كنت أنوي إدراج هذا الموضوع أمس آخر أيام شعبان بحيث تكون أولى الحلقات مع أول أيام شهر رمضان ولكن النت سامحه الله فاصل عندي منذ البارحة
إدعو معي أن يهدي الله النت حتى أستطيع تنزيل الحلقات اليومية
فتحت الحمام ورأيت ويا هول ما رأيت .. خيوط العنكبوت والتراب يخيم على كل مكان ، ولم أتحمل المفاجأة ، فقلت لعمتي : إيه دا إنتِ ما نضفتيش الشقة من إمتى ؟؟!!!!قالت : مش فاكرة .. من فترة .. أنا ست كبيرة وصحتي على أديقلت مش كان فيه شغالة بتيجي تنضفلك ؟؟زمجرت قائلة : دي حرامية عايزة تاخد 40 جنية كل 15 يوم وكمان بتخلص المسحوق والصابون وعايزة تاكل وتشرب .. وأجيب منين دا كله .قلت : وإيه يعني 40 جنيه .. يعني كويس المنظر دا قالت : ما البركة فيكي بأه شدي حيلك ونظفي .سارة في ذهول : أشد حيلي وأنضف !! .. أمري لله عمتي : وخدي مفتاح الدولاب افتحيه وهاتي المسحوق وهاتي كوباية أديكي فيه شوية أحسن تخلصيه انتي كمانفي الواقع اشتطت غضبا إلا أنني لم أبدي أياً من ذلك وقلت : لا ما تتعبيش نفسك .. أنا هنزل أشتري شوية حاجات لازماني وكمان هجيب طلبات للبيت ، ونافقت قائلة : دا ما يجيش من بعد خيرك (آل يعني كان لها خير)فرحت فرحة كبيرة حتى شعرت أنها قد صغرت عشرين عاماً دفعة واحدة ، وقالت : طيب تعالي أقولك على الطلبات علشان تجيبيها بالمرة .. ، وبالطبع استغلتني استغلالاً كبيراً .كل هذا سهل ويسير ، ولكن ماذا أفعل في الماء الذي سأنظف به ، ليس معقولا أن أشتريه هو الآخر .. فقد كنت أظن أن الماء مقطوع إلا أنني اكتشفت أنها تقفل الموتور ولا تفتحه حتى لا تستهلك الكهرباء وتنتظر الماء عندما يأتي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لتخزن الماء في آنية كبيرة لديها للاستعمال اليومي وبالتالي كان عليّ أن أنتظر حتى الواحدة بعد منتصف الليل .ظللت أنظف الشقة التي لم يكن لها علاج سوى أن توضع بها قنبلة لتفجرها كي تصبح نظيفة و صالحة للإستعمال الآدمي .انتهيت من معركة النظافة هذه بعد شروق الشمس وكنت وقتها أشعر وكأن كل خلية كل خلية في جسدي تصرخ طلبا للرحمة وتصب لعانتها عليّ وعلى عمتي .دخلت أخيرا لأغتسل وعندما خرجت وشرعت في الذهاب للنوم وجدت عمتي تنادي عليّ لأساعدها كي تدخل الحمام ، ودخلت وهنا انفجرت في وجهي قائلة : خلصتِ المية كلها .. ليه يا بنتي التبذير دا حرام عليكي .كدت أتهور وأقتلها وأقتل نفسي ، إلا أنني تماسكت في آخر لحظة وقلت : مش مشكلة يا عمتي نفتح الحنفية ونملى تاني .قالت في غضب : السكان زمانهم صحيوا وطبعا كلهم فاتحين الموتور ليه يا بنتي الخراب دا .. آه يا زمن حوجتني لحد يقعد معايا وآدي النتيجة .التزمت الصمت وأنا أمسك لساني بقوة حتى لا ينفلت مني لأنني من فرط التعب شعرت أنني لم أعد أحتمل وتركتها تصب لعانتها عليّوعلى الزمن كيفما تشاءوكأنني لا أسمع شيئا تلبية لأوامر والدي .وأخيرا ذهبت للنوم بعد يوم طويييييييييييييل وشاااااااااق
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
كنت أمني نفسي أن أنام براحتي لأنني بذلت مجهوداً خرافياً وسهرت ومن حقي أن أنام .. هذا ما تصورته ولكن هيهات فقد وجدت عمتي فوق رأسي حوالي الساعة العاشرة صباحا تقول لي : سارة .. سارة ايه دا كل دا نوم مش معقولة كدة .
ظننت أنها ستنفجر في وجهي وتكون بالنسبة لي فرصة كي أجعلها (خناقة) وأفرغ فيها غضبي المكبوت ، الا انها اصطنعت الصمم وقالت : بتقولي حاجة أصلي يا بنتي سمعي تقيل حبتين .
قلت : غريبة أمال ازاي سمعتي امبارح الحنفية وهي بتنقط وأنتِ على سريرك .
قالت : بتقولي ايه علي صوتك .قلت وأنا أرفع صوتي : أقول اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا .عمتي : طيب قومي علشان تنزلي تجيبي الفطار .
قلت : حاضر أغسل وشي وأنزل .
قالت : تاني ؟؟!!!!!!!!!!
قلت : ايه هو اللي تاني
قالت : انتِ مش استحميتي مفيش كام ساعة .
قلت وقد نفذ صبري : يارب .... وتركتها وذهبت للحمام .
دخلت الحمام لأغتسل وسمعت صوتها وأنا في الداخل وهي تكلم نفسها قائلة : ليه كده .. دا حتى حرام .. ساعة في الحمام .. دي الميه كده مش هتتحمل .. ارحم يارب ارحم .
قلت في نفسي : آه والله ارحم يارب .
بدلت ثيابي ونادتني قائلة : خدي دا جنيه بحاله هاتي بربع جنيه طعميه وبربع عيش وبنص جنيه فول .. هاه هنعمل ايه أنا كنت بأجيب طعمية وعيش بس لكن لازم أزود علشانك .
قلت في نفسي : يا ساتر ، ما أنوي الصيام أحسن.. ثم علوت صوتي وأنا أقول طيب ما أعزمك أنا .
قالت في غضب : لا دي مش طريقة أنا مش بحب الجمايل وكمان مش بحب التبذير .
قلت : آه على مبدأ يا نحلة مش عايزة منك عسل ولا عايزاكي تقرصيني .
عمتي : بتقولي حاجة
قلت : لا مش بقول حاجة .
نزلت السلم وبالطبع لقيت الفطار عبارة عن عينات ، فقررت أشتري من نقودي ولا أقول لها .
وصعدت السلم وأنا ألهث وعندما تناولت مني الكيس استشاطت غضبا وقالت : برضو اشتريتي انتِ كده هتتعبيني أنا مش بحب حد يصرف عليّ
فقلت في سرعة : يا عمتي اهدئي أنا مااشتريتش حاجة زيادة الراجل ابنه نجح فعمل على كل قرص طعمية قرص طعمية هدية وعلى كل فولة فولة هدية .
فاتسعت عيناها حت كادا يقفزا خارج حدقتيها وقالت : اذا أنزلي هاتي منه لفطار بكرة وبعده
في عصر ذلك اليوم كنا قد انتهينا من الغذاء الذي لايكفي عصفورة ، وبعد أن غسلت الأطباق لم أجد ما أفعله فقد ذهبت عمتي للنوم وجلست بمفردي وقد اعتراني شعور رهيب بالملل فذهبت إلى حقيبتي واخرجت جهاز الحاسوب الخاص بي (اللاب توب) ووصلته بالكهرباء وعكفت أتصفح النت وأسري عن نفسي بالألعاب وأثناء اندماجي سمعتها تناديني لكي ساعدها لتتوضأ وتصلي وأثناء ذهابها لدورة المياة لمحت اللاب وسألتني : ما هذا ؟؟؟قلت : دا اللاب بتاعي .. الكمبيوتر يعني .وبسرعة وقع بصرها على سلك الكهرباء وكأن لدغها عقرب وقالت : آه .. أنا قلت إن الأيام دي مش هتعدي على خير .. دي فواتير الكهربا بقت نار الأيام دي ليه كده يا بنتي هتموتيني ناقصة عمر.قلت في استنكار : ناقصة عمر !!!! لا يا عمتي اطمني أنا سيبالك إنتِ المهمة دي .. أنا اللي هموت بالجلطة ومش هكمل الأسبوع .واستجمعت شجاعتي المستمدة من غضبي المكبوت وقلت في هدوء : عمتي .. ممكن أسألك سؤال .. لما مش هتصرفي على الأكل ولا الشرب ولا النور .. أمال هتصرفي الفلوس في ايه ؟؟؟؟!!!!!!عمتي وهي ما زالت غاضبة : أنا يا ستي واحدة فلوسها على قدها يا دوب بيكفيني معاش المرحوم جوزي ، أنا مش غنية زيكم .قلت : دا على أساس انك غريبة عني وان أبويا مش أخوكي ، أمال لو ما كنش بابا بايعلك أرض من شهر ونصف بس ب2 مليون جنية دا غير فلوسك اللي في البنك من قبل كده غير معاش جوز حضرتك الله يرحمه اللي ما بتصرفيش منه حاجة تقريبا وما تزعليش مني مافيش أولاد علشان يورثوا بتعملي كده ليه ؟؟؟عمتي وهي تمثل التأثر : بتعيريني علشان ما عنديش أولادقلت : بأه سبتي كل الكلام اللي قلته ومسكتي في الكلمة دي .. خلاص حقك عليّ (وكانت بجد صعبت عليّ) .ظللت استرضيها حتى قالت بغتة : بس برضو أنا مش عايزة الكمبيوتر دا في بيتي .ابتسمت رغما عني وقلت : ما فيش مشكلة ممكن يشتغل على بطارية .عمتي : ولما يخلص الشحن ؟قلت : يبقى يحلها حلال .. أبقى أشحنه في المكتبة في الجامع .. هنلاقيلها حل .بصراحة قررت بيني وبين نفسي أن أشحنه وهي نائمة لأن بالطبع بطاريته لن تحتمل أكثر من ساعتين وبعد الساعتين ماذا أفعل .نزعت سلك الكهرباء أمامها وعندما اطمأنت دخلت لتستريح حتى جاء المغرب وقامت لتصلي وقدفعلت أغرب تصرف شاهدته في حياتي ولم أكن أبدا لأتوقعه
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
بالطبع تريدون معرفة ما فعلته عمتي .. تخيلوا .. لقد قامت بغلق جميع أنوار الشقة ، وعندما سألتها لماذا تفعل ذلك قالت : نور الشارع كفاية يعني احنا هنقرأ .. وهنا طفح مني الكيل وأسرعت بارتداء ملابسي وخرجت لأتنفس الهواء قبل أن تتسبب عمتي في اصابتي بالشلل ، وسرت إلى الكورنيش وأنا أكاد أنفجر : ما هذا أأنا في سجن كيف أجلس مع تلك السيدة في هذا المنزل الكئيب وكمان تغلق الأنوار هذا فوق الاحتمال .. كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شخص قبل أن أصاب بالجنون ، فأخرجت هاتفي المحمول واتصلت بوالدي وما أن آتاني صوته حتى قلت : ايه دا حضرتك رميتني في المعتقل وما بتسألش عني تشوفني حتى عايشه ولا ميته
قال : ايه اللي حصل عمتك حصلها حاجة .
قلت : أنا اللي هيحصللي لو قعدت تاني هنا .
والدي : ليه هي ضايقتك ؟
قلت : ضايقتني !!! قول شلتني جابتلي الضغط ، معقولة دي اللي ربتك مش ممكن كوهين دي هي اللي ربتك دا أنا بقيت أخاف أتنفس لتكون بتعد الهوا اللي في الجو .. أنا مش قادرة أتحمل .
ولأن والدي يعرفها جيدا فقد تجاوز على إسلوبي الغير لائق الذي كنت أتحدث به معه .
حاول والدي تهدئتي وهويقول : معلش اتحملي علشان خاطر بابا حبيبك وسلي نفسك بالاب .
قلت في حنق : واللاب دا مش بيشتغل بالنور ولا ببركة دعاء الوالدين .، حضرتك عارف دي هتخليني أشحنه في الجامع هو والموبايل .. طيب قول الموبايل هيتحمل لكن اللاب ساعتين وشكرا بعد كده أعمل ايه بأه .
قال : طيب اشحنيه بعد ماتنام وهي زي ما انتِ عارفة بتنام طول النهار .
قلت : وتفتكر حاجة زي دي هتعدي عليها .. حضرتها أخدت مني الكابل وشالته في دولابها العجيب اللي عامل زي صندوق الدنيا دا وقفلت عليه بالمفتاح وقالتلي ها أدهولك وانتِ نازلة تشحني .. آل إيه علشان ما يضعيش مني .. وهي طبعا علشان تضمن ما أشغلوش .
والدي : خلاص اشتري كابل غيره من غير ما تشوفه .
سارة : علشان لو شافته تعلقني من رجليّ وبعدين هصرف على الأكل والشرب وأشتري كابل وأصرف على بيتها .. دا كده هقعد أشحت عند المرسي أبو العباس .
الوالد : خلاص يا سارة هبعتلك الفلوس اللي انتِ عايزاها وهجيلك آخر الأسبوع .
سارة : دا إذا ما كانتش هي نزيلة القبر وأنا نزيلة سجن الحضرة ، أو لو مسكت نفسي هبقى في مستشفى المجانين .
الوالد : وبعدين يا سارة مش شايفة ان طريقة كلامك على عمتك دي غلط .
سارة : هعمل ايه يا بابا خلاص هيجيلي انهيار.
الوالد : طيب اتمشي شويه على الكورنيش وهوا البحر هيهدي أعصابك .
سارة : والله يا بابا بقيت بأحس إن كل حاجة ممنوعة حتى هوا البحر .. يا خوفي ليكون بفلوس هو كمان ، عموما دا ابتلاء من عند ربنا ولازم أصبر .. أكيد أنا عملت حاجة فظيعة في حياتي وربنا جابني لعمتي علشان تكفر ذنوبي
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
في أثناء عودتي للمنزل شعرت بالجوع ولأني أعلم أن البطة قد استوفت حقها اليوم بمعنى مكتوب عليها ممنوع الإقتراب أو التصوير حتى غدا ، ولأنني أعلم أن الثلاجة أكثر فراغا من فؤاد أم موسى .. فكان لم يكن هناك بدا من شرلء طعام للعشاء فذهبت إلى متجر على ناصية الشارع وابتعت منه بيض وجبنة وبسطرمة ولانشون وعيش وعلبة عصير لزوم العشاء ووصلت للعمارة وبالطبع تجرعت مرارة السلم الذي أعتقد أنه قد تحالف مع عمتي ليجهزا علي ، ووصلت لباب الشقة وأنا أكاد ألفظ أنفاسي الأخيرة وأخرجت مفتاح المعتقل ودخلت وجدتها جالسة على أقرب مقعد من الباب كالسجان وقلت في نفسي : اللهم اني لاأسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه .... وكنت على وشك القاء تحية المساء لولا أنها باغتتني قائلة : ما هذا .. كل هذا تأخير .. هو هوا البحر حلو كده ؟؟؟
قلت : آه تخيلي حتى كان نفسي أجيبلك شوية هوا في كيس بس لقيت أني كنت سأضطر لشراء كيس فرجعت في الفكرة .
نظرت إلي بنظرة كنت أحس منها أنها تريد قتلي وإنتظرتها تعلق إلا أنها التزمت الصمت .
وفجأة وجدت عينيها قد اتسعتا عن آخرهما في ارتياع وهي تنظر بجانبي حتى تصورت أنها رأت ثعبان .
فقلت في فزع : فيه ايه ... ونظرت إلى جانبي فرأيتها تنظر للكيس الذي بيدي وقالت في ذعر : إيه اللي في الكيس دا .
قلت : هيكون ايه عقرب مثلا .. عشا .. أنا عارفة ان مفيش حاجة للعشاء فقلت أشتري شوية حاجات من السوبر ماركت .
ظلت تضرب كفا بكف في قوة لا أدري من أين أتت بها وواضح أن كليتاها مبرمجتان على فرز الأندرينالين لمنحها القوة فقط عندما تريد أن تعبر عن الغضب في أي شيء خاص بالنقود .
قالت : يا بنتي إنت ربنا جابك هنا علشان تنقطيني
قلت من بين أسناني : لا علشان تنقطيني انتِ .
قالت : مين قالك اني باتعشى .. العشا وحش على صحتي ..لالالالا .. أنا مش هدفع حاجة .. مش هدفع حاجة خالص .
قلت : ومين طلب منك تدفعي حاجة ، وخفضت صوتي وأنا أقول هو أنا عايزه أطفحه .. آل وحش على صحتها .. ما تقولي وحش على جيبك
وعلا صوتي وأنا أقول : يا عمتي أنا عازماكي .
انفجرت وهي تقول : يا ستي أنا مش عايزة حد يعزمني .. مش عايزة حاجة .
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقول : خلاص مش عايزة تاكلي ما تاكليش .. أنا عايزة آكل وما جبتش حاجة من عندك أنا جبتها بفلوس أبويا .
عمتي : وكمان بتردي عليّ بوقاحة .. طيب لما أكلم أبوكي وأشوف رأيه في الحكاية دي . ، وأمسكت بسماعة الهاتف ثم توقفت بغتة وأعادت السماعة لوضعها مرة أخرى في حنق .. بالطبع هي لم تصفح عني ولم تراجع نفسها وشعرت بغلطتها ولكنه ثمن المكالمة .. تذكرت ثمن المكالمة فتراجعت .
صمتت برهة ، ثم وجدتها تبتسم ابتسامة حيزبونية وتقول : خلاص أنا مش زعلانه وعلشان أثبتلك هاآكل معاكي .. وريني كده جبتي ايه ؟؟
كان العشاء يكفي ليوم واحد إلا أنها أصدرت فرمان بادخاله التأميم وأننا سنأكله على مدار أسبوع .
وأنا هذه المرة لم أهتم لأنني وجدت الحل لذلك
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
مر ذلك اليوم كأي يوم من أيامي الغريبة التي أعيشها مع عمتي وبعد المغرب شعرت أنني لاأكاد أحتمل لا أريد أن أبقى معها للحظة واحدة فقررت الخروج بحجة أنني سأشحن اللاب أخذت اللاب وخرجت لأشحنه وأصلي العشاء في الجامع وأتنزه لأقطع جزءا من الليل الطويل الكئيب وأستريح منها بعض الوقت .قالت : انتِ كل يوم هتخرجي مش تقعدي معايا شويةقلت في تحد: عايزة أشحن اللاب ولا تحبي أشحنه هنا .قالت : بتلوي دراعي يعني روحي براحتك .لا أكذب عليكم فقد شعرت ببعض الشفقة عليها ولكنها هي التي تضطرني لذلك .. وفي سرعة نفضت عن نفسي ذلك الشعور وخرجت .دخلت المسجد ووضعت اللاب بجانبي فكنت لاأحتاج لشحنه لأنه مشحون بالفعل بواسطة الكابل الجديد الذي اشتريته ولم يكن اصطحابه معي سوى عملية تمويه أمام عمتي صليت ركعتين تحية المسجد وجلست أنتظر آذان العشاء .. وجاءت جلستي بجوار سيدة مسنة .. صحيح أن عمتي جعلتي أكره كل المسنات الائي في الحياة إلا ان هذه السيدة كانت كل خلجة من خاجات وجهها تشع بالطيبة وعيناها يطل منهما حنان ذكرني بعيني والدتي ولكن لم يكن الحنان وحده هو الذي قي عينيها لقد شعرت بوحدة وفراغ واحتياج غريب أكدهم لي رغبتها المترددة في جذب طرف أي حديث معي .قالت : أنا أول مرة أشوفك في المسجد .قلت : هو حضرتك تعرفي كل اللي بيصلوا هنا .قالت : ما تستغربيش .. أصل أنا بآجي هنا كل يوم من قبل صلاة العصر وبأقعد لغاية ما أصلي العشاء وأروح .قلت : ياه .. ودا مش تعب على حضرتك .قالت : لو عايشة الوحدة زيي كنت جيتي تقعدي هنا .. أصلي أعمل ايه في البيت على الأقل هنا شايفة ناس وبألاقي حد بأتكلم معاه .. إنما في البيت مفيش حد .. الوحدة قتلتني يا بنتي .قلت : مفيش حد عايش معاكي يا أمي .. أقصد ما عندكيش أولاد ..ابتسمت في مرارة : أولاد .. عندي بس زي ما يكون ماعنديش .. كل واحد مشغول بحياته ومفيش معايا في البيت غير قطة بتونسني أهو نفس معايا في البيت وخلاص .. وبأكلمها وأشكيلها لما أكون متضايقة .. أهي فضفضة والسلام ....قلت في تأثر : طيب ليه مش بتطلبي منهم يعدوا عليكي كل ليلة ولو حبة صغيرة ..تهكمت قائلة : يعدوا عليّ !! دا أنا نفسي في مكالمة تليفون حتى .. لكن للأسف مش بيعملوها مع إني لما حد منهم بيفكر ويجيني بأبقى فرحانة بيه أوي وأبقى عايزه أعمل كل اللي أقدر عليه علشان أسعدهم ومش بأتأخر عليهم بحاجة .. وبعدين أطلب ايه يابنتي .. الحاجات دي ما بتتشحتش .. عمر الحب والحنية ما كانت بالطلب .. وحتى لو طلبتها بتفقد معناها .. ومع ذلك طلبت أكثر من مرة ولما ما لقتش استجابة سكت .. انتِ عارفة أنا أوقات كتير بأفكر لو مت وحدي في الشقة هيعرفوني بعد كام يوم ....تأثرت تأثر شديد بكلامها وخاصة عندما لمحت الدموع تترقرق في عينيها المنكسرتين .. ووجدت نفسي دون أن أشعر أربت على كتفيها .قالت : ياه يابنتي من زمان محدش طبطب عليّ كده ....قلت : اعتبريني بنتك واعطيني نمرة تليفونك وبإذن الله هتصل بيكي كل يوم ..صحيح يا بنتي (قالتها في لهفة انفطر لها قلبي)قلت صحيح يا أمي ...قالت : ربنا يبارك فيكي ويريح قلبك زي ما ريحتيني ...الله أكبر ..الله أكبر ..(ارتفع بها صوت الآذان ) فابتسمت وقالت : بإذن الله سيستجيب الله دعائي لكِ ..مددت لها يدي لتستند عليها لتقوم للصلاة ..عندما فرغت من الصلاة وودعتها عند باب المسجد وعدت أدراجي إلى المنزل وهنا تذكرت عمتي .. هل ياترى كانت في حاجة لأجلس معها .. هل أنا مقصرة معها .. وتصورتها تجلس وحيدة .. ولومت نفسي ألف مرة ودخلت مطعم وابتعت منه طعام لنتعشى سويا وأنا أقرر بيني وبين نفسي ألا أتركها ثانية وأن أتحملها .. وأقنعت نفسي بأن تلك السيدة رسالة قد أرسلها لي الله سبحانه لكي أراعي عمتي أفضل من ذلك .. ولم أصبر حتى أصعد السلم فاتصلت بها من هاتفي المحمول لكي أونس وحدتها .. وما أن اجابتني حتى قلت : أيوه يا عمتي أنا جايه عايزه حاجة أجيبها معايا ..قالت بنفس اللهجة الكوهينية : لا مش عايزه حاجة ولو جبتي حاجة معاكي هارميها من البلكونة .وصكت السكة في وجهي .. فقلت : لا حول ولا قوة الا بالله مفيش فايدة طيب والأكل اللي جبته .. وبعد تفكير لم يكن أمامي بد من أن أجلس على السلم كالمتسولين لآكله
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
عدت للمنزل ودخلتت وجدتها نائمة على السرير .. فقلت : عمتي .. انتِ نمتِ ؟؟؟
عمتي : لا ياسارة أنا صاحية .. تعالي ..
قلت : خير يارب ايه الطريقة الودودة دي في الكلام ... احتمال تكون افتقدتني وعايزة حد تحكي معاه ..
دخلت حجرتها وجلست بجوارها على السرير .. وقلت : عمتي انتِ تعبانة ؟؟
عمتي : لا .. أنا عارفة انك عايزة تمشي .. صحيح أنا بأتعكز شويه .. بس الكدمات اللي في جسمي بتتعبني في المشي .
قلت في سرعة : أنا ماقلتش إني عايزه أمشي أنا بأطمئن عليكي ..
عمتي : فيكي الخير ... هتتعشي ..
قلت : لا شبعانه ... وبالطبع تنفست الصعداء .. وسألتني : رحتي فين لما خرجتي ؟؟
قلت : ذهبت للمسجد وهناك قابلت سيدة ....... وقصصت عليها كل ما حدث والحقيقة أنني كنت أريد أن أحرك مشاعرها ولتعلم أن المال ليس هو كل شيء في الحياة وانما هناك أشياء كثيرة جميلة وبسيطة وبرغم بساطتها إلا انها لاتشرى بكنوز الدنيا وهي المحبة والألفة والحنان .. إلا انها قالت : لو بيشوفوا منها فلوس كانوا جريوا عليها ..
مفيش فايده أي كلام لازم ينتهي بالمال .. مش ممكن عمتي هذه المال هو مذهبها ودينها في الحياة ..ارحم يارب على حد قولها ...
ذهبت للنوم وفي الصباح أكلنا المقرر وذهبت بعدها للسوق وعند عودتي وأنا على آخر درجات السلم سمعت هرج ومرج آتي من شقة عمتي .. ولأول برهة تصورت أن عمتي حدث لها مكروه إلا أنني سمعت صوتها تتحدث بصوت عالي صارخ وكأنها تعنف أحدا .. أسرعت في الصعود ووجدت عمتي وهي تصرخ في وجه جارتها قائلة : دا شغل حرامية مش هدفع حاجة أنا ما طلبتش من حد يجدد مدخل العمارة .. هي عجباني كده .
الجارة : يا حاجة الكل دفع مش باقي غيرك ..
عمتي في صراخ : وأنا مالي كل واحد حر ..
الجارة : يا حاجة دول كلهم 200 جنيه مش حكاية
عمتي : ايه ايه 200 جنيه .. اتجننت أنا علشان أدفع 200 جنيه .. لايمكن ولو سمحتي اتفضلي ..
تدخلت معتذرة للسيدة ووعدتها أن أحاول اقناعها .. وأنا أعلم أنني يمكن أن أقنع أبا الهول أن يترك مكانه ويمشي ولا يمكن اقناع عمتي ولكنني فعلت ذلك فضا للنقاش الذي لاجدوى منه ..
وبعد أن انصرفت السيدة وهدأت عمتي بالطبع بعد أن اسمعتني وابل من السباب واللعان على جيرانها .. قررت أن أفاتحها في الموضوع حاولت افهامها نظرة جيرانها لها بعد موقفها هذا وأن هذا لايليق الا أنها أصرت على موقفها ولم يكن أما سوى أن أتحمل أنا ال200 جنيه .. آه يا عمتي الحياة مكلفة للغاية .. وبالفعل دفعت للجارة نصيب عمتي بدون علمها وكنت ظننت الموضوع انتهى عند هذا الحد ولكن جدث ما قلب الدنيا فوق رأسي فقد جاءت الجارة لتشكر عمتي على موافقتها المشاركة في التكاليف
والى اللقاء في الحلقة القادمة
قلت لها : نعم .. أي خدمة ؟؟ قالت : معلش أصلي أول مرة أشوف حضرتك هنا
قلت : إنني ابنة أخيها .. أي خدمة اتفضلي
السيدة : الحمدلله انك انتي اللي فتحتي علشان ترحميني من الخناقة بتاعة كل مرة .. أنا اللي بأنظف السلم وعايزة شوية ميه
وقفت وكأنني قد أخذت ضربة فوق أم رأسي ، فلو كانت طلبت مني لتر دم لكان أسهل من دلو الماء الذي تطلبه .
ويبدو أن السيدة قد شعرت بالمشكلة التي أنا بها فقالت : اشغليها بأي حاجة وأنا هاخد الميه من غير ماتحس
قلت : ولما تدخل وتلاقي الميه ناقصة أقول ايه .. عموما يبقى سويها ربنا ساعتها
وعملت خطة أنا وهي وكأننا نهرب هيروين وتصورت في نفسي لو كل الشعب المصري مثل عمتي ، فلن تكون هناك مشكلة في الماء ومش بعيد كنا نصدر الماء الفائض عنا
أعطيتها الماء ووقفت أتحدث معها ، فقد كانت بالنسبة لي فرصة شخص أتكلم معه وخاصة أن مجال الحديث لن يكون المال
سألتها : انتِ ساكنه هنا في سيدي بشر .
قالت : لا أنا ساكنه في باكوس .. لكن مكان ما يكون رزقي بأروحله .. هنعمل ايه يا أبله العيشة بقت صعبة
قلت : انت عندك ولاد
قالت : نعم أنا معايا ثلاث بنات وولد وأبوهم كان خراط مفيش زيه .. قبل المخرطة ما تاكل ايديه .. وقعد في البيت حزين مكسور .. وأنا بحاول على أد ما أقدر أوفي بطلبات البيت علشان ما يزعلش وأهو الحمدلله .
قلت : معلش ربنا بيبتلينا علشان يمتحن صبرنا وربنا ان شاء الله هيعوضك في أولادك بإذن الله
قلت في لهجة متهكمة : الحمدلله على كل حال .. كل اللي يديهولنا ربنا راضيين بيه طالما راضيه لازم يرضينا .
ظننت أنه رد نابع من عدم صبرها .. وأردت ألا أتسرع في الحكم عليها فقلت : بتتكلمي كده ليه ؟
قالت : أصل ولادي بتولدوا كويسين ولما يوصلوا لسن عشر سنين تجيلهم حمى احتار فيها الأطباء وبعدين ماتميش إلا لما تسيب فيهم عاهه
البنتين الكبار مش بيشوفوا والثالة جالها حاجة أشبه بالتخلف العقلي .. وقلت ربنا هيعوضني في الولد ..
قلت : جراله ايه هو كمان ؟؟!!!!
قالت : حصله ضمور في العضلات بس قالوا إن ممكن شفاه لما يعمل عمليه في المخ .. بس بمبلغ كبير وبأعمله ورق علشان يتعالج على نفقة الدولة وربنا يسهل .. بس بأعمله جلسة يوم ويوم وعلشان أبوه تعبان بأضطر أشيله على كتفي لغاية المستشفى وهو عنده 11 سنة ... وتنهدت وهي تقبل يديها : الحمدلله يارب أنا لاأشكو ولا أعترض ...
ويبدو أن وجهي قد بدا عليه التأثر فقالت : مالك يا أبلة .. ضايقتك ؟؟!!!!!!!!!!!!
قلت : لا إزاي .... دا حتى حديثك ممتع ويفتح النفس ..
ضحكت السيدة وقالت : هنعمل ايه يا أبله مالناش في نفسنا حيلة كله بأمره والحمدلله .. نحمده ونشكر فضله
ابتسمت بدوري وقلت : انتِ ست راضية ومؤمنة .. صحيح انتِ وجعتي قلبي وندمت اني سألتك .. بس بجد أنا أغبطك على صبرك وحمدك وشكرك لربنا .. طيب الفلوس بتكفيكي ..
عادت تقبل يديها وتقول : الحمدلله .. طول ما النفس راضية وقانعه ربنا بيخلي القليل في ايدك كتير وكتير أوي كمان .. والحمدلله مش حارمه أولادي من أي حاجة بأكلهم اللحمة كل أسبوع وبأجبلهم كل اللي نفسهم فيه
قلت : معلش سؤال بايخ بيدخلك كام في الشهر ؟؟
قالت : أصل أنا مش بأشتغل كل يوم وبعدين مصاريف الدكاترة والأدوية .. بيتبقى للأكل 100 جنيه في الشهر بس زي ما قلت لحضرتك بيكفوا ومش محرومين من حاجة ..
قلت : 100 جنيه أكل طول الشهر وأنا جبت عشا اللي أكلته على السلم ب50 جنية يعني ما يعادل ميزانية نصف الشهر يا سبحان الله
ثم مددت يدي في جيبي وأخرجت 50 جنيها وأعطيتها للسيدة التي رفضت في عفة برغم حاجتها
وقالت : أنا مش بأشتكي حاشا لله أنا بأفضفض معاكي
قلت وأنا أضغط على يدها لتمسك بالنقود : أنا عارفة .. بس ليه عايزة تحرميني الثواب .. ربنا بعتك ليّ هدية للآخذ على ايدك ثواب عايزة تحرميني منه ليه ؟؟
ابتسمت في خجل وهي تأخذ النقود وقالت أشكرك يا أبلة ... هو إسم حضرتك إيه ؟؟
قلت : سارة .. اسمي سارة
قالت : عاشت الأسامي ياست سارة
قلت : وانتِ اسمك ايه ؟؟
قالت : مبسوطة .. اسمي مبسوطة ؟؟؟
وهنا انفجرت ضاحكة : وقلت ياله من اسم
فجأة انطلق صوت صراخ من شقة عمتي وسمعت أشياء تتخبط فهرولت مسرعة الى داخل الشقة وأنا فزعة وقلت في سرعة : مالك يا عمتي حصلك حاجة ..وجدتها تضرب كفا بكف وتقول : المية .. المية راحت فين طبعا ادتيها للي بتمسح السلم يا خراب بيتي ..قلت : يا عمتي اهدي اللي يسمعنا يقول ان صندوق المجوهرات بتاعك اتسرق دول شوية ميه (طبعا أنا كنت بأهزر مجوهرات ايه اللي عند عمتي دي رجز من عمل الشيطان)قالت في غضب وصراخ شعرت معهما أن طبلتا أذنيّ اخترقتا : انت كمان بتهزأي بيّ وبتقولي شوية ميه والميه دي مش بفلوس وأوعي تقوليلي نفتح الموتور نحوش غيرهم مش ناقصة خراب النور كمان .. دا حرام .. حرام .قلت : يا عمتي اهدي كل مشكلة ولها حل ..قالت : حل ؟؟؟ حل ايه .. أوعي تقولي نشغل الموتور.قلت : لالالا .. أنا مجنونة .. ميه وموتور وهوا بنتنفسه .. انتِ هتلاحقي على ايه ولا ايه ..احنا النهارده نعمل ترشيد استهلاك .. بمعني نتوضأ مرة واحده في اليوم .. وبكوباية واحده يعني لو خلصت نكمل الوضوء تيمم .. وممنوع الإستحمام النهاردة كأننا عايشين في الصومال .. وبالنسبة للشرب أهي الميه في الثلاجة ولا حتى بلاش نشرب كأننا في رمضان ..عمتي وهي تنظر من فوق نظارتها في امتعاض : مفيش فايه فيكي لازم من السخرية اللي في كلامك .. طيب ايه رأيك هنفذ كل اللي قلتيه ولو عجبني هقلل الميه اللي بنخزنها كل يوم .قلت : آآآآآآآآآآآآآه وقعت في شر أعمالي .. بقولك ايه ياعمتي مش انتِ الحمدلله بقيتي كويسه ما أرجع بيتنا أحسن وأهو تقللي الميه تزوديها براحتك ..عمتي : وتسيبيني وأنا لسه تعبانه طيب لما أشد حيلي شويه .قلت : ما أنتِ ياعمتي اللي مش عايزه تروحي للدكتور هتخفي ازاي .. بالسحر!! لازم تكشفي ..قالت : لا مش هكشف أجيب منين .. المهم مش هتتغدي .قلت : لا مش عايزةقالت : ليه شبعانه ..قلت : أنا مش بس جعانه أنا حاسه إن بطني لزقت في ضهري من الجوع بس بأرفق بمعدتي علشان هي كده جعانه وساكته .. وربع البطة بتاعك دا بيقلب على معدتي المواجع خليني كه أحسن ... طول عمري بأحب رمضان وكنت أتمنى أن السنة كلها رمضان ما كنتش أعرف أن حل الموضوع دا هو اني آجي عندك ..
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة