عزيزي يا صاحب الظل البخيل
كان حري بي أن أناديك كما البقية بصاحب الظل الطويل ..ولكن ..
ما دفعني لتغيير المسمى عدة أمور وسأتطرق لها تباعاً في فحوى رسالتي ..
عزيزي :
بعد مرات كثيرة من التردد ومرات أكثر من صرف النظر عن مراسلتك
ها أنا أكتب إليك
جاء قراري هذا بعد أن تعالى الضجيج برأسي واستمراره لليال تعدت الشهور وبات صخبه يقض مضجعي ويزيد أرقي دون جدوى قدرتي على إيقافه
..دعني أسألك:
كم مقدار الخيبات التي تدخل رصيد حياتنا حتى نعلم أننا استوفينا نصيبنا منها ؟!
كم الكمية المطلوبة من حواسنا أن تستنزفها لنقول أنها قد أدت ما عليها ؟!!
وكم عدد العثرات والخسائر التي نحظى بها لنتوقف عن عدها ونستبشر بشيء قليل بأن الميزان سيبقى بتأرجح دون رجوحه لكفة الشقاء !!؟
هل هناك مقدار محدد لحجم الآلام والأوجاع ، وكم نسبة نزف الجروح لنكون قد وصلنا للحد المطلوب منها؟!
أحتاج إجابات لتساؤلاتي هذه كي أضبط التركيبة بشكل دقيق للعقار الذي علي صنعه ..وأركنه بجانب سريري ،حتى إذا حان موعد نومي أتناول جرعتي المخصصة بشكل دوري لعلها ترخي جفني وتهدأ حدة الضجيج في رأسي وأستسلم لنوم إن لم يكن قريراً فأقله بشيء يسير من الهدوء.
رغم شكي بحدوث هذا !! ..
أتعلم لماذا ؟
لأن الأرض _بمجملها _ التي وصفها درويش بأن فيها ما يستحق الحياة ، لم أجد عليها ولا حتى شبر واحد يضمني ..استشعر فيه بقدر بسيط من الأمان ..كتف واحد ألقي عليه أثقال روحي المنهكة !
الأرض ، والبشر ، والفرص كلها بخيلة ..تمنيت ولو لمرة واحدة أن أنال حلماً واحداً .. أنا الحالمة بالكثير والكثير منذ طفولتي ..لم أنل من أحلامي شيئاً.
دراستي كانت غير ما رغبت
عملي كان غير ما طمحت
وفي الحب ..ههه ...آااااااه ..
سميت نفسي (قليلة حظ في الهوى ) وما كان من فراغ .
حلم الأمومة الذي تتشدق به كل أنثى منذ نعومة أظفارها ...تلاشى ... لعجوز مثلي قفلت باب الزواج وألقت مفتاحه في محيط يسمى ( الحب ) وكان الكذبة الكبرى !
وغيرها ..وغيرها ..
كل الرياح كانت عكس اشرعتي ...وثم ماذا ؟
لا شيء! ..
مر العمر بمعافرة ... حتى أيقنت أخيراً أن الأحلام تبقى أحلام ..
وما عاد من داعي لتأملات لن تأتي ..لا سيما وأن ما عاد في العمر بقية أكثر مما مضى .
امم .. ثرثرت كثيراً ؟
لا ..ليس بكثير فما هذا إلا غيض من فيض !
فإن قرأت رسالتي ، أشكرك لسعة صدرك والوقت الذي أهدرته بقراءة تفاهاتي ..
وإن لم تقرأها ..لا ضير !! ..تكن أعطيت وقتك لرسالة مهمة من شخص أهم.. وتكن تسميتي جاءت بمحلها الصحيح يا صاحب الظل البخيل .
التوقيع
الثرثارة ،إحدى ضحايا بئرك العميق





































