شدَّ كمَّ قميصه النازف بخيط على صدره. شاهد زرقة الجدار المصمت وهي تخنق الأفق.
همس في روحه المشتعلة: "أالوطن كلفة سجن؟"
في ركن الزنزانة، أبدعت يداه على لوح مهجور حقلاً بوراً، يزرعه برصاصة قلم مشحوذة. من مسام الرسم، تسرَّب دفء أريج خبز الأم المهاجر؛ فقرة البوح الوحيدة.
هزَّ غلاف الدفتر ارتعاشاً، حين انفجر صوت الحاجب كنشيج الرياح الصرّاء: "أأطلقت مغاليق شهادتك على أعواد التمرد يا مصطفى؟"
أومأ بصمت. إنفاق الحبر كان عهداً للروح: خيانة الظل ولاءً لنور الفطرة.
قبض على معدن الضيم، وارتمى ليلته ينحت ملحمة لعاشق متعطش لفك القيد.
حين داس سخام وجبة السجَّان الهامد، سمع القفل يُدَوِّي.
لم يكسر الجوع عظمه. تحوَّل القيد فجأة إلى زر قميص في يد الحاجب.





































