توجّه إلى مدونة (جدار بيانات المدونات) مرتبة هجائيًا — الرقم يعبر عن الترتيب حسب نقاط الأداء

آخر الموثقات

  • اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ
  • ق.ق.ج/ زيف
  • قصة قصيرة/ إهابُ المطر
  • لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك
  • الواجب علينا كثير
كاتب الأسبوع

✍️ كاتب الأسبوع

الكاتب المبدع فاطمة البسريني 📖 حيثيات اختيار كاتب الأسبوع
🔄 يُحدّث كل جمعة وفق تقييم الأداء العام للمدونات

📚 خدمة النشر الورقي من مركز التدوين والتوثيق
حوّل أعمالك الرقمية إلى كتاب ورقي يحمل اسمك ورقم إيداع رسمي ✨
اكتشف التفاصيل الكاملة
لم يتم اختيار مدونة
⭐ 0 / 5

ميسون صقر – مازالت تثير اهتمام الناشرين والنقاد والمثقفين لأنها أكثر الشاعرات العرب اللواتى تصدر لهن كل سنة طبعة جديدة من أعمالها، لاسيما "هكذا أسمى الأشياء 1982" و"الريهقان 1992" و"جريان في مادة الجسد 1992" و"البيت 1992" و"السرد على هيئته 1993 " و"مكان آخر 1994" و"الآخر في عتمته 1995" و ديوانها الذي كتبته باللهجة العامية المصرية "عامل نفسه ماشى 1996" إلى جانب معارضها التشكيلية الرائعة بإشكالها المتعددة – وأخيراً ديوانها "تشكيل الأذى" الذي بين يدى الآن الصادر عن سلسلة كتاب شرقيات للجميع 1997 م والذى نحن بصدد هذه الدراسة عنه. 

يبقى إذن هذه الشاعرة الإماراتية العربية محور اجتذاب القراء الذي يزداد يوماً بعد يوم والسبب طبعاً هو العالم الكونى المثير والعميق الذي كتبته في قصائدها. 

إن شاعرة بأهمية ميسون صقر لا يستطاع استيعابها في جيل واحد ولا في مكان محدود، فهى مشرعة على الأسئلة الانسانية الكبيرة و حاملة كنز القلق الأعمق. 

** الرؤية المعيارية في تقسيم الأساليب والتقنيات: 

لقد انشغل كثير من نقادنا على امتداد العصور بمطاردة شعرية النص من خلال مرجعيات تاريخية واجتماعية ونفسية وغالباً ما كانوا يقيسون جماليات النصوص الأدبية من خلال وفائها بشروط المحاكاة، أو استجاباتها لنظريات الانعكاس بوصف الأدب مرآه تعكس الأعراف والتقاليد أو تعكس المتغيرات الاجتماعية أو تعكس ذات المبدع نفسه، متجاهلين أن النص الشعرى هو قبل ذلك فن وواقعية جمالية، تستجيب لعناصر بنائها وتشكلها الفنى قبل أى شئ آخر – وهذا التشكيل يعود إلى بنيته الأسلوبية، ومستويات التحويل الجمالى لتجربته... وبخاصة تلك الطرق والتراكيب والصيغ غير العادية التي يلجأ إليها الشاعر في إنتاج دلالته الشعرية. 

و لا جدال في أن النقاد العرب القدامى قدموا رؤى واستبصارات نافذة في جماليات النصوص وأساليب التشكيل.. في إطار الجزئيات، ما يعجز الكثير من المتأخرين عن مجارتها لغة ومعجماً ونحواً وصرفاً وبلاغة.. ووقفوا طويلاً أمام تقنيات علم المعانى والبيان والبديع التي كان لها دور لافت في الصياغة الأدبية.. ولكنهم للأسف لم يستطيعوا التخلص من مأخذين اثنين كان لهما أثر سلبى في مسيرة النقد العربى: 

الأول: الرؤية المعيارية التي تقسم الأساليب والتقنيات ليس من خلال أهميتها في الواقع أو حسب ترددها في النصوص وإنما بحسب قيمتها المثبتة في الذهن أو العرف سلفاً. 

ثانياً: عدم النظر إلى النصوص وحدات كاملة... 

و إنما كانوا يعمدون إلى تفتيتها جزئيات استجابة لنزعة التقعيد.. 

قد تتداخل مباحث الأسلوب مع الشعريات، غير أن الذي لا شك فيه أن مباحث الأسلوب يمكن أن تمد النقد الأدبى بروافد مثمرة يمكن أن تضئ الكثير. 

أسوق هذه المقدمة وأنا أتابع خارطة الشاعرة المتميزة ميسون صقر في مساحة واسعة من النتاجات الشعرية المتباينة في اتجاهاتها ومستوياتها، ما يصعب معه استخلاص قواعد عامة وقوانين محددة تضبط أساليب الشعر الإماراتى بكل اتجاهاته... لذلك سأكتفى بإبراز بعض السمات الأسلوبية والصور الشعرية التي تهيمن على نصوص شاعرتنا ميسون صقر. 

.. الصور الشعرية 

الصورة الشعرية... أذن لدينا (صورة) و(شعر) فيلزمنا قبل حديثنا عنها أن نعرفهما معاً، حتى لا نحيل إلى مجهول، ولنبدأ بتعريف (الشعر) أولا: 

الشعر ((تعبير فنى موزون عن تجربة إنسانية)) 

هذا التعريف الذي وضعناه، ونعمل بمقتضاه – نقداً وإبداعاً، منذ وعينا النقد والإبداع، وعلينا أن نشرحه حتى نكون على وعى به، تعبير وليس (توصيلاً) فالتوصيل وهو وظيفة (معلومات) يراد (توصيلها) وهنا لا نحتاج إلى (تصوير).. 

أما التعبير فهو لغة الأدب والفن بمختلف أنواعهما، فالأديب والفنان يعيش ما فـ (يعبر) عنها ولكن، أليس الإنسان (معبراً) بطريقة ما؟؟ حتى بدون لغة، أليست (الدموع) تعبيراً عن الحزن – وقد تكون عن الفرح ! أليست (الابتسامة) معبرة عن شئ الأحاسيس والمشاعر؟ وتقطيبه الجبين ألا تعبر عن ضيق أو غضب؟ 

إذن فما ميزة الفنان أو الأديب إذ ((يعبران))؟ 

لذلك جاء قولنا (فنى) فالتعبير (الفنى) هو الذي يقوم على متطلبات الفن باستخدام لغة خاصة به تخضع لقواعد وقوانين معينة، وهى لغة (مجازية) نبع من العقل والعاطفة معاً، تعكس لغة (العلم)؟ التي تقوم على العقل وحده ولكن !!! 

أليس هذا (التعبير الفنى) قاسماً مشتركاً بين كل الفنون والأدب؟ أجل بل لابد للفنون والآداب أن تقوم على هذا التعبير الفنى الذي هو في الحقيقة (تصوير) لما يعمل في نفس الأديب أو الفنان، ولهذا قلنا (موزون) ليكون الوزن فيصلا يميز الشعر من النثر الفنى، فكل ما يحمله النثر الفنى من أفانين مجازية، يحمله الشعر، بل لقد يعلو النثر الفنى أحياناً على الشعر في استخدامه لهذه الافانين.. 

هذا ما وضعناه تعريفاً (للشعر) فما هى الصورة (الشعرية)؟؟ هى باختصار شديد، (تجسيد شعرى جزئى) فما الصورة الأدبية والفنية إلا (تجسيد) لاحساس أو شعور أو موقف أو حالة من الممكن أن نضبط كل هذا في قولنا ((تجسيد لما هو معنوى)) وقد تنحوا أحياناً نحوا ((تجريديا)) بالنسبة ((للمادى)) ولكن هذا قليل جداً، فليس من طبيعة اللغة (لغة الكتابة) التجريد، بل هى ما جاءت إلا (لتجسيد) ما يدور في الصدور، وقد يقول قائل.... 

ليس التجسيد مقصوراً على (الصورة) وحدها فالعلم الأدبى أو الفنى (تجسيد برمته) ولهذا قلنا تجسيد (جزئى) فالعمل الأدبى أو الفنى كل أجزائه (الصور) من تلاقى الصور يتم العمل كله. 

.. الصور الشعرية لدى الشاعرة: 

اتفقنا إذن على أن (الصورة الشعرية) هى (تجسيد شعرى جزئى) والآن فكيف نرى الصورة الشعرية عند ميسون صقر في ديوانها (تشكيل الأذى). 

و يداك معلقتان في ألم العناق 

هنا اليد (ألم) والألم (صوت) والعناق مما (يرى) لا مما (يسمع) فهنا (تراسل الحواس) حيث تضفى الشاعرة صفة شئ على شئ آخر لا يشاركه أصلاً في هذه الصفة توظيفاً جيداً، فرؤية الألم تثير فينا شجناً، ولكنها تضاعف حين يكون لها (عناق) ففى هذا (تجسيد) للأيادى في صورة كائن حى يئن ألما، مما تثير أوجاعنا حياله فإنها قد شغلت منا (حاستين) الألم واليد، فكان وقعه اشد إيلاماً مما لو رأيناه فقط أو سمعنا وحسب. 

المزج بين المادي والمعنوى 

لا تفلتها لذة الليل 

لكنها في ردائها الذي كلما خلعته 

اشتدت شهوتها فتنة 

تشبة القدمين السائرتين 

نحو هذه الظلمة فيها 

الشاعرة هنا تمزج بين ما هو مادي وما هو معنوى فلذة الليل والرداء الذي خلعته... هما هنا يرسفان في القيود وتقييد القدمين الثائرتين أمضى من تقيد الايدى والارجل فمادة القدمين من الرقة بحيث لا تحتمل خشونة القيد وقيد القدمين لن يكون إلا في الظلمة وقد يكون قيدها نوراً يعيش أو مناظر تؤذى ارقً يحرمها لذة النوم، أو عله، وهو يصب في النهاية في الظلام والقدمان ترسفان (الشهوة) من شبق وهذا هو المزج بين المادى (الشهوة) والمعنى (شبق) وقد حاولت أن أتمثل هذه الصورة فلم أوفق، (فالقدمان السائرتان) و(شهوة الفتنة) توحى بالاعتناق ففيهما النور والتالق والحركة، كذلك فالشبق منه من (الحيوانية) ما يتنافى وما في الظلام من سواد (و لكنها في ردائها الذي كلما خلعته) حصارا آخر يؤكد تقييد الجسد، وتقيديها يؤكده مما يوحى نحوه (انحنت، والشرفة تعلو) وخلع الراداء يفيد تغير وجها بهذا الوصف ولم تذكر (الشهوة) أو تجعلها من معطيات (الفتنة) فهذا يترك للمتلقى استشفاف الموقف دون تدخل من الشاعرة. 

(الرقصة التالية ستعلمان أكثر) التعبير هنا موقف فالشاعرة لم تقل (ستعلمنى) أكثر، وإنما قد جعلتها للجمع (ستعلمنا فقولنا أنا) (العشق) أقوى من قولنا أنا (أعشق) فالتعبير (بالمصدر) افعل من التعبير (بالفعل) فهى تعى أن (الموصوف) هو هو عين (الصفة) أو على الاصح هو هو (مصدرها). 

هكذا تضحكنى الأشباح 

هكذا ألهث وراء الظل 

تصوير مجسد للضحك في صورة لها من الفعالية مما يجعل (الظل) يلهث وإضافة (الشبح) للضحك أشد فعالية مما لو قالت (تضحكنى هكذا الأشباح) من رحلة الغيبيات إلى رحلة النور والألق والفؤاد.. ورحلة الفؤاد لا تكون إلا رحلة (حب)، (الظل) شئ (غامض) والرقصة ستعلمنى والرداء ولذة الليل.. فشاعرتنا تريد أن تقول أن هذه الفتاة المخترقة رغبة، المحاصر وجهها ما بين كتاب وسوار، يخرجها من أو من سيوجهها في عالمها (الشهوة) ضحك الأشباح ولهث وراءها ولكن كلمة (الهث) مثل (ظلام) يذهب بالادلة قد جاءت لا تساوق المسار النفسى لهذه الصورة، فالتى تحيا (الأشباح) هى في الحقيقة رحلة (شحوب) حتى (وراء الظل) وإنما هو جو مشحون باللهب والسعير ولا يقال عن نار الشهوة إنما (اللهث) إلا في موطن (السخرية) وفى الحقيقة لقد وقفت الشاعرة ميسون صقر من حيث (السيناريو) فقد جاءت الصور مجيئاً يسلم كل صورة إلى التي تليها، حينا وبعدها شعراً لابط إحدى الجثيتين. 

غصون لأشجار تكسرت 

و بعض نبيذ معتق 

تعبير جيد جداً فالشاعرة تقل الأشجار لغصون تكسرت وتركت لنا محن المتلقين تتمة الصورة، أو استشفاف ما تريده الشاعرة دون إيضاح، وهذا مما يجعل المتلقى أكثر بمعاينة للعمل، إذ أنه يشعر بأنه (مشارك) فيه ومناجل لأجساد تلاقت في ود.. 

صورة بعض ضوء 

تحت الخيمة السوداء 

غصون لأشجار تكسرت 

و بعض نبيذ معتق 

مناجل لأجساد تلاقت على ود 

والهواء الثقيل 

يصيح نجمة محيرة وتخيلها متعذر – فمناجل الأجساد هذا (تجريد) مقبول يصور الجسد في حالة (الألتقاء) وهذا يكفى (التلاقى في ود) أما كون المناجل في ود فمن الممكن أن يشرق ولكن في أعين الأخرين أو حتى في دمائهم، وقد نقبل بعد جهد، أن يتلاقى الجسد في ود، كإنعكاس لحيوية الجسد وتألقه على الدم ولكن لم هى (مناجل) بالتحديد؟ فلو قالت (بأس الأجساد تلاقت في ود) لما تساءلنا وامتداد الشارع ما بين الفؤاد والبصر صورة متماثلة فها هو الشارع يطول ويرحب فهو يقع ما بين لذة (الصبح - والنجمة) فأن حد من ناحية الصبح فلا يجد من ناحية (النجمة) والشاعرة لم تقل ما بين (صبح ونجمة) وإنما ما بين الصبح والنجمة المشع للضوء وكلاهما أفعل من (القلب والعين) فالقلب وعاء (النبض والعين وعاء البصر) فالشاعرة إذن خارجة عن الحضارة بين (وعائين) وهو يزداد (طولاً) كلما نظرت الشاعرة للقمر وهذه صورة فريدة، فالشاعرة حين تنظر إلى الملأ لا ترى ما (يحد) طريقه، فعيناها سابحتان في (لانهائية) وهنا نظرت إلى (نجمة الصباح) والنجمة بما تحمل من رصيد شاعرى لا حد له، أكثر رحابة من (السماء) ذاتها لا من حيث (الرفعة) ولكن بما تحمله من خيالات عبر القرون فيكون الانجذاب اليه مستغرقاً بحيث لا يرى السائر المنجذب لطريقه نهاية. 

و الهواء الثقيل 

يصبح نجمة حينا 

لماذا (الثقيل) فهذا يدعو للتساؤل لاسيما والشاعرة لم تشر من قبل إلا إلى (الخيمة السوداء) وتكسر الأشجار وإن كان مقصود بها مجرد (اللقاء) تقول تلاقت على ود - إلا أنها تسعى (الجثيتين) لا تتفق مع لقاء مناجل الأجساد بالقيدين فالشاعرة لا ترمى بالطبع إلى الرضا عن القيود وبحيث يكون هذا الرضا ملاصقاً للهواء الثقيل. 

يجتثنى عرق ينزف 

تعبير موفق على الرغم من مجافاته لمنطق القائل لــ (يجتثنى عرق ينزف) فالعروق (وعاء) والنزف (دماء) والمنطق يروى السائل عن وعائه ولكن في مجال الشعر يعذب أحياناً أن (نكسر) هذا المنطق كذلك (عصموا الاعضاء بالبتر وخلقوا من أعضاء أخرى) فالبتر يجعل من العضو (منفصلاً) ذا انفصال يجهز على باقى الأعضاء عضو إثر عضو .. من قصيدة (العصيان). 

حنانى الذي مر علىّ دون أن أراه 

الحنان الشريد (إنحناء) فاقدامنا المرهفة وخطانا (توسدت) هذا الحنان فهو يمر شارداً لا يستقر تعرف كيف تلوك المسافات ومرور الحياة حين استوعبها الذئاب، فالمسافات ومذاق نكهة الفم تصور جيداً لهذا (الحنان) بالحب فهو متعود على (مرور الحياة) للمسافات والإرتحال الطويل في عالم الحب وكذلك الحرقة التي تسيل على الكرسي من الجسد للأعين العنيدة فهى عاشقة مغامرة تواجه عناء الأعين .. من قصيدة (الوهم) ص 34 

لا تبوح لي 

و لا تكثر الكلام عنك 

و حين أصيح في هذا الفراغ 

أنت أعلم علم المعرفة 

بأنك لن تصافح يدى إلا بسكين 

(البوح) هنا هو (لحظة سحر تطوف بالمصافحة) فهذه اللحظة لا تحملنى أنا وإنما تحمل عنى الفراغ فهى (أعلم أعلم) بطريق المصافحة بحيث تحول إلى مجرد (محفه) أنا عليها.. فهى لم تكلفنى عناء السعى وإنما أبقت على قواى أن تبدد في سير وأبقت على ذات الصياح أن يتكبد عناء المصافحة، كذلك فقد أقالت اليد المحملة بسكين سنين العمر من تعثرها لأنك في (تجسيد) هذه الصورة للعمر وتصوير في هيئة القلب الذي يحمل سكينا لتقبل الحبيب حين يتعثر في بعد المسافات بين حبيبته. 

يداك تبدلان نزقى 

ما سهوت حين يمتلك القلب 

موتك الذي احمله 

ولادة في السر 

و هنا إيحاء باستجلاب الأمن والذكريات الفرحة من باب (لتكون لك مرفأ) وجميل جدا أن تأتى الحبيبة كالصخرة لتفتح شباك القلب وما يفتح صباحا إلا لدخول النور والنسائم (صرختى في الجبال) المشعرة بالألفة. أما صرختى في الجبال وأجلى ينسحب فإذا به (مولود) وإذا بالمرفأ ايدى أم رءوم هى ترشق كل الفنون بالدفء (لأكون عند ظهرك - عبرت) ما لها في توق الوحدة، الحزن، الهم، الحيرة، وأنا أسمى مثل هذا التعبير (الولود). من قصيدة (لأكون عند ظهرك) ص 55. 

يناولنى يومه لأجلى 

رأيت كيف سأنزل الجبل 

الصورة الأولى مصوغة باقتدار فأجلى تناولنى والأجل (نهاية) مما يجعل من الأجل نتيجة له، وقد كدت أقول (مناولة يوم الأجل) تحصيل حاصل ولكن لا بأس فمن الممكن النكران مع استمرار المعاناة. 

رأيت كيف سأنزل الجبل 

لا لزوم لها.. فالأجل هنا يشى بانعدام الحركة مما يترتب عليه (عدم القدرة على النزول) خصوصاً والشاعرة تكرر معنى (النكران). 

و إينما تقلبت أوتار غنى 

كأنما روحه معضلة – كأنما ما كنا 

و في تعبيرها (تقلبت أوتاره) امتلاء بالمعنى في تركيز مدهش، فكأنها تقول لقد حاولت السعى إليك شوقاً ولهفاً بالغناء والوتر فهذا الحلم لم يكن حلم (روحه) وإنما حلم يقظة يعنى إنشغالى بك مما دفعنى أن أسعى إليك بروح معضلة ولكن كأنما ما كنا والأوتار بالغناء أنكرتنى وخانتنى فلم أقو على المجئ إليك فهل أدركتنى روحك؟ والروح هنا تعنى (القلب) كلها فهذا تعبير (بالجزء عن الكل) واختارت العين لأنها أهم وسائط الاتصال وقد ختمت القصيدة ختاماً مدهشاً. 

لم تكن أمى حين سقطت متلفة 

لم تعد ثوبى الذي ألبسنى العافية 

و لا محملا بالآثام نحوى 

صبرك على الحياة سينفد 

و سأعتاده الحب دونك 

فها هو الحب (الآثام) تضمه لصدرها وترسله ليعتاد الحب من دونه يثير صبرها على الحياة ثم ينفد 

أحلم كأننى أرى 

يجب ألا يتكرر صوتى 

أنت شئ أو تحفة 

الحلم هو بداية (كل شئ) فالصوت تعبير عن (المادي) والتكرار (عن المعنى) وهذا تصوير مكثف.. فالحلم يعنى (السعى والمضى) وما من عمل إلا والسعى والمضى روحه وكيانه فالعمل (فعل) والعقل (حركة) لذلك جاءت (الأحلام) لكن (الكون) محور الحياة. 

تحركنى بأحشاء الكون معبرة إلى (صبرك على الحياة) إلى حيث التغلغل في الأحشاء يعيدنا هنا ليس معبر (أنت شئ) داسها إلى التحفة مما منها.. إذن (يتكرر صوتى) وأكثر منهما يتغلغل من الغيرة حتى النخاع وهما ملازمتاه أبداً ولانقطعت به الآثام عن الوصول إلى أى مكان، وكما حملناه فهو يحمل عن صاحبتهما كل شئ مركزه في كلمة (ألبسنى) فكل شئ (بمعيار) ويغامر من أجلى (و سأعتاده الحب دونك) مكابدة الظلمة والمخاوف والمجهول: 

كان قد نام في حضنها 

حين وصلنا 

تمطت وخرج سريعا 

هذا التمطي يضم كل ما هو معنى.. قد نام في حضنها وتصح كذلك (خرج مسرعاً) فهى معانقة بالغة فها هو يتمطى ويعانق في (ارتياب) صورة طريفة فعالة الحرير الذي في كلامه.. 

الحصان المتهور 

يترك لي ركضا 

و صوتى يثرى النزيف 

يمتد للكهوف - يتكسر 

صورته تشكيل الأذى 

يا له من امتداد متكسر 

فى كل مكان فيه أسطح نابضة ثم نبضات فإثراء النزف والصورة المشكلة للأذى – هنا معبرة عن سطح كل (ركض) العرق، الدم، الأنفاس. 

و بعد هذه الصورة الفريدة لشاعرتنا المتميزة ميسون صقر لا أجد ميلاً إلى الاستمرار لأن الديوان زاخر بالعديد من الصور الموحية وإنما أنا مقدم نماذج فحسب ولم أتناول من الديوان إلا النذر فلو ذهبت إلى (الإحصاء) لأستوجب هذا منى كتاباً ضخماً وحسبنا أن ندفة الذهب تحمل حصيلة السنبلة كله.. وبعد فهذه محاولة للدخول إلى العالم الشعرى عند الشاعرة الإماراتية المتألقة ((ميسون صقر)) حاولت خلالها الاقتراب من الرؤيا الشعرية عندها وسعيت إلى ايجاد العلاقة الخفية بين موضوع شعرها بصوره الجميلة وأدوات بنائها المتفردة. 

إن الشاعرة (ميسون صقر) هى علامة ملحوظة في خريطة الشعر العربى المعاصر بما لديها من حساسية شاعرية وما تمتلكه من صدق فنى ومشاعر متوقدة تؤكد مقولة نوفاليس الشاعر والكاتب الألمانى (ت 18.1) في شذراته من أن الشعر (هو مسلك النفس الجميلة الموقعة، صوت مصاحب لذاتنا المكونة، مسيرة في بلد الجمال، أثر ناعم يشهد في كل مكان على أصابع الإنسانية قاعدة حرة، إنتصار على الطبيعة الفجة في كل كلمة، فطنة تعبير عن فعالية حرة مستقلة، علو وإرتفاع، بناء للنزعة الإنسانية، تنوير، إيقاع، فن). 

* حسن غريب أحمد، كاتب وناقد مصري 

*** 

المراجع والهوامش 

1- كتاب (فن الشعر) ترجمة إنجليزية – انجرام باى ووتر - قام بالترجمة العربية وتقديمها والتعليق عليها د. ابراهيم حمادة ص 56 - طبعة 1989 - مكتبة الانجلو. 

2- موسوعة الفكر الأدبى - الجزء الأول - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1988 ص 4 

3- دليل الناقد الأدبى - د. نبيل راغب - دار غريب للطباعة والنشر - ص 197 

4- نسيم مجلى - دراسة بعنوان (أمل دنقل) كتاب المواهب - الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1988 

5 – أنور الخطيب: أدب المرأة في الإمارات، الجزء الثالث، أبحاث الملتقى الثانى، الشارقة، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات 1989 م، ص 3. إلى ص 31 

6 – الرشيد أبو شعير: مدخل القصة الإماراتية - اتحاد كتاب وأدباء الامارات - الشارقة في 1998 م ص 42 إلى ص 43.

أحدث الموثقات تأليفا

اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30113

عدد المشاهدات: 10

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الواجب علينا كثير

مدونة اشرف الكرم

الكاتب: م. اشرف عبد الصبور الكرم

رقم التوثيق: 30109

عدد المشاهدات: 8

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الذي يضعُ الوسادةَ للعابر

مدونة سحر حسب الله

الكاتب: سحر حسب الله عبد الجبوري

رقم التوثيق: 30106

عدد المشاهدات: 7

تاريخ التأليف: 2-12-2025


همس الضوء

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30105

عدد المشاهدات: 18

تاريخ التأليف: 2-12-2025


تاميكوم… منصة تتنفس الإبداع والشفافية

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30104

عدد المشاهدات: 18

تاريخ التأليف: 1-12-2025


ريفيو لرواية فانتازيا للكاتبة رحاب منصور

مدونة هند حمدي

الكاتب: هند حمدي عبد الكريم السيد

رقم التوثيق: 30103

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 1-12-2025


لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك

مدونة يوستينا الفي

الكاتب: يوستينا الفي قلادة برسوم

رقم التوثيق: 30110

عدد المشاهدات: 4

تاريخ التأليف: 1-12-2025


يعشقن الورود

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30107

عدد المشاهدات: 10

تاريخ التأليف: 1-12-2025


كتب التراث بين التلخيص والاختصار 

مدونة خليل السيد

الكاتب: د.خليل السيد خليل محمد

رقم التوثيق: 30094

عدد المشاهدات: 10

تاريخ التأليف: 1-12-2025


سرب الصمود: قافلة تشق عباب الطوق

مدونة محمد خوجة

الكاتب: محمد بن الحسين بن ادريس خوجه

رقم التوثيق: 30093

عدد المشاهدات: 20

تاريخ التأليف: 1-12-2025

أكثر الموثقات قراءة
إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة غازي جابر
2↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
3↑1الكاتبمدونة حسين درمشاكي
4↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
5↓الكاتبمدونة ايمن موسي
6↑2الكاتبمدونة محمد شحاتة
7↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
8↑1الكاتبمدونة هند حمدي
9↓-3الكاتبمدونة آمال صالح
10↓الكاتبمدونة خالد العامري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑37الكاتبمدونة اسماء خوجة173
2↑36الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 149
3↑35الكاتبمدونة اسراء كمال233
4↑20الكاتبمدونة حسين العلي93
5↑19الكاتبمدونة محمد خوجة67
6↑19الكاتبمدونة سلوى محمود167
7↑18الكاتبمدونة جلال الخطيب131
8↑12الكاتبمدونة منى كمال206
9↑8الكاتبمدونة محمد كافي88
10↑6الكاتبمدونة سحر أبو العلا39
11↑6الكاتبمدونة نجلاء لطفي 52
12↑6الكاتبمدونة جاد كريم197
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1124
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب710
4الكاتبمدونة ياسر سلمي681
5الكاتبمدونة اشرف الكرم621
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري515
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني439
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين434
10الكاتبمدونة شادي الربابعة415

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب367644
2الكاتبمدونة نهلة حمودة225641
3الكاتبمدونة ياسر سلمي203948
4الكاتبمدونة زينب حمدي179741
5الكاتبمدونة اشرف الكرم148281
6الكاتبمدونة مني امين121188
7الكاتبمدونة سمير حماد 119886
8الكاتبمدونة حنان صلاح الدين111246
9الكاتبمدونة فيروز القطلبي110235
10الكاتبمدونة آيه الغمري106379

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة اسماء خوجة2025-11-08
2الكاتبمدونة مريم الدالي2025-11-05
3الكاتبمدونة محمد خوجة2025-11-04
4الكاتبمدونة جيهان عوض 2025-11-04
5الكاتبمدونة محمد مصطفى2025-11-04
6الكاتبمدونة حسين العلي2025-11-03
7الكاتبمدونة داليا نور2025-11-03
8الكاتبمدونة اسراء كمال2025-11-03
9الكاتبمدونة علاء سرحان2025-11-02
10الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 2025-11-02

المتواجدون حالياً

896 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع