تخرجنا على المعاش والحمدلله لم نجد حفلةَ تكريم لنا ولا طابور عرض تشريفي من الطلاب ولا كلمة شكر من أحد.
رغم أننا لم نقصر في عمل أُسند لنا ، ولم نتوانى ولو لحظة في مساعدة غيرنا ، بل كنا نعمل ونجتهد لآخر لحظة وقبل تسريحي بيوم كنت أشارك بنشاط الصحافة لجهة عملي .
ما يحزنك ويصيبك بالاحباط والخيبة أن ترى الطبالين والتافهين وأصحاب الوجوه المصبوغة هم من يعتلون على أكتاف غيرهم وبشكل مبالغ فيه بل ويبالغون في حفل تكريمهم بالهدايا والكلمات الجميلة والطابور الشرفي ، ومن يرضى عنهم رئيسه بالعمل ، حتى عندما كانوا يجمعون من كل زميل مبلغ لعمل حفلة ،كنت دوما أول من يدفع ويشارك من جيبي الخاص ، وفي نهاية خدمة الزميل يقدم له هدية أوكلمة أثناء تكريمه .
ولما جاء دوري بكل أسف وأسى ، لم أجد قط أحدًا يلتفت لي ، وأنا أوقع على أوراق الإخلاء .
تذكرت مع نفسي لماذا لم يحدث معي مثلما ما حدث مع البعض من غيري ، فأيقنت أن السبب الرئيسي لما حصل لي أنه كنت لا مجال للتراخي في الإشراف ولا في الاحتياط ولا في الأنشطة المسندة لي مع الزملاء ، ولا داخل الفصل ، أو المتابعات داخل الفصول وبين أنشطة التلاميذ، ولا حتى في أثناء طابور الصباح أو الإنصراف من العمل لآخر لحظة في اليوم .
فحمدت ربي أنني لم أكن في يوم من الأيام منافقاً ولا مجاملاً ولا واشياً ولا مرتشياً ولا مقصراً ولا ممالئاً ولا صاحب وجهين.
لدرجة أنه حتى عند الاختيار كان هناك تفرقة وظلم كبيرين في أختيار القيادات الإشرافية أثناء التوزيع بالادارة .
رغم أنه صدر لي قراراً بتولي قيادة إشرافية على إدارة مدرسة ،ولكن لم أتمكن من تولي مدرسة منفرداً بها وبقيادتها بي لوحدي ،بل يتم وضعي مشرفاً أو مديراً في مدرسة تعليم أساسي ليكون هناك من يشرف ويرأسني ويتابعني إدارياً ومالياً وفنياً من المرحلة الإعدادية ، بالرغم من ارسال عدة زملاء لم ينالوا استحساناً لقيادة مدرسة من قبل لجنة المقابلة بالمديرية ولم ينجحوا وقد أخفقوا في مقابلتهم، لتجدهم بعد ذلك تم تكليفهم لإدارة أكبر مدارس العريش عدداً ومكاناً ورقياً ، ومن أخذ قراراً يتم _المغضوب عليه وغير راضٍ عنه _ وضعه في مكانٍ سئ خارج المدينة وبعيد جداً بمدارس التعليم الأساسي .
ورغم الشكاوى والاستغاثات التي قد وصلت في بعض الاحيان لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ، ناهيك عن المحافظ والنيابة الإدارية ، بسبب كل هذا الظلم والغبن والافتراء .
ودوماً كنت أسمع عبارة " عاوز ترتاح وتيجي جنب بيتك أسحب قرار المديرية كمدير وارجع معلم مرة تانية بعد 14 سنة مدير " فلم أستجب لرغبتهم .
لماذا وكيف يحصل هذا ؟
لا أملك أن أقول وقلتها من قبل وأنا على رأس العمل ، أن الظلم والتفرقة والمجاملات والتجاوزات كلها أسباب تؤدي لأنهيار التعليم ورجوعه لأسوأ حالاته لعدم وضع من هو غير مناسب في المكان المناسب ، وأيضاً يلتفت لمن يتولى مدرسة ويكون فيها القائد الأوحد أن يكون لديه سيارة وظروفه المادية مُعتبرة أو بالبلدي "يكون واحدفهلوي وينافق ليجد الف مرافق وساعة المصالح بيصالح ويقفوا جنبك ،لكي يُنفق ويقدم وقت الطلب منه ما يشاء من فروض وولاء الطاعة .
فما كان مني في أواخر أعوامي بالعمل وبسبب الضغط عليَّ وسفري يومياً ومصاريف الذهاب والعودة ، من مكان اقامتي لمكان عملي مالا يقل عن 30كيلو ثم نقلي كمديرمدرسة من مدرسة بعيدة إلى أبعد للتعليم الأساسي ، ناهيك عن حالتي الصحية وظروفي الصعبة إلا أن أتقدم بطلب مجبراً ومضطراً لوكيل الوزارة لسحب قرار المديرية كمدير مدرسة وعودتي كمعلم خبير ودخولي الفصل بين تلاميذي وتلاميذتي مرة أخرى داخل المدينة بالعريش وبالقرب من سكني .
ولا أملك سوى أن أرددها كما كنت ومازالت أرددها : حسبي الله ونعم الوكيل ،وفوضت أمري إلى الله في كل من أخذ حق من حقوقي وظلمني في العمل وجارَّ وأفترى عليَّ وهضم حقوقي ، لن أسامحه أبداً ، وبإذن الله حقي سأناله دون نقصان لأنني رفعت قضيتي لرب السموات ، ويوم تجتمع الخصوم .
أكررها دوماً وأبداً حسبي الله ونعم الوكيل فهو المنتقم الجبار .