الأمر لا يحتاج لتفكير كثير ، حتى تشعر أنه يوجد إختلاف بين أبناء الجيل الحالى و أبناء جيلى ...

إختلاف فى كل شئ ، إختلاف فى مدخلات هذا الجيل التى أدت الى مخرجاته... فحين أرى أو اسمع أراء هذا الجيل و أفعاله من جهل بالتاريخ – عدم إهتمام بأى أحداث غير الكورة و الأفلام و الأغانى – تفكير سطحى فى العلاقات بين الولاد و البنات و تعريف الصداقة – عدم إحترام من هم أكبر سنا سؤاء أهل أو مدرسين – عدم إحترام المدرسة أو نظام المدرسة و من ثم الشارع و نظام الشارع – عدم تقبل الأخر بإختلافه - عدم إنتمائة لبلده و وطنه أو عدم إهتمامه أساسا بفكره الإنتماء لأى شى ، لا للبيت و لا للمدرسة و لا للوطن....

أرجع كل هذا الى إختلاف مدخلات هذا الجيل ، مما أدى الى تكون شخصية مختلفه تمام عن شخصيات جيلى ....

كنت زمان أسمع من مدرسين مدرستى حين أزرهم فى مدرستى القديمة " انتو أخر جيل محترمين، شوفوا دلوقتى الأجيال طالعة عامله إزاى "

و انا من أبناء جيل ، كان يستيقظ على صوت الراديو و أغنيات مثل" بالسلامة يا حبيبى" لفايزة أحمد - تربى على أيد ماما نجوى و بقلظ فكنا ننام بعد فرجتنا عليها أو " الطيارة بامبو " - تربى على صوت أبلة فضيلة فى الراديوو إرشادها و توجيها لنا - بابا ماجد و رسوماته - سينما الأطفال يوم الجمعة مع ماما عفاف الهلاوى ، أغانى الأطفال مع عبد المنعم مدبولى " كان فيه واد أسمه الشاطر عمر" و نيللى " كان فيه فراشة مخططه" و صفاء أبو السعود " وردى وردى " و " يا أصحابى و صحباتى هنا و محلك سر " و أوبريت الفرشة و الصابونة و الفوطة" ( لا أزال أتذكر تعليماتها لغسل الأسنان فى كل مرة أغسا أسنانى "الصف الفوقانى من فوقه لتحتيه ، و الصف التحتانى من تحتيه لفوقيه :) )
جيل تربى على إختيار برامج بين القناه الأولى و التانية فقط... فكنا نتابع العالم من أخبار و أغانى و أفلام عن طريق "نافذه على العالم" – "إنه عالم واحد" "العالم يغنى" – "إختارنا لك" و " بانوراما فرنسية" و "نادى السينما " و "أوسكار" نتثقف من خلال برامج علميه مثل "العلم و الإيمان" بموسيقاه المميزة و كلمات مصطفى محمود الهادئة – نأخذ معلومات عن البحر و الأسماك من "عالم البحار" – معلومات عن الحيوانات من "عالم الحيوان" – معلومات عن الزراعة من "سر الأرض" (بالرغم من عدم توجهه لنا فى الأساس) بأغنيه أنغام الشهيرة "ارضك بتنده تعالى ...!! "

نتابع أخبار مجتمعنا ونشعر بمشاكل الأخرين من خلال برامج مثل " حياتى" بالمذيعة على كرسيها المشهور و مناقشتها بهدوء للمشكلة المعروضة عن طريق تمثيليه بسيطة – "كلام من دهب " بالحالة التى يستضيفها و يساعدها فى أخر كل حلقة ... و كانت الجوائز دائما تذهب لمن هم فعلا فقراء...
نستقى إنتمائنا لبلادنا من الأغانى الوطنيه التى كانت تذاع كل شوية ، فانا لا ازال أتذكر أغنيه عفاف راضى التى كنت أرددها معها حين تظهر فى التليفزيون " مصر هى أمى ، نيلها جوه دمى ، شمسها فى سمارى ، شكلها فى ملامحى ، حتى لونى قمحى ، لون خيرك يا مصر"
و محمد ثروت و هانى شاكر و أغنية "بلدي ي ي ي ي ي ي ى" " إن كان عالقلب ما فيش غيرك " – أوبريت نصر 6 أكتوبر لعلى الحجار " النسر المصرى شق السما و ضرب و عمل أجمل ملحمة "
كان لا يوجد كمبيوتر و لا MP3 Player و لا موبيل ... فكان السبيل الوحيد للترفيه هو التليفزيون أو القراءة – سلسلة المكتبة الخضراء تان تان – المغامرون الخمسة - ميكى - مجلة ماجد و علاء الدين – ملف المستقبل – رجل المستحيل .

و كانت مشاهده التليفزيون عائلية ، تجتمع الأسرة كلها على حاجة واحدة، حتى ميعاد النوم ( أقصى حاجة الساعة 10 فى الدراسة ) لأن التليفزيون أصلا كان بيقفل الساعة 12 . و بيفتح الساعة 10 – يوم ما عملوا صباح الخير يا مصر من الساعة 7 كان إنجاز .
كانت المدرسة ، مدرسة .... دراسة ، إنتظام ، إنضباط ، و إحترام للمدرسين ... الجميع فى طوابيرهم فى تمام الساعة الثامنة - التدريبات الرياضية للجميع – الإذاعة المدرسية – الفرقة الموسيقية تعزف النشيد الوطنى ، و ثلاث تلميذات لتحية العلم ، و كلنا وراهم باعلى صوت ، و يوميا " تحيا جمهورية مصر العربية – تحيا جمهورية مصر العربية - تحيا جمهورية مصر العربية "
حصة الألعاب ، نتعلم و نمارس فيها فعلا الرياضة ، كرة سلة ، و طايرة و حصان ... ما نرميش ورق فى أرض المدرسة و ما نتكلمش فى الحصة ، و نحترم المدرس و نخاف من المديرة... رحلات مدرسية لمعالم مصر ، مصانع مجاورة ، بانوراما 6 أكتوبر ...
كل الحاجات دى عملت جيل أقدر أقول عليه "واعى" على الأقل دخله حاجات كتيرة مختلفة ، و بنى شخصيته ، و بعدها إنفتح على باقى العالم .
شاف تطور الدنيا من إختيارات بين قناتين بس الأولى و الثانية ، للدش و عدد لا نهائى من القنوات العالمية مش المصرية و العربية بس و بقى بيختار...
جيل كان بيختار بين نوعين بس للبسكوت و الشوكلاته "كورونا" أو "الشمعدان" و دلوقتى أتعلم يختار بين أستندات الشوكلاته اللى طولها بالأمتار... ظهرله إختراع الكمبيوتر و الأنترنت و الموبيل حته حته ... و أستوعبه حته حته ...

جيل كانت جميع إختياراته مصرية ، صناعة مصرية ، من أول البرامج فى التليفزيون.... للكتب ..... للشوكولاته ... للرحلات المدرسية فشب مصرى ...

اما الجيل الحالى فأشفق عليه ... جيل لم يسمع ما سمعناه و لم يرى ما رأيناه ... جيل لم يستقى ما أستقيناه ..... و لم يتعلم ما تعلمناه .... لم يرى الا قنوات الأغانى و الأفلام الكثيرة من جميع البلدان و كان عليه الإختيار من بينهم... فأختار ما يشده أكتر يتفرج عليه ...جيل لم يرى المدرسة المنضبطة و الملتزمه ، لم يرى المديرة الحازمة ... جيل لم يسمع أغانى وطنيه مصرية ، و لم يرى ما هو صناعة مصرية... فجميع مدخلاته من التليفزيون (قنوات عالمية) ، الكتب ( دة لو فيه قراءه أصلا )، الأنترنت ( كل العالم ) ، الأقلام و الكراريس (صينى و أندونيسى ) ، الفسح (سيتى ستارز- الكافيهات أمثال كوستا و سيلانترو) ، المدرسة ( الأمريكية – الفرنسية – الألمانية) ، البسكوت و الشوكلاته (مستوردة ) – الملابس ( مستوردة )
فكان هذا الجيل ... مستورد - صناعة "غير" مصرية ... كان هذا الجيل ضحية ...

انا أعلم أن العولمة أصبحت تحدى لكل الدول ، من أجل الحفاظ على هويتهم .. إذا فالمشكلة عالمية
و لكنى أرى ان هذا الجيل هو مسئوليتنا ، فنحن معلميهم ، و نحن القدوة ، فلابد أن نكون مصدر هويتهم ، مصدر لمصريتهم كمصريين ، و مصدر لعربيتهم كعرب....

ساترك الإجابة على "كيف" لكم.... !!

فى إنتظار مشاركتكم ...