هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة حنان الهواري
  5. قمح أمي. ١

تنطوي ذاكرتي على كثير من ذكريات طفولتي، بعض صور باهتة وبعضها قد لونته ضحكاتي، أعلم أنها كانت ضحكات صادقة لم تمسها فرشاة الزيف.
رائعة هي الطفولة وإن كنت لم أحظ بها، إلا في سني عمري الأولى، أحيانا أقدح زناد فكري. ألملم بعض ذكرياتي؛ لتكون كمشكاه في بحر حياتي اللجي .
ها أنا أراني طفلة لم تتجاوز الخمس سنوات، أرسلتني أمي المريضة؛ لأبتاع لها كيلو من السكر، فلابد من كوب الشاي خاصة بعد العشاء هكذا اعتادت. أعادت على مسامعي نصائحها وأنا أهز رأسي مصغية .
الشمس في وسط السماء والطريق خال، إلا من رجل ينام بجوار حماره تحت شجرة التوت .مررت به ولم يشعر بي .
أتحنجل في مشيتي لا أعرف من علمني هذه المشية الغريبة. أقفز على قدم ثم الأخرى و أغني أي شئ يخطر ببالي.
كنا في قرية لا أذكر اسمها، حقول على جانب الطريق ومصرف ينمو على حوافه البوص. أشعر من قزامتي أنه كالطود العظيم..
تجوب عيناي الحقول. لم تكن المسافة طويلة في هذا الطريق الترابي. أرتدي فستانا زهريا محلى بكرانيش تطوق أسفله.
لم تسمح لي أمي بإرتدائه في الخروج إلا بعد أن مر عيدان
وصفت لي مكان البقال وبذلاقة لساني المعهودة قلت أنني أعرفه بدقة، وهذا ينافي الحقيقة.
أمر فوق كوبري خشبي أسفله مصرف صغير.
أعشق السمك ولذلك عيناي تبحث عن أي شئ يعوم أسفل قدمي الصغيرتين .
انتهى الطريق الخشبي دون أن أرى حتى ضفدعا، فالجو حار لابد أن تختبئ في مكان ما.
أرى من بعيد بعض الدكاكين .
أتلفت حولي، فهذا اول يوم أعبر وحدي وفي كل مرة أكون مع أمي أو أبي في زيارة لأحد أقاربنا .
لماذا لم تشر أمي على هذا الدكان؟ وتعرفني عليه في المرات الذي كنا فيه في هذا المكان. ولماذا لم أقل أنني لا أعرفه؟!
تمر فتاة تكبرني بأعوام. هذا ما ترجمه عقلي الصغير فهي أطول مني واكبر حجما كما يبدو عليها.
نحيلة بوجه قد أحرقته الشمس وضفيرتان باهتتان ربطت كل واحدة منهما بشريط قماشي .
تقدمت مني تعلو وجهها الباهت وشفتيها المتشققتين إبتسامة وقالت : إلى أين أنت ذاهبة؟
رفعت وجهي لأراها من أسفل فبدت كشجرة ليمون صغيرة بأوراق جافة
وقلت: لدكان عم عليوه البقال .
فربتت على كتفي وقالت:
تعالي أبتاع لك ما تريدين. هنا تنفست وأمسكت يدها.
فسأعود لأمي بالسكر
وبالفعل وصلنا إلى الدكان الذي يتوسط اثنين آخرين أحدهما يبيع الأسمدة وبذور المحاصيل لابد أن أبي يأخذ إحتياجات أرضنا الصغيرة من هنا .
بينما أتبين ماحولي لكزتني فانتبهت .
وضعت السكر بين يدي وأحاطت بيدها عنقي ومضينا.
وأنا أشعر بلذة الإنتصار . قبل أن نصل إلى الجسر الذي سأعبر منه متوجهة لبيتي. شهقت شهقة أفزعتني وكاد السكر أن يقع أرضا لولا أن احتضنته كما تفعل أمي معي .
تخيلت ماذا لو وقع مني وتناثر واختلط بالتراب؟
ستصرخ أمي في وجهي وهي تكيل لي الشتائم،
وقد تطلب مني أن أفصل حبات السكر عن التراب.
فقد أخبرتني أنا وأخوتي أن من يسرق بيضة سيعاقبه الله يوم القيامة بأن يمسك قشرتها ليفرغ بها ماء البحر وعندما ينتهي يملأه مرة أخرى وهكذا. فلا عجب لو فعلت ذلك .
وبينما أنا في فزعي وجدتها تنظر إلي قائلة:
أين فردة حلقك. تحسست أذني فوجدتهم فحمدت الله .
ونظرت إليها شذرا ولولا أنها تفوقني في الجسم لتركت السكر جانبا وأوسعتها ضربا.
فلو فقدت الحلق لكانت نهايتي التي أراها الآن وأنا تحت قدمي أمي . ضحكت البنت وهي تتحسس الحلق وتقول:
حلقك جميل وكنت أضحك معك ياهبلة .
تركتها وعدت إلى البيت سعيدة بهذا الإنجاز .
فأمي لديها بنتا رغم صغر سنها، قادرة على مساعدتها.
جلست على الأريكة الخشبية ووضعت رأسي في حجرها كما تعودت بينما تمددت ساقاي الصغيرتان؛ لتلامس عمودا خشبيا يتوسط بيتنا.
وبينماعيناي تغربان نحو النوم، سمعت لطمة خدها وهي تمسك بتلابيبي، بعد أن أزاحت صينية الأرز الجاف، الذي تنقي منه الطوب والزلط قبل أن تقوم بطهيه لنا.
وتسألني : أين الحلق يا موكوسة
قمت فزعة أجري إلى المرآة المكسورة النائمة على الحائط فوق فراش من طين .
أردد ومازلت في سكرة النوم الذي لم أعد منه كليا .
: مالي ومال هذا الحلق اليوم .
ولكن أين الحلق ؟! لا أعلم من أين جاء هذا السيل الحارق من الدموع. قف أمامها كفرخ قد سقط في إناء من ماء وقبل أن تزهق روحه أخرجوه؛ ليواجه الشمس .
قالت أمي وهي تنظر في عيني مباشرة : انطقي أين ذهبت وكيف ضاع ؟
تكور الكلام في فمي وصار مالحا وأنا أعود إلى تلك البنت المخادعة وقلت :
سرقته بنت الكلب ، سرقته.
في هذا الوقت كانت أمي ترتدي جلبابها الاسود وتضع طرحتها على رأسها ثم تجرني من يدي دون حتى أن تنظر إلي.
نسيت أن أخبركم عن أمي، لم تكن أمي امرأة عادية .
بل كانت رجلا في جسد امرأة، كنا نهابها أنا واخوتي بل إن الرجال كانوا يهابونها.
أتذكر يوما كنا في ماكينة الطحين وبعد أن انتهت أمي من طحن القمح
يتبع ........

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

3387 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع