توجّه إلى مدونة (جدار بيانات المدونات) مرتبة هجائيًا — الرقم يعبر عن الترتيب حسب نقاط الأداء

آخر الموثقات

  • اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ
  • ق.ق.ج/ زيف
  • قصة قصيرة/ إهابُ المطر
  • لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك
  • الواجب علينا كثير
كاتب الأسبوع

✍️ كاتب الأسبوع

الكاتب المبدع فاطمة البسريني 📖 حيثيات اختيار كاتب الأسبوع
🔄 يُحدّث كل جمعة وفق تقييم الأداء العام للمدونات

📚 خدمة النشر الورقي من مركز التدوين والتوثيق
حوّل أعمالك الرقمية إلى كتاب ورقي يحمل اسمك ورقم إيداع رسمي ✨
اكتشف التفاصيل الكاملة
لم يتم اختيار مدونة
⭐ 0 / 5

العسكري

تناهت إلى أسماعنا جلبةٌ في الخارج، وأصواتٌ عالية، مع بزوغ أول ضوء للفجر. كان الفجر وقتها ينساب بخيوطه الأولى، يلوّن السماء بخطوطٍ شاحبة بين الرمادي والبرتقالي، فيما الديكة تصيح من بعيد، كأنها تُنذر الناس بأن شيئًا جللًا قد وقع. كنا داخل سقيفة البيت، نتحلق حول جمرات النار المضرمة في جذع نخلة عجوز، وقد كنا نستدفئ بحرارتها بعدما لفحنا برد الليل القارس. كان الدخان يتصاعد منها خفيفًا، يلسع العيون ويمتزج برائحة الخشب المحترق، ورائحة البلح الجاف الذي ألقته جدتي عمدًا في النار لتضفي على المكان مسحةً من الدفء والحنين.

هرعنا نحو مصدر الأصوات، متسابقين بخطواتٍ متعثّرة فوق الأرض المبتلة بالندى. كنتُ متشبثًا بذيل جلباب جدتي، أرتجف بين خوفٍ وفضول، فيما تبعتنا زوجة عمي وهي تكاد تتعثر من سرعة اندفاعها. في لحظاتٍ سبقتنا إلى الحلقة المتجمهرة من الناس، رجالٌ ونساء، كبار وصغار، كلهم التفوا على عجلٍ، تتصاعد أصواتهم بالدهشة والوجل، والكل يتهامس وكأنهم يشهدون أمرًا لم يرَوه من قبل.

هناك، وجدنا جسدًا مُسجّى على الأرض، مضرجًا في دمائه، والدماء تسيل لتختلط بالتراب المبتل وتترك بقعًا داكنة كأنها شواهد على مأساةٍ مفجعة. كان الجسد مغطى بفروع صغيرة من شجرة الصفصاف والسيسبان، وضعتها الأيدي المرتجفة في محاولةٍ لإخفاء فظاعة المشهد. ومع ذلك، كانت بعض ملابسه الميري ظاهرة، أزرار لامعة وبقايا قماش ممزق، تشير بوضوح إلى كونه عسكريًا في الجيش. أما وجهه، فقد غُطي بجريدة قديمة، بالكاد تخفي ما وراءها من مأساة.

ارتفع صوت زوجة عمي فجأةً، وهي تصرخ بصوتٍ يخترق الجموع:

– أخويا حسن....إنه هو بلباس الجهادية

أرادت أن تكشف وجهه، غير أن الواقفين أمامها منعوها، رفعوا أذرعهم ليحولوا دونها، لكن إصرارها كان أشد من محاولاتهم. كانت تبكي وتنتحب، تضرب كفًّا بكف، وتصرّ على أن ترى وجهه مهما كلّف الأمر. وتحت إصرارها وصراخها، كشفوا عنه أخيرًا.

كنتُ أنا وجدتي قد وصلنا في تلك اللحظة إلى مسرح الحدث. رأيت وجهه، فرأيت فجيعةً ما كنت أتخيل أن عيني قادرتان على احتمالها. كان ممزقًا، تغطيه دماءٌ غزيرة، وقد ضاعت ملامحه تمامًا. لقد كان وجهه مسوًى بالأرض من تحته، مسحوقًا تحت عجلات الحديد. كان المنظر مخيفًا... فظيعًا؛ لا شيء يمكن أن يضاهي هول تلك اللحظة. لقد دهسه القطار، ولم يترك فيه سوى أطيافٍ من ملامح بشرية تلاشت في وحشية الموت.

ورغم اختفاء الملامح، قالت زوجة عمي، بعد أن تفحصت أصابع يديه بعينٍ دامعة وذاكرة يقظة:

– الحمد لله، ليس حسن.

كان أخوها حسن مقطوع الخنصر الأيمن منذ طفولته، أما هذا العسكري، فكانت أصابعه مكتملة سليمة. كان ذلك التفصيل الصغير كفيلًا بأن يبدّد شكها، ويعيد إليها أنفاسها، رغم أن الفجيعة لم تكن أقل وقعًا على من حولها.

بدأ الناس يتساءلون بوجوهٍ مصفرة، وشفاهٍ ترتجف:

– هل سقط من القطار؟

– أم أنه كان يعبر السكة الحديد؟

لكن الاحتمال الأخير بدا مستحيلًا، فالكل يعرف أن هذه المنطقة لا تحوي منازل سوى بيتنا، ويفصل بيننا وبين الخط الحديدي سدٌّ من جذوع النخل، أقمناه منذ زمن فوق مياه ترعةٍ عميقة، ليكون معبرًا ضيقًا لا يمر عليه سوانا وأهلنا. إذاً، ما من شك أنه غريب... وقد سقط من القطار.

كل شيء من حولي بدأ بالتسارع. الأصوات تعلو وتزداد، الرجال يهرعون إلى مكان الحادث، النساء يندبن، الأطفال يتدافعون ليظفروا بنظرةٍ عابرة، وأنا... أصبتُ بالذهول. لم أعد أسمع الأصوات بوضوح، صارت كأنها تأتي من بئرٍ عميق. لا أدري كم من الزمن مضى، حسبته دهرًا. وقفت في مكاني كأنني جُمدت، عاجزًا عن الحركة أو النطق. كنت متجمّدًا، كلوح ثلجٍ في ليلة شتويةٍ قارسة. جفّ حلقي، وابتلعت لساني، وأصابني الخَرَس. لم أعد قادرًا على الكلام أو حتى على تحريك قدميّ خطوة واحدة.

كان المشهد أمامي أكبر من طاقة طفولتي. تخيلت أنني أشاهد لقطةً من فيلمٍ أجنبي، فيلم دموي يقتحم الشاشة بلا رحمة. وعندما رأيت أحد الرجال ينحني ليمسك جزءًا من ساق العسكري – وكانت قد بُترت وابتعدت عنه مسافة – أدركت أن ما أراه ليس خيالًا ولا سينما. عرفت أنه حقيقي... حقيقي حد الفزع. مشهدٌ لا يمكن لعقلٍ صغير أن يستوعبه بسهولة. لقد كانت تلك أول مرة في حياتي أشاهد فيها حادث قطار عن قرب، وكنت أظنه من قبل شيئًا لا يقع إلا في الأخبار أو في الحكايات.

سامح الله زوجة عمي التي أصرت على كشف وجهه... لولاها لربما بقي المشهد غامضًا، وربما بقيت صورته إنسانًا مجهول الملامح. لكن إصرارها جعل الدم واللحم الممزق ينطبعان في ذاكرتي إلى الأبد.

لا أدري من الذي أسرع إلى إبلاغ الشرطة والإسعاف، ولا كيف وصلت الأخبار بهذه السرعة، لكني رأيت رجال الشرطة والمسعفين يقتربون بخطواتٍ حذرة، يطلبون من الناس الابتعاد عن مكان الحادث، حتى يتمكنوا من أداء عملهم دون إعاقة.

وبينما كان الضابط يراقب المشهد بوجهٍ متجهم، انحنى أحد المسعفين إليه، وقال بصوتٍ خفيض يكاد يهمس:

– القتيل مضروب بسكين حاد في صدره... ضربات متعددة.

عندها فقط، بدا أن ما حدث لم يكن حادث قطار عابرًا... بل جريمةً أعمق مما ظننا.

 

أحدث الموثقات تأليفا

اِنْتَابَتْنِي قشَعْرِيرَةٌ

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30113

عدد المشاهدات: 10

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الواجب علينا كثير

مدونة اشرف الكرم

الكاتب: م. اشرف عبد الصبور الكرم

رقم التوثيق: 30109

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 2-12-2025


الذي يضعُ الوسادةَ للعابر

مدونة سحر حسب الله

الكاتب: سحر حسب الله عبد الجبوري

رقم التوثيق: 30106

عدد المشاهدات: 7

تاريخ التأليف: 2-12-2025


همس الضوء

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30105

عدد المشاهدات: 17

تاريخ التأليف: 2-12-2025


تاميكوم… منصة تتنفس الإبداع والشفافية

مدونة نجلاء البحيري

الكاتب: نجلاء محمود عبد الرحمن عوض البحيري

رقم التوثيق: 30104

عدد المشاهدات: 18

تاريخ التأليف: 1-12-2025


ريفيو لرواية فانتازيا للكاتبة رحاب منصور

مدونة هند حمدي

الكاتب: هند حمدي عبد الكريم السيد

رقم التوثيق: 30103

عدد المشاهدات: 6

تاريخ التأليف: 1-12-2025


لا يشعر بك إلا من عاش معاناتك

مدونة يوستينا الفي

الكاتب: يوستينا الفي قلادة برسوم

رقم التوثيق: 30110

عدد المشاهدات: 3

تاريخ التأليف: 1-12-2025


يعشقن الورود

مدونة ايمان صلاح

الكاتب: ايمان صلاح محمد عبد الواحد

رقم التوثيق: 30107

عدد المشاهدات: 9

تاريخ التأليف: 1-12-2025


كتب التراث بين التلخيص والاختصار 

مدونة خليل السيد

الكاتب: د.خليل السيد خليل محمد

رقم التوثيق: 30094

عدد المشاهدات: 9

تاريخ التأليف: 1-12-2025


سرب الصمود: قافلة تشق عباب الطوق

مدونة محمد خوجة

الكاتب: محمد بن الحسين بن ادريس خوجه

رقم التوثيق: 30093

عدد المشاهدات: 19

تاريخ التأليف: 1-12-2025

أكثر الموثقات قراءة
إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة غازي جابر
2↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
3↑1الكاتبمدونة حسين درمشاكي
4↓-1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
5↓الكاتبمدونة ايمن موسي
6↑2الكاتبمدونة محمد شحاتة
7↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
8↑1الكاتبمدونة هند حمدي
9↓-3الكاتبمدونة آمال صالح
10↓الكاتبمدونة خالد العامري
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑37الكاتبمدونة اسماء خوجة173
2↑36الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 149
3↑35الكاتبمدونة اسراء كمال233
4↑20الكاتبمدونة حسين العلي93
5↑19الكاتبمدونة محمد خوجة67
6↑19الكاتبمدونة سلوى محمود167
7↑18الكاتبمدونة جلال الخطيب131
8↑12الكاتبمدونة منى كمال206
9↑8الكاتبمدونة محمد كافي88
10↑6الكاتبمدونة سحر أبو العلا39
11↑6الكاتبمدونة نجلاء لطفي 52
12↑6الكاتبمدونة جاد كريم197
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1124
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب710
4الكاتبمدونة ياسر سلمي681
5الكاتبمدونة اشرف الكرم621
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري515
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني439
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين434
10الكاتبمدونة شادي الربابعة415

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب367594
2الكاتبمدونة نهلة حمودة225599
3الكاتبمدونة ياسر سلمي203922
4الكاتبمدونة زينب حمدي179727
5الكاتبمدونة اشرف الكرم148254
6الكاتبمدونة مني امين121180
7الكاتبمدونة سمير حماد 119874
8الكاتبمدونة حنان صلاح الدين111234
9الكاتبمدونة فيروز القطلبي110216
10الكاتبمدونة آيه الغمري106359

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة اسماء خوجة2025-11-08
2الكاتبمدونة مريم الدالي2025-11-05
3الكاتبمدونة محمد خوجة2025-11-04
4الكاتبمدونة جيهان عوض 2025-11-04
5الكاتبمدونة محمد مصطفى2025-11-04
6الكاتبمدونة حسين العلي2025-11-03
7الكاتبمدونة داليا نور2025-11-03
8الكاتبمدونة اسراء كمال2025-11-03
9الكاتبمدونة علاء سرحان2025-11-02
10الكاتبمدونة عبد الحميد ابراهيم 2025-11-02

المتواجدون حالياً

14729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع