ليلٌ سميكٌ لزجٌ كالحبرِ، غطَّى عُبابَ البحرِ الغاضبِ.
كانوا أربعةً على قاربٍ خشبيٍّ واحدٍ، يتجهونَ صوبَ نقطةِ ضوءٍ مفردةٍ تبدو في الأفقِ. نادى مصطفى، وجهُهُ سُمرَةُ رمالِ الجنوبِ العميقةِ: "الخلاصُ في الكنزِ الذي تحتَ الموجِ، أرسُوا الثِّقلَ نحو عُمقِ الصَّخرِ." هزَّ عليٌ، الذي مَلَكَ دفَّةَ القيادةِ في الوسطِ والغربِ، رأسَهُ: "الحقيقةُ في اتخاذِ القرارِ المُحكَمِ، في محرابِ السيطرةِ الوحيدِ." صرخَ عمرُ، وعيناهُ شعلةُ الشرقِ: "علينا أنْ نخترقَ العاصفةَ سريعاً، النجاةُ في السرعةِ نحو ذلكَ النورِ المشرقِ."
أما خالدٌ، فوجهُهُ كان مُعلَّقاً بالضبابِ البعيدِ: "هذا الخِلافُ يسيرٌ، الفرجُ ليسَ فينا؛ إنَّهُ في اليَخْتِ القادمِ من خلفِ الأُفقِ، يجبُ أنْ نُناديَهُم لِيَقودونا."
كلُّ واحدٍ منهم انتزعَ نبوءتَهُ كرمحٍ ليُثبتَ زاويةَ النجاةِ لسيرِ القاربِ. أرسلَ مصطفى ثِقلَهُ ليجذِبَ القاربَ إلى القاعِ، شدَّ عليٌّ الدَّفةَ إلى ضِدِّ الاتجاهِ لإثباتِ الوصايةِ، ومزَّقَ عمرُ الشِّراعَ ليُسرِعَ الفناءَ نحو الضوءِ.
لم يلتفتْ خالدٌ إلى القاربِ، هو فقط طَعَنَ جِدارَهُ الهَزيلَ مُشيراً بالثقبِ إلى اليَخْتِ البعيدِ.
الماءُ الباردُ ابتلعَ ضجيجَهم دفعةً واحدةً.
حينَ غاصوا في الظلامِ، رأوا النورَ الذي تنافسوا على بلوغِهِ.
لم يكنْ مَنارةً على الشاطئِ، لقد كانَ انعكاسَ زَيتِ سِراجِهم المَكسورِ على سَطْحِ الماء.





































