلت تراب سيناء حتي دخل التراب فمي ...كأنه وجبة افطار من بقايا كرامة مصر