أؤمْن لنفسي المأكل والمشرب والمسكن والملبس على نحو جيد..
ولآخرين معي أيضًا..
أعرف الطريق..
أستطيع أن أشير للسيارة الأجرة وأصل إلى أي مكان أريده..
أعرف أماكن السينمات والمسارح والمطاعم والمتنزهات، وأسعار تذاكرها، وتكلفتها.. وأحمله بحقيبتي..
أذهب إلى الطبيب وحدي..
أتذكر مواعيد أدويتي ومتابعاتي..
أناقش حارس العقار في الأمور المختلفة بحزم وأداعب أطفاله..
أستطيع تمشيط شعري للخلف ورفعه..
وفتح البرطمانات المغلقة بشكل محكم..
وتعليق الستائر..
تغيير أقفال الأبواب..
إصلاح ماسورة المياه التي أغرقت الأرض بالتسريب وحدي..
إخراج سلة المهملات يومًا بعد يوم..
تربية الأطفال..
مراعاة شئونهم والمذاكرة لهم..
إطعام الهررة والعمل ليلًا ونهارًا..
الكتابة كثيرًا ودائمًا..
أتقن ذلك كله منذ نعومة أظافري، ويُقسم الجميع بأنني امرأة بمليون رجل..
إلا أنني حين حاولت تأمين الونس وصناعته لروحي، لم أستطع!
بحلول الليل وسواد الصمت، أكتشِف في الظلام الدامس قصر ذراعي عن أن يلتف حول جسدي،
وأن صدري بعيد جدا عن رأسي المثقل ولا أستطيع تأمين عناق دافئ له..
وأني لا أملك أذنًا تصغي لذلك الهراء الذي أفعله طوال النهار وحدي..
أطالع صفحات التفاعل الاجتماعي في محاولة لصنع الحب، لكن لونه الأزرق البارد يقبضني..
ليس به أنفاس ولا عيون حقيقية، لا أجد به سوى أشباح بشر..
أتعلم تلك المساحة بمنتصف ظهرك التي تحاول أثناء الاستحمام تدليكها ولا تطالها!
شيء بتلك التفاهة يجعلني أشعر أمامه بالعجز وأنا أبحث عن يد حانية ودودة تعانق ذلك الضعف البادي مني وتستره وتكمل نواقصي الهينة..
إن الأمر كله هين لو تعلم..
يكمن في الونس والمشاركة والأمان بحب..
أن أجد روحك بجانبي، وأطمئن بأن لي وطنًا أعود إليه وأمارس ضعفي الإنساني دون خوف، ويحتضنني..
وأسكُن إليك..
وأستكين.