في اليوم السابع عشر من الشهر الماضي ، شهر مارس ، مازلت أتذكر كل شيء كما حصل بحذافيره .
كان أخي (عمر) وخطيبته (منية) يسيران أمامي على الطريق وقد أخذا يناقشان ترتيب أمور زواجهما في الشهر المقبل الشيء الذي كان يستوجب كل تركيزهما ، لكن فجأة تصاعد صوت كل واحد منهما يتهم الآخر أنه تأخر في إنجاز الجزء من المسؤولية الملقاة على عاتقه .
لم يعجبني ذلك ، لكنني لم أنبس ببنت شفة ، تفاديا لغضب أخي مني أنا أيضا ـ لكن ما أثار انتباهي هو أن ( ميمي) ــ وهو الاسم المصغر لخطيبة أخي ــ ، نفخت أوداجها كفيل ثائر ،وكانت في نفس الوقت تضغط على كفيها بأصابعها وكأنها ستوجه له لكمة ما .
حينئذ ، حاولت تهدئتها ، لكن في حركة متسارعة ،كان أخي ينتقل إلى الجهة الأخرى من الرصيف ،ربما ليتركها معي قليلا علني أستطيع أن أهدئها وأقنعها بالتريث والتركيز .
في تلك اللحظة بالضبط ، انزلقت رجله ، حتى أنني لم أدري كيف حصل ذلك .
وتسارعت عقارب الساعة فجأة ، ليقع على الأسفلت ولتدهسه تلك السيارة ذات السرعة الجنونية ..،
طبعا لم تتوقف ، بل لاذت بالفرار .
كنت فاغرة فمي ، أمام هول الموقف ، لا أعرف كيف أتصرف ...
وفي هنيهة ، انتبهت كمن استفاق من غيبوبة ، ألقيت بركبتي على الأرض إلى جانب أخي والدموع تسيل بصمت على وجهي ..
كان أخي يتأوه ويئن والدم يسيل من جبهته ويده .. بينما ( منية ) كانت تصرخ وتبكي ..
الحمد لله كانت خدوش بسيطة فقط على جبهته وكسر مفتوح في يده ..
طلبت الإسعاف بسرعة ..
وأخذنا ننتظر إلى أن حضرت السيارة فنقلوه إليها ، وانطلقوا بسرعة ..طبعا كنت أرافقه إلى المستشفى على متن تلك السيارة ..
وهناك تلقى عمر عناية الأطباء لكنني لم أتمكن من البقاء إلى جانبه والمبيت هناك معه ، فواتتني فكرة أن أشغل كاميرا هاتفه وأضعها في مكان لا يراها فيه أحد وقد وجهتها إلى السرير الذي ينام عليه .
لما عدت في صباح اليوم التالي بعد ليل مؤرق ، وجدته مستغرقا في النوم والوسادة على وجهه وليست تحت رأسه كما تركتها أمس ..
هرولت نحوه ، أبعدت الوسادة بسرعة خاطفة ..
كانت أنفاسه خافتة جدا ، وكأنه سيختنق ، ناولته القليل من الماء كنت قد وضعته قرب سريره في إحدى القنينات وأنا أنادي الممرضة بصوت عالي ، يشوبه الرعب والخوف ..
أخرجوني من الغرفة ، وعمدوا إلى تركيب جهاز التنفس الاصطناعي له ليتمكن من التنفس بصورة طبيعية ..
كنت أبكي بحرقة وبصوت عال وأنا ألوم نفسي لأنني لم أظل بجانبه ..
وفجأة تذكرت الهاتف فقفزت إلى داخل الغرفة وأسرعت إلى المكان الذي وضعته فيه ، كانت الكاميرا قد سجلت كل شيء..
إنها مذيعة التلفاز ، شيماء ، خطيبة أخي السابقة ، حاولت أن تخنقه بالوسادة ، محاولة أن توهم أن أخي حاول أن ينتحر بعد أن وضعت حول عنقه الشال (الإيشارب) الخاص به .
بعد التحقيق معها من طرف الضابطة القضائية ، تبين أنها كانت صاحبة السيارة التي صدمته بالأمس .