بعض الناس قاصري النظر يرى في حديثنا عن الحضارة المصرية أو الحضارة العربية أو الحضارة الإسلامية دعوة منا إلى التكاسل وإلهاء الشعوب عن مواكبة التقدم الحضاري والثورة التكنولوجية التي يحياها العصر.
والحقُّ أنه كلام فارغ، يتشدق به كل جهول لا يعرف شيئًا عن عوامل بناء الأمم الحضارات.
فإنَّ حديثنا عن عصور حضارتنا الماضية ليست إلهاءً للأجيال أن تعمل، ولكن هي بمثابة الوقود الذي يُمد السيارة بالطاقة فيجعلها تنطلق من فورها وتسير.
وهو قوة الدفع الذي يعطينا قوة التحمل والمصابرة في مواجهة التحديات ومتابعة الحياة على أزماتها ومستجداتها...
إنَّ في دراسة التاريخ خير عبرة وأصدق درس، دروس نشأت عن تجارب حياة، تجارب حقيقية ليست من واقع الخيال والتأليف كما هو الحال عند صانعي الأفلام وكاتبي الرواية.
كما أنَّ دراسة حضارتنا في عصورها الزاهية تعطينا الأمل الصادق والباقي في إننا قادرين على استعادة هذا الدور من جديد.
دراسة تاريخنا المصري والعربي والإسلامي ينبهنا إلى إشارة مهمة جدًا، ما أحوج أن يضعها شبابنا أمام عينيه كلما روادته الهموم وزاحمته الأزمات.
هذه الإشارة هي أنَّ بناء الحضارة ليس أمرًا جديدًا علينا؛ لأننا قد صنعناه وجربناه من قبل ونجحنا..
إذن ما علينا الآن إلا أن نسير على نفس النهج الذي سار عليه الأوائل؛ لكي نصل إلى نفس النتيجة التي وصلوا إليها.
إنَّ التاريخ هو وعاءٌ للتجارب الإنسانية نستفيدُ من إنجازاته ونجتنب إنتكاساته.
وإن الواقع ليشهد في أنَّه ما أقدمَ أحدٌ على فعل شيء - أي ما كان - دون علم كامل بفلسفة هذا الشيء وتاريخه وتجارب سابقيه حوله؛ إلا وأدركته المخاطر وخانته الحسابات وأحاطت به الخسائر الفادحة في ضياع الوقت والجهد والمال.
إنَّ صناعة المستقبل لا تتم إلا بدراسة الماضي وإدراك الحاضر.





































