قبضت بيدها القوية على خيط الحرير الناعم كمن يقبض على لص بعد طول مطاردة
وضعته على رأسها ونزلت به وهي تقيس طولها شبر شبر حتى وصلت لأخمص قدميها
وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة ، ثم طويت خيط الحرير عدة مرات حتى أصبح طوله شبر، ثم أخذت تعقده وتنفس فِيَھ وتتمتم بعدة كلمات غير مفهومة يحتار من يسمعها هل هي سيريالية، أم فرعونية، أم لغة سكان الأراضين السفلية،
لم تميز منها (هنية) التي يمر على جسدها الخيط
غير بعض الكلمات باللغة العامية الدارجة ، وهذه الكلمات كانت تقول: المطلوب يا أسيادنا ، (فواز ) أبن( نجية) زوج لهنيه بنت (فتحية )
مال مسكوب، وصاحب مسحوب ، وعيشة معه رخية ، ثم طويت الخيط حتى أصبح في حجم عقلة الأصبع
وأعطته لوالدة هنيه بعد أن أشارت فتحية لأبنتها بالدخول إلى حجرتها وعدم الخروج منها
نظرت فتحية إلى الدلالة (بهانة) وقالت لها : ماذا أفعل بذلك الخيط
قالت لها بهانة: ضعيه تٌَحَـتْ وسادة هنيه وسوف يحدث المطلوب في غضون أيام
قالت لها فتحية : إن تحقق المراد من رب العباد فجائزتك عِنـ.̷̷̸̷̐ـديّ كبيرة وثمينة يا بهانة
خرجت بهانة جزلة مما سمعته
وبقيت فتحية تحدث نفسها بصوت مسموع، بنتي هنيه أكملت عامها التاسع عشر والخطاب أخطأت طريق بيتها، حتى من يصل إلى الباب يخرج ولا يعود
ولا أجد حولي غير بعض النظرات الشامته فيها ،فهي قد رفضت الكثير ممن دقوا على بابها
ولكن هناك نظرات تملأها الشفقة على هنيه التي مر بها قطار الزواج مسرعا، ولكنه لم يتوقف عندها
والآن قد جاءتها فرصة لن تعوض
لقد تقدم لخطبتها فواز من أغنياء البلدة ومن زينة شبابها
ويتملك فتحية الرعب ؛ كلما خطر ببالها أن فواز لن يعود مثل غيره
فما كان منها إلا أن طلبت معونة بهانة الدلالة
ولم تمضِ أيام حتى عاد فواز يتمم الزواج
وكم كانت سعادة فتحية غامرة فأخيرا أخيرا، سوف ترفع رأسها وترد على النظرات الشامتة بهذه الفرحة الكبيرة، لقد عوض • الله صبرها بزواج بهيه من فواز الثري
سوف تعيش هنيه وأولادها في رغد العيش وراحة البال ، وسوف يقوم على خدمتها خدم البيت الذي يعاونون والدة فواز
العروس تتزين والدفوف تدق والزغاريد تملأ الكون ضجيجا
دخلت بهانه تزغرد وتصفق وترقص وصوتها يغطي على صوت الدفوف والموسيقى العالية
ثم همست في أذن فتحية، فين المعلوم، مالت فتحية برأسها وخلعت عن رقبتها سلسلة ذهبية تملأ كفت يد بهانة القوية
ثم همست لها الباقي غدا إن شاء • الله
تعالت الصيحات في الخارج
لقد وصل العريس لاصطحاب عروسه إلى دار السعادة والهناء
وصلت العروس وقضيت ليلتها الأولى بعيد عن منزلها التي كانت تعيش فِيَھ ملكة ولكنها أخذت فِيَھ لقب عانس
الآن سوف تعيش ملكة مع لقب زوجة فواز
انقضت الليلة الأولى، وفي الصباح، دقت والدة فواز الباب تطلب من هنيه النزول معها إلى الطابق السفلي ، وقالت لها: الآن أنت سيدة الدار أدخلي إلى مطبخ المنزل لغسل الأواني و طهو الطعام
لقد ذهبت الخادمة مع زوجة فواز الأولى حتى تقوم على خدمتها وحتى تكون رفيقة لها في غربتها فهي لم يقدر لها الإنجاب كما أنها يتيمة الأبوين
في هذه الأثناء سمعوا أصوات عالية وضوضاء صاخبة ميزت منها هنيه ،
صوت يقول لقد ألقي القبض على بهانة الدلالة لممارسة الدجل والشعوذة