نكبر، فنظنّ أنّ النضج سيجعلنا أكثر حذرًا، فإذا به يجعلنا أكثر صدقًا مع أنفسنا.
نتدارك أشياءً أهملناها طويلًا، ربما لأنّنا خشينا مواجهتها في زمن مضى، فنعود إليها على استحياء لنكتشف أنّ ما فقدناه في طريق الهروب كان أعظم من كل ما حاولنا إصلاحه لاحقًا.
ونشارك تفاصيل لم نحبّ يومًا أن نشاركها، نفتح أبواب القلب على مواضع الألم التي خبّأناها خلف ستائر الكبرياء. ليس لأننا نحبّ الاعتراف، بل لأن الصمت صار أثقل من قدرتنا على الاحتمال.
ثم تمضي من حياتنا أشياء هي الأثمن؛ وجوه اعتدنا دفء حضورها، أحلام اعتقدنا أنّها ستكتمل بنا، أماكن ارتبطت بنا حتى ظنناها امتدادًا لأرواحنا. وحين تغادر، نشعر أنّ الفراغ سيبتلعنا، وأنّ الحياة ستتوقف هناك. لكنها لا تتوقف.
بل تأخذنا إلى منعطفات جديدة، إلى فصول لم نتخيّلها، حيث تنبت داخلنا براعم مختلفة؛ براعم صبر، وحكمة، وحنين نقيّ، يجعلنا نثمر من جديد رغم الفقدان.
ولعلّ هذا هو سرّ العمر: أنّه يعلّمنا أنّ ما نفقده لا يضيع كلّه… بل يعود إلينا في هيئة أخرى؛ ذكرى تحمل وجعًا جميلاً، أو درسًا يضيء لنا الطريق، أو حياةً نعيشها بعمق أكبر مما كنا نظن.
تمت





































